أكاديمي أسباني يقدم تفسيرا عصريا لرموز حكاية حي بن يقظان عند ابن طفيل لندن - سوسن مصطفى - ثلاثة أشياء تعيق الانسان عن الوصول للتوحد بروح الخلق على ما قال فلاسفة العرب في مدارسهم الاشراقية أولها الظلم الذي يعمي البصيرة وثانيها النور الغزير الذي يبهر فيعيق الرؤية أما ثالثها على قول الغزالي وابن طفيل من بعده فالألفة التي تعيق الاختراق والنفاذ الى ماهوز ابعد من العادي فيبقى الانسان عند القشور دون النفوذ الى الجوهر .
وليست هذه المتابعة الوحيدة التي اقتفى فيها ابن طفيل الامام الغزالي فهناك من يعتقد من دارسي الفكر الاسلامي ان أبن طفيل في رائعته اشهيرة حي بن يقظان كان متأثرا بكتاب نادر للغزالي هو ( المضنون به على غير أهله ) ومن هؤلاء الأكاديمي الاسباني اميليو تور ينو الذي أعاد حي بن يقظان الى الواجهة بدراسة قيمة عن الاشراقيين المسلمين لاحظ فيها أن ابن طفيل حاول اثبا ت اخلاصه لتلك المدرسة الفكرية منذ البداية أثناء حديثه في الفصل الاول من حي بن يقظان عن ابن سينا وابسال وسلامان ليصل بعدهذلك الى تحليل فكر السهروردي عن الاتحاد ووحدة الوجود . ولم تكن مرجعية ابن طفيل المدرسة الاشراقية وحدها فهو ومنذ المقدمة يعطي العقلانيين حقهم بالوقوف عند ابن رشد كمدخل لموضوعته الاساسية وهي التوفيق بين العقل والحدس وبين الفلسفة والدين وتلك مسألة كانت الشغل الشاغل لابن طفيل وابن رشد وابن باجة وجميع الفلاسفة المسلمين ويعتقد اميليو تورينو ان ابن طفيل كانت تشغله فكرة ذاتية التناسل لذا اختار جزيرة معزولة لحي بن يقظان ليشير الى ان الفهم الحقيقي يتشكل حين يعمل العقل بعيدا عن الضغوط وهو في هذا التوجه يخالف ما ذهب اليه الدكتور صفوت عبدالله الخطيب في كتاب الاصول الروائية في رسالة حي بن يقظان حيث يربط اختيار المكان بالخرافة عن طريق سند موهوم فيقول (وهذا بمقتضى طبيعة الموضوع الذي ارتضاه هيكلاً لغرضه ـ فإن ابن طفيل يحرص على أن يهبه سمت الواقع من خلال ذكر السند التاريخي في التسمية ، ومن خلال التحديد الجغرافي للمكان فيقول " ذكر سلفنا الصالح ـ رضي الله عنهم ـ أن جزيرة من جزر الهند التي تحت خط الاستواء وهي الجزيرة التي يتولد بها الإنسان من غير أم ولا أب ، وبها شجر يثمر نساء ، وهي التي ذكر المسعودي أنها جزيرة الوقواق " ، إن محاولة التقريب بين الخرافة والواقع مطلب يعنيه ابن طفيل ويقصد إليه قصداً ، وليس الأمر مجرد اتفاق أدت إليه المصادفة . كما أن ارتباط المكان بهاجس العلاقة بين الخالق والمخلوق في ذهن ابن طفيل ، جعل الأماكن الرئيسية عنده تتنوع بين ثلاث جزر ؛ جزيرتين بشكل حياتي مألوف في مقابلة جزيرة واحدة بشكل حياتي خارق للمألوف ) أما الظبية التي ارضعت الكائن البشري الذي عاش طفولته بين الحيوانات في الجزيرة فكان يجب ان تموت ليبدأ الكائن بداية جديدة في البحث عن الحقيقة الضائعة في ركام المألوف
سوسن مصطفى