Translation

Exchange Rates

יוני 14, 2022


דולר ארה"ב 3.446 0.17%
אירו 3.594 -0.13%
דינר ירדני 4.860 0.17%
ליש"ט 4.172 -0.51%
פרנק שוויצרי 3.466 0.12%
100 ין יפני 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

تغييب المبادئ... تصنيفات غريبة... ليس إلا زمن عبور مؤقت

מערכת, 31/12/2009

كلما كانت تصل إلى طريق مسدود في التفاهم والانسجام مع من حولها، تجلس مع ذاتها لتراجع المشاهد والأفعال والتصرفات التي صدرت عنها وعنهم بهدف الحصول على تفسير منطقي للحالة التي وصلت إليها. تساعدها هذه الطريقة كثيرا في الوصول إلى تسوية أو صيغة من شأنها أن تعيدها إلى الطريق الذي يسيرون عليه برغبة وقناعة أحيانا، وبإكراه في أحيان أخرى. ولكن هذه المرة موضوعها أكبر من أن يعالج بهذه الطريقة أو بغيرها من الطرق، قناعة عاشتها على أنها بديهية يدركها الجميع كإدراكهم للون الشجر والبحر وحركة الأرض والعمليات الحسابية... الخ من الحقائق المطلقة، تنقلب بشكل واضح وصريح وبتسارع مخيف، فيصبح كل من آمن بها كالواقف على بضع عصي خشبية في منتصف البحر، بعد أن كان يبحر في سفينة كبيرة ومتينة. فمنذ أن أصبحت قادرة على التحليل والتصنيف والفهم، أدركت أن البشر مجموعة كبيرة مفردها إنسان له عقل يفكر به ومشاعر يحسها، يختلف أفراد هذه المجموعة بالشكل والمضمون اختلافا كبيرا، إلا أنهم يجتمعون في إدراك موحد للصحة والخطأ، الجيد والسيئ، الحق والباطل، العدل والظلم، فكلها مبادئ ثابتة يمكن أن تغيب عن النظر في بعض الأحيان ولكنها كالمنارة يراها الجميع وتلقي بضوئها على الجميع وخاصة على التائهين منهم. ويتميز أفراد هذه المجموعة عن بعضهم البعض بالإمكانيات التي يمتلكونها والإنجازات التي يقومون بها لتعود بالنفع والتطوير على المجموعة كاملة،بأساليب التعامل والتواصل، بالإبداعات والفن والجديد. بعض أفراد هذه المجموعة ضلوا طريقهم وانحرفوا لأسباب عدة فدمروا وقتلوا وقهروا وظلموا... إلا أنهم قلة والكل يعتبرهم طفرة تظهر في كل زمن بشكل وأسلوب مختلف وتجد الأكثرية طريقة في كل مرة لإيقافهم ( ثورة، انقلاب، نفي، عقاب...الخ). كانت تصنف نفسها من هذه الأكثرية،فهذه المبادئ هي المرجعية الرئيسية لها في كل قرار أو فعل، تحاول دائما العمل بها مع من حولها وتطبيقها في التعامل والتواصل والتفكير، مع بعض الأخطاء أحيانا التي تدفعها دائما إلى إعادة ترتيب أوراقها من فترة إلى أخرى والنظر إلى الأمور من زوايا أوسع وأكثر شمولية. ظلت صديقتنا فترة طويلة مؤمنة بهذا النهج المنطقي في التصنيف إلى أن بدأت تواجه تصنيفات عالمية غريبة مثل المنطقة الجغرافية التي تنتمي لها والعرق الذي تنحدر منه: إنها من منطقة الشرق الأوسط وعرقها عربي، وهذا من شأنه أن يخفض من درجات تصنيفها، ولكنها لم تتأثر بهذا التصنيف المتدني عالميا فهي ما زالت ضمن مجموعة كبيرة نوعا ما. ثم بدأت مرحلة التصنيفات المحلية انطلاقا من التصنيف الطائفي الذي ظهر تأثيره بشكل متدرج إلى أن أدركت أنها بهذا التصنيف قد أصبحت منتمية إلى مجموعة قليلة ولكنها حاولت تجاوز الموضوع إلى حد ما عن طريق تعميم الأمور ونسيانها في معظم الأحيان، بعدها جاء التصنيف الجنسي" فتاة" بنفس الأسلوب السابق، سارقا منها الكثير من الحقوق والأهمية والآمال وأصبحت من مجموعة قليلة جدا وتصنيف يتدنى أكثر فأكثر، بالإضافة إلى التصنيفات الطبقية والشكلية، تصنيفات النسب واللهجة... ومع ذلك بقيت تعتبر نفسها خارج كل هذه الترتيبات المسبقة التي لم يكن لها أي تدخل أو جهد فيها. ولكنها مع كل ما تحمل من أفكار عن الحرية والتحرر والاستقلالية، عن الحياة والحب والعدل، عن المبادئ الراسخة في التعامل والتي لا يمكن أن تغيرها بأي شكل من الأشكال لأن أي تغيير سيؤدي إلى انهيار وغياب كامل، وكلمة تغيير غير واردة بالأصل في موضوع من هذا النوع ومع عنصر المبدأ بشكل خاص. مع كل هذا التمسك أصبحت تصنف بالإنسان الخيالي مع نزعة إلى المثالية، إلى عالم غير موجود إلا في رأسها، وبهذا التصنيف أصبحت من الأقلية الذين انحرفوا وضلوا الطريق لأسباب عدة فتاهوا وتشردوا وابتعدوا عن الواقع وسكنوا الخيال إلا أنهم قلة والكل يعتبرهم طفرة تظهر في كل زمن بشكل وأسلوب مختلف وتجد الأكثرية طريقة في كل مرة لإيقافهم. أصبح كل من يملك قضية يدافع ويناضل من أجلها، كل من يتحدث عن المبادئ والأخلاق، شخص غريب الأطوار، إنسان غير عصري، حالم، غير قادر على التأقلم، بل هو موضع سخرية واستهزاء في كثير من الأحيان. إلى أين وصلنا، وأين نحن ذاهبون؟و من اخترع كل هذه التصنيفات التي أوصلتنا إلى عكس الواقع والحقائق بهذا التسلسل الخطير، وهل فعلا سنخضع ونقف صامتين أمام كل هذه التصنيفات المرعبة والتي ليس لها الا أن تحد من قدراتنا وآمالنا وترمينا في صمت ثقيل إلى أن نصبح بلا قرار أو دراية لأي شيء يحصل من حولنا؟ أن نصبح أمواتا في خضم الحياة، ليس لنا أن نتحرك أو نفكر إلا بإشارة أو أمر مجهول المصدر والغاية، هو أمر مرفوض، نحن ولو كنا بتصنيفات اليوم أقلية سنتحرك وفقا لمبادئنا التي كانت يوما ما مبادئ الجميع وسنسعى إلى إعادة الموازين إلى وضعها الطبيعي والى تثبيت الحقائق بكل الوسائل الممكنة وغير الممكنة. وذلك الذي يريد أن يبقى عائما يقلب ما يريد ويحذف أو يضيف ما يريد، سينتهي يوما ما زمن عبوره المؤقت. أيها المارون بين الكلمات العابرة كالغبار المر مروا أينما شئتم ولكن لا تمروا بيننا كالحشرات الطائرة خلنا في أرضنا ما نعمل و لنا قمح نربيه ونسقيه ندى أجسادنا و لنا ما ليس يرضيكم هنا حجر.. أو خجل فخذوا الماضي، إذا شئتم إلى سوق التحف و أعيدوا الهيكل العظمي للهدهد، إن شئتم على صحن خزف لنا ما ليس يرضيكم، لنا المستقبل ولنا في أرضنا ما نعمل (محمود درويش)


نسرين حبيب ، (تغييب المبادئ... تصنيفات غريبة... ليس إلا زمن عبور مؤقت) خاص نساء سورية