Translation

Exchange Rates

יוני 14, 2022


דולר ארה"ב 3.446 0.17%
אירו 3.594 -0.13%
דינר ירדני 4.860 0.17%
ליש"ט 4.172 -0.51%
פרנק שוויצרי 3.466 0.12%
100 ין יפני 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

أحداث شفاعمرو: اليد يد عيسو والصوت صوت يعقوب!!...

מערכת, 21/7/2009

بقلم الياس جبور جبور

إن ما حدث في شفاعمرو من أحداث مؤسفة ومخجلة، تحز في نفس كل إنسان حر ومخلص وشريف في هذه البلاد، قد هزت بلدتنا ومعها كل الجماهير العربية من الأعماق... إن ما حدث في شفاعمرو يحز في نفس كل عربي أبي وفي نفس كل أخ درزي من أبناء الطائفة الدرزية الكريمة، ذات العادات العربية الأصيلة، ليس في شفاعمرو وحدها بل في الجليل والكرمل وحتى في سوريا ولبنان والجولان وفي كل مكان... وكما في كل محنة، وكذلك في هذه المحنة، وقفت شفاعمرو، بلدية وبلدا، وقفة رجل واحد، وإن مئات بل آلاف الإخوة والأصدقاء من أهل بلدي عموما، وخاصة من بني معروف، ومن أبناء شعبنا العربي من أقصى الشمال وحتى أقصى الجنوب جاؤوا، مشكورين، من كل حدب وصوب، ليقفوا مع أهل شفاعمرو، الذين هم أهلهم، وأبدوا تعاطفهم القلبي الصادق وعبروا عن امتعاضهم ورفضهم وشجبهم لما جرى بكل صدق وأمانة وإخلاص كان له أكبر الوقع في نفسي وأعمق الأثر في قلبي... ولا زلت متأثرا بما أحاطوني به من تضامن وشعور أخوي... لقد أصبح واضحا وجليا أن هذه المؤامرة ضد هذه الشريحة المسيحية الأصيلة من أبناء شعبنا العربي في هذه البلاد هي مؤامرة "عليا" مبيتة بامتياز... لقد أصبحت ظاهرة واضحة وبادية للعيان حتى ولو حدثت في جنح الظلام... لقد أدرك الأعمى بشاعتها ونظر إلى فظاعتها وخطورتها ولم تعد تخفى على أحد!!... إن هذه المؤامرة المريبة والرهيبة التي تشكل خطرا على وحدة شعبنا كله وتهدد وجودنا كشعب، أخذت تتكرر وتعود على نفسها في أكثر من بلد... إن تكرار نفس النمط في أكثر من مكان مؤشر فاضح ودليل واضح ليجعلنا ندرك ما الذي حصل وحقيقة ما جرى... "مجموعات"، لا ندري من أين أتت ومن أتى بها، تعتدي على المواطنين الأبرياء تحت مرأى ومسمع من قوات الشرطة، المسؤولة الرسمية عن حفظ الأمن والنظام، دون أن تحرك ساكنا، مما يثير فينا الكثير من الشكوك وتطرح مئات الأسئلة وآلاف علامات الاستفهام... ولا بد لكل ذي عقل أن يسأل من الذي دبرها ومن الذي نفذها ومن الذي أرسلها وغطى عليها وحماها؟!!... الكل يعلم بأنه عندما جرى الاعتداء على أهلنا في المغار، كان وزير الشرطة في حينه متواجدا في المكان واقفا مع "قواته" يتفرج على ما يجري من حرق وتدمير لبيوت الناس الأبرياء!!... وهذا المسؤول "الرفيع" لم يفعل ما كان يجب على الشرطة، أية شرطة، أن تفعله حتى في أكثر الدول المتخلفة في العالم!!... بينما وقف الشيوخ الأفاضل وعلى رأسهم الشيخ موفق طريف وعلى قارعة الطريق، يردون المعتدين وحتى ساعات الليل المتأخرة وفي البرد الشديد!!... لقد جرت وتكررت هذه الأحداث المؤسفة في العديد من القرى العربية الوادعة التي عاشت أجيالا مع بعضها البعض بسلام ووئام!!... حتى امتدت إلى شفاعمرو، بلد التعايش والوحدة الحقيقية السائدة منذ مئات السنين... وفي هذه المرة أيضا حاولوا إعادة الكرة والاعتداء على السلم الأهلي لزعزعة هذا البلد الآمن الأمين الذي لا يتزعزع!!... يا للعجب!! ما معنى أن تحدث مثل هذه الأمور المخجلة وتتكرر وبالذات في هذه الأيام التي يسودها الرخاء والإخاء بين الناس؟!...
وبدأت خيوط المؤامرة تتكشف وتتضح معالمها شيئا وشيئا وتشير إلى الفاعل المتستر وراء قناع الطائفية البغيضة وتدل عليه بكل وضوح وان كانت هذه الحقيقة قد تكشفت لنا ولكثيرين من العقلاء من قبل... اليد يد عيسو والصوت صوت يعقوب!!... لقد تركوا الأهل والأخوة والجيران، الذين عاشوا معا دهورا، يتقاتلون كما لم يجر في أي زمان حتى في عصور الجهل والتأخر والظلام وكأننا لسنا في القرن الواحد والعشرين عصر العلم والنور، وألقوا بالتهمة على "الدروز"!! ثم نفضوا عن أنفسهم غبار المسؤولية ولبسوا ثوب البراءة!!... إنهم بذلك أساؤوا أول ما أساؤوا لإخوتنا الدروز ولأخلاقياتهم!!... والسؤال حتى متى تبقى هذه الأعمال المنكرة والمستنكرة تعصف في قرانا لتهدد عيشنا المشترك؟!... إننا كنا في شفاعمرو، ومعنا كل أصدقائنا وأهلنا في كل قرية ومدينة عربية أخرى في هذه البلاد آخر من توقع أن يقع ما وقع في بلدنا العزيز، بلد التعايش وقلعة الإخوة والإخاء والصمود التاريخي على مدى مئات السنين... وان كنا نعلم أنها مستهدفة ولكننا اعتقدنا خاطئين أنها محصنة!!... وكان يجب أن نعلم أن هذه الرؤوس "المدبرة" بما تملك من نوايا سيئة وهذه الأيدي الخفية وما تملك من وسائل شريرة تستطيع أن تصل إلينا جميعا وفي كل مكان!!... لا زلنا جميعا في هذه البلدة من مسلمين ومسيحيين ودروز مشدوهين ومصدومين من هول ما حدث وحتى هذه اللحظة لا نكاد نصدق أن ما جرى قد جرى!!... إن ما جرى يخرج عن نطاق المنطق والمعقول والمقبول والمألوف... مما يجعلنا ومعنا كل إنسان عاقل في هذه البلاد وخارجها أن نسأل أنفسنا ونتساءل ماذا جرى ولماذا جرى وكيف يمكن أن يجري لولا أن هناك من هو أكبر مما جرى يقف وراء ما جرى؟!!... هل يعقل أن تقوم حفنة من الصبية الصغار، أيا كانوا، أن يتمكنوا من حرق بلد التعايش والمحبة والتآخي والسلام بهذه السهولة؟!... هل لعاقل أن يصدق هذا الكلام الرخيص والسخيف؟!... أم انه كلام يقال ليصرفوا عقولنا وتفكيرنا عن حقيقة الأيدي الشريرة والخبيثة التي خططت وأرادت وتريد أن تعبث بنا جميعا تحت غطاء "شجار أطفال" أدى إلى "شجار طائفي"!!... لقد شاهدت في حياتي عشرات الشجارات والخصومات من كل الأنواع والأصناف وفي الأيام العصيبة، ولم نحرق بعضنا بعضا... حتى الأعداء لم يحرقوا بعضهم بعضا فكيف بالأصدقاء؟!!... ولا زال من يعيش في هذه البلدة من كبار السن، أطال الله في أعمارهم، من يعرف تاريخا آخر مغايرا كلية لما جرى... كنا ندافع عن بعضنا البعض!!... "نفزع" لبعض وليس على بعض... وللذين يذكرون يوم قام وهبّ العم المرحوم الشيخ أبو السلمان محمد السلمان ومعه المرحوم الشيخ أبو نايف حسين عليان، جيراننا الأعزاء، منقضين بأجسادهم، مخاطرين بأنفسهم، على الذين هاجموا والدي... كانوا يطلقون الرصاص عليهم ويصيحون بأعلى أصواتهم وفي أديم الليل "عند عيونك يا أبو الياس"!!.. كيف أنسى وكيف يريدوننا أن ننسى هذا الماضي المجيد وهذا التاريخ العريق!!... كيف يريدوننا أن نصدق أن أمثال هؤلاء الجيران الطيبين المخلصين وأولادهم وأحفادهم هم من قاموا بالهجوم اليوم على أهلهم وإخوانهم وجيرانهم الذين لا زالوا يتفاخرون بهذه المآثر حتى يوم أمس يوم توفي المرحوم الشيخ أبو أحمد كامل السلمان ابن المرحوم الشيخ محمد السلمان... كلا... لا ولن نصدق!!... ولربما يقول البعض "كانت أيام" وأنا أقول كانت ولا زالت وستبقى!!... ما الذي تغير ومن الذي غيّره؟!... إن الذي تغير هو "المحرّك" ومن غيرّه هي تلك الأيدي الآثمة التي تحركه في الخفاء... إن الذي تغير هو "المحوّل" الذي كان في الماضي يحوّل الشر إلى خير واليوم يحوّل الخير إلى شر!!...
إنني أقول وكابن لهذه البلدة العزيزة وكمن عاش فيها وعاش قبلي أبائي وأجدادي مع كل عائلات البلدة كعائلة واحدة تربطنا أقوى وأعمق آيات الصداقة والمحبة والاحترام، عشنا متجاورين تجمعنا أجمل علاقات الجيرة الحسنة منذ أن وجدنا في هذه البلدة... وعلى ضوء هذه الحقيقية والواقع، وبدون مجاراة لأحد، أجد من الصعب علي اعتبار ما حدث كأنه صراع بين طائفتين والاكتفاء بوصف ما جرى وكأنه "صراع طائفي"!!... انه أبعد من ذلك بكثير... إن لهذه البلدة تاريخ مشرف يحتوي على الكثير من المآثر والمفاخر نشرت قسما منه وسوف أنشر القسم الباقي لأعرف أولاد بلدي أولا ولأعرف الداني والقاصي به... إن البلد الذي استطاع أجداده أن يقسّموا أراضيهم الثمينة والغالية بينهم بالتساوي والتراضي وبواسطة "الحبل" وليس عن طريق علم "المساحة"!! ولم يختلفوا، لا يمكن أن يختلفوا اليوم من أجل ترهات وصغائر لا يليق بنا أن نذكرها!!... شفاعمرو بكل طوائفها عاشت كل هذه السنين متآخية متحابة... لقد شاركنا بعضنا لقمة العيش وشاركنا بعضنا بالأفراح والأتراح وسنبقى نشارك بعضنا... صداقات وعلاقات تاريخية عميقة الجذور ورثناها عن آبائنا وأجدادنا، عادات وتقاليد جميلة أصيلة كنا ولا زلنا نعتز ونتفاخر بها أمام الجميع... كانت شفاعمرو عن حق وحقيق، وستبقى، مضرب مثل لكل قرانا العربية ولمجتمعنا العربي بأسره ونموذجا للتعايش الأخوي نتباهى ونتفاخر به... لا أعتقد أن أحدا منا، كائنا من كان، يقبل أن يفرط بهذا التراث الثمين بهذه السهولة مهما كانت المشاكل والأسباب... ما الذي حدث؟!... إنني قلتها في كل مناسبة وسوف أبقى أقولها وخصوصا بعد كل ما حدث وأنا أعني ما أقول بأن هناك من يحاول أن يطمس هذا التاريخ المجيد ويستبدله، وأنا أعلم أن هناك أيد خفية تعبث في الظلام تريد أن تمحو هذه المعالم الناصعة البياض!!... وأنا أقول لهؤلاء لن تستطيعوا أن تمحوا التاريخ لان التاريخ لا يمحى... إن القلعة التي صمدت آلاف السنين رغم كل ما مر عليها من عواصف وأعاصير لا تزال واقفة راسخة شامخة وستبقى لأجيال وأجيال... كيف يثور كل هذا الغبار القاتم... كيف تتلبد هذه الغمامة السوداء في سماء شفاعمرو الصافية الزرقاء ولا أحد يسأل كيف ثار هذا الغبار ومن أثاره وكيف تكونت هذه الغيوم ومن كونها... إنها لم تتكون لوحدها... وقد يقول قائل أنه كانت هناك مشاكل، وكأنهم اكتشفوا أمريكا، وكأنه لم تكن هناك مشاكل منذ فجر التاريخ وحتى هذا اليوم!َ!... وقد قلتها من قبل وأسمعت الصغير قبل الكبير أن شفاعمرو عانت في الماضي من قلاقل ومشاكل أشد وأقسى وأمر وأدهى، يضيق المجال عن ذكرها، وخرجت منها كلها سالمة غانمة، وستخرج اليوم أيضا، بفضل حكمة وحنكة شيوخها الأفاضل وعقلائها الأجلاء وبفضل محبة أهلها لبلدهم ولبعضهم البعض، والذين ارسوا قواعد هذه المحبة وتركوها لنا تراثا عظيما وهناك من كبار السن الذين لا زالوا أحياء، أطال الله في أعمارهم، يذكرون ذلك... يذكرون يوم وقف المرحوم الشيخ أبو حسن صالح خنيفس في أكبر صلحة جرت في شفاعمرو أمام أكبر وفد من زعماء الجبل وأمرائه ومشايخه ومن كبار زعماء فلسطين مصالحا مسامحا يرد الديّة إلى أصحابها ومطالبا "بعدم قتل العربي لأخيه العربي وبعدم الاعتداء عليه"... أنني أعرف تاريخا آخر لشفاعمرو، تاريخ من نوع آخر غير هذا الذي يحاولون فرضه علينا اليوم، يوم وقف المرحوم أبو حمادة محمد حمادة يرد بكرمه الحاتمي، المتدفقين على شفاعمرو، غداة مقتل صالح أفندي المحمد حاجبا عن البلدة شرا مستطيرا!!... ويوم هب المرحوم الشيخ أسعد كنج أبو صالح عام 1948 ومعه ثلة من رجاله الأشاوس وعلى رأسهم أنجاله الكرام الشيخ كمال كنج والشيخ أبو أسعد فؤاد وقد جاؤوا من أعالي الجولان وهم يهتفون: "لبيك يا شفاعمرو"... لن نسمح لهذه الصفحة السوداء أن تشوّه سجل تاريخنا المشرف، وسوف نمحوها بإذن الله، بتعاون كل الناس الشرفاء من أهل شفاعمرو بكل طوائفها وانتماءاتها وفئاتها، عملا بالحكمة القائلة "اليوم الفاين ما ينذكر"... كان شعارنا في شفاعمرو ولا يزال: "إن المشاكل لا تبيت ليلتها"... وكان هناك قول يردده من هم أكبر منا سنا: "إن شيطان شفاعمرو قصير"!!... وكان هناك من كان يرد عليهم قائلا: "لا بل سنخسفه"!!.... إن شفاعمرو كانت ولا تزال مستهدفة لأسباب عدة لا تخفى على أي عاقل... ولكن المخلصين من أهلها بكل أطيافهم والذين يحبون بلدهم حبا جما لم ولن يسمحوا أن يلحق بها أي أذى... ولقد بدأ تنفيذ المؤامرة الكبرى فعليا يوم أرسلوا لنا مجرما ليقتل أبناء شفاعمرو الأبرياء بدم بارد... كانت محاولة اعتداء على البلدة بأسرها... إذ كان الخبر الرسمي الأول، والذي أذاعته محطات الإذاعة، وافتتحته وسائل الإعلام بكلمات تحريضية مغرضة لزرع بذور الشقاق ولا يزال يذكره الكثيرون: "جندي درزي....!!" ولكن سرعان ما تبين الفاعل الحقيقي وفضح مؤامرتهم... وقد فوتنا هذه الفرصة عليهم عندما التفت هذه البلدة بجموعها، ووقفت بدروزها ومسلميها ومسيحييها وحمت الباقين من إخوانهم بأجسادهم ولا يزال الغضب من جراء هذا الاعتداء يعتمل في قلوب كل الشفاعمريين دون استثناء... الهدف هناك أهداف ومرام عديدة تستهدف العرب جميعا وتهدف ضرب وحدتهم الوطنية بغض النظر عن طوائفهم ومن ضمنها ضرب وحدة شفاعمرو الرائعة وتفكيكها وتفسيخها وتقسيم البلدة إلى فئات متناحرة وتركها تقتل بعضها بعضا... النيل من مكانتها المميزة والخاصة، كقلعة للإخاء والصمود لضرب الآخرين من خلالها... إنها ضربة لنا جميعا كما أنها ضربة لكل إخواننا الدروز الشرفاء... إن هذا الاعتداء هو اعتداء على قيمنا وأخلاقنا العربية كلها!!... أقولها وبكل وضوح أن هذا التكاتف وهذا التلاحم بين أبناء البلد الواحد وبين أبناء الشعب الواحد لا يروق لمن لا يروق لهم أن يروننا متفقين... لم يعجب من لا تعجبهم وحدة هذه البلدة، بل يخططون ويعملون على تمزيقها ليسهل عليهم قيادتها.... يغذون طرفا ضد آخر ويشحنون فئة ضد أخرى ويشيعون الفتن بينها... وسوف لن ينجحوا، بإذن الله، وبفضل وعي أهلها وتمسكهم ومحبتهم لبلدهم ولبعضهم البعض وبفضل كل أهل الخير والخيرين في هذه الدنيا... إن ما جرى في شفاعمرو وغيرها من القرى هو استمرار لمؤامرة سافرة لسلخ الطائفة المسيحية، هذه الشريحة الأساس، الأصلية والأصيلة، عن أختها الطائفة الدرزية وعن غيرها من بقية الطوائف وبالتالي تهجيرها، وقد كادوا أن ينجحوا، وهم يذيعون الخبر ليل نهار ويبثون العنوان بلغة التفرقة العنصرية البغيضة (الدروز والمسيحيين!!)... وقد عبئوا بها رؤوس بعض الشباب وغذوا فيهم عن طريق ذلك روح الكراهية والعداء لغيرهم من أبناء شعبهم لحرف غضبهم وصرف نظرهم عن العوامل والمشاكل الحادة التي يعانون منها، والتي لا تخفى على أحد، بدلا من إيجاد الحلول لها... ولكنهم لا يعلمون ولربما لا يريدون أن يعلموا أن هذه رابطة تاريخية وثيقة لا تنفصم عراها توجّها في فلسطين المطران الحجار، مطران العرب، والمرحوم والدي اللذان كانت تربطهما علاقات صداقة وطيدة مع المرحوم الشيخ أبو يوسف أمين طريف ومع والده من قبله المرحوم الشيخ طريف ومع الطائفة الدرزية بأسرها... أين هو هذا "الاقتتال" بين "الدروز والمسيحيين" الذي يتحدثون عنه؟!!... هل هي تلك الخلافات "المفتعلة" بين فئتين قليلتين من الشباب لأسباب تافهة، وللأسف كثيرا ما تحدث بين أبناء الطائفة الواحدة... وما تلك الرسومات البذيئة والمسيئة التي نأسف لها وكنا أول من استنكرها لأنها تسيء إلينا جميعا، والتي اختلقها من اختلقها لصب النار على الزيت، لأكبر دليل على ما تقدم وخصوصا بعد أن بان مصدرها!!... يا ليتهم يأتون إلينا ليروا بأم أعينهم ويسمعوا بأذنيهم كيف استنكرت الطائفة الدرزية الشريفة بأسرها وعلى رأسها شيخها المبجل الشيخ موفق طريف وسائر المشايخ الأجلاء من كل البلاد ومعهم كل الجماهير العربية، إلاّ هم، هذا الاعتداء السافر على المواطنين المسالمين، والكل يعلم علم اليقين أن ما جرى لم يكن بين "الدروز والمسيحيين"!!... إن ما جرى في شفاعمرو جريمة كبرى بحق كل أهلها وبحق مجتمعنا العربي بأسره، ارتكبها من ارتكبها عن عمد وسبق إصرار لتعكير الأجواء التي كانت سائدة، دون أن تحرك قوات "شرطة حفظ الأمن والنظام" ساكنا لمنعها!!... وأنا كمواطن وكانسان جرى الاعتداء على بيتي، وعلى غيري من الأبرياء، وعلى مرأى ومسمع من رجال الشرطة وحرس الحدود!!... أريد أن أعرف لماذا لم تهب الشرطة لنجدتنا ونحن على الهاتف نستغيث!!... ولنجدة كل المواطنين الأبرياء الذين تركوهم يواجهون الاعتداء لوحدهم عاجزين، لا حول لهم ولا طول، وبدون معين ومنهم العجزة والمقعدين؟!!... لماذا تركوا البيوت تحترق بمن فيها!!؟... لماذا لم تأت سيارات الاطفائية لإطفاء الحرائق رغم نداءاتنا المتكررة...!! لماذا كان يجب أن يهب جيراني وإخواني الدروز من آل عليان الكرام، مشكورين، وأنا أعرف أن هذا هو واجبهم تجاه جيرانهم وأنا أعرف أنهم عملوا بحسب ما تربوا عليه من شيم معروفية سامية بحفظ الإخوان والجيران، مقدرا لهم هذه النخوة وهذه الأريحية، ورغم كل ذلك يبقى السؤال الذي يطرح نفسه وبكل شدة وإلحاح لماذا لم تأت الشرطة المسؤولة الأولى والأخيرة عن سلامة المواطنين؟ وقد كانت تتواجد وبقوات مكثفة على بعد بضعة أمتار مني؟!... أعتقد أن هذا سؤال شرعي وحق مشروع لكل مواطن لا بل لكل إنسان في هذه الدنيا... العبرة إن أعظم عبرة لما حدث في شفاعمرو هو ذلك الموقف الجماعي الشاجب المستنكر لهذا العمل ومظاهر الوحدة الوطنية التي تجلت بأروع صورها، بتقاطر هذه الوفود الكريمة من أبناء شعبنا كله على اختلاف انتماءاتهم وطوائفهم من رؤساء روحيين وأعضاء كنيست محترمين من مختلف الأحزاب والأطياف وقادة سياسيين وعلى رأسهم رئيس وأعضاء لجنة المتابعة العليا وغيرهم كثيرين من رجالات المجتمع، من الجولان حتى النقب، إلى هذه البلدة والى هذا البيت، والذي يعتبر بيتا لشفاعمرو كلها ولشعبنا العربي كله، ولغيره من البيوت، هذا الموقف الذي جاء بعكس ما توخته الأيدي التي تتحرك في الظلام!!... إن هذه الوحدة الرائعة تؤكد للجميع بأنهم سوف يفشلون حتما لأن العلاقات التاريخية العميقة الضاربة جذورها في بطن هذه الأرض، وفي أعماق هذا البلد الطيب، أقوى من أن تهزها كل هذه الزوابع مهما كانت عاتية ولن تقوى على قلعها كل قوى الأرض مهما بلغت حدتها وشدتها!!... ولكن لا يجب أن نركن إلى ذلك لأن المتآمر علينا لا ينام... آن لنا أن ننتبه جيدا ونفتح أعيننا وآذاننا وعقولنا ونشبك أيدينا بأيدي بعض لصد وإفشال كل محاولاته لتفرقتنا وقبل أن تمتد أيديهم إلينا ويستفردون بنا واحدا واحدا، لأننا مستهدفون جميعا... ستبقى شفاعمرو واحدة موحدة بأهلها وبرجالاتها وبعائلاتها جميعا، وبعقلائها وهم كثر، وسوف تمر هذه السحابة العابرة كما مر غيرها وسنبقى متعايشين معا متجاورين، رغم كل ما جرى والى الأبد ولن نفرط بهذه الأمانة الغالية يوم تسلمنا هذه البلاد من آبائنا وأجدادنا العظام ووضعوها في أعناقنا أمانة وسنحافظ عليها بإذن الله رغم كيد الكائدين... وكلي أمل أن تتحطم كل محاولاتهم على صخرة شفاعمرو الصماء التي لا يخترقها رصاص ولا تقوى على حرقها نيران...
ولكننا سنبقى نسأل ونتساءل، ومن حقنا أن نسأل، ولمصلحة الجميع، ونريد أن نعرف أيضا، لماذا لم تقم الشرطة بواجبها تجاه هذه البلدة وسكانها ولا تجاه غيرها من القرى؟!... ولماذا لم تمنع ما جرى وقد كان بإمكانها ذلك لو أرادت؟!... وسيبقى هذا السؤال مرفوعا في وجه العدالة وفي وجه كل من له ضمير حي في هذه البلاد وفي العالم!!...

(شفاعمرو)