Translation

Exchange Rates

יוני 14, 2022


דולר ארה"ב 3.446 0.17%
אירו 3.594 -0.13%
דינר ירדני 4.860 0.17%
ליש"ט 4.172 -0.51%
פרנק שוויצרי 3.466 0.12%
100 ין יפני 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

رائحة الورق النتنة - لؤي وتد

מערכת, 9/2/2014

لم ،لا ولن ألقي الذنب على أحد. كل فرد اختار قراءة هذه المقالة بالضرورة واع لما يعانيه مجتمعنا من.. من....

فكرت طويلاً ولكنني لم - وعلى ما يبدو لن - أجد كلمات تتمكن من التعبير عن مغزى كلامي بهذا السياق. ولذلك في كلامي سأتخصص وأتمحور حول غصن واحد أو فرع غصن في شجرة "ما يعانيه مجتمعنا"، وهو فرع القراءة.

كثيراً ما نسمع في هذه الأيام مقولة "أمة أقرأ لا تقرأ". وهي من المقولات المعدودة الغير قابلة للنقاش فسؤال "نوافقها أو لا" هو سؤال استنكاري جوابه واضح للجميع، وفي هذه النقطة تتمحور تساؤلاتي. لنفتح للحظة – بالرغم من السخرية* في حديثنا عن قلة القراءة- كتب التاريخ وننظر بمنظار الموضوعية على متغير تاريخ العظماء وتاريخ الثورات الفكرية مقابل متغير المنطقة الجغرافية ونراقب ما حصل في التاريخ.

ينقسم تاريخ البشرية بالنظرة الأوروبية إلى ثلاثة أقسام: العصور القديمة (4000 سنة قبل الميلاد – القرن الخامس)، العصور المتوسطة (القرن الخامس – القرن الخامس عشر) والعصور المعاصرة الحديثة (القرن الخامس عشر – يومنا هذا). من أسماء العصور يمكننا أن يفهم الفكر الأوروبي تجاه بقية العالم، العصور القديمة تعتبر متعددة الحضارات ومتفرعة التطورات مما يعطينا فكرة عن مدى احترام اوروبا للفكر القديم الفرعوني، اليوناني والروماني. ومن لا يكن لحضاراتهم الاحترام؟ أما في فترة العصور الوسطى فقد اختلفت المقادير وصعدت الكنيسة الكاثوليكية إلى قمة الهرم الأوروبي واستولت على المصادر الطبيعية، الفكرية، الإبداعية والاقتصادية وهكذا سميت هذه العصور بالعصور السوداء أو المظلمة. ولكن في نفس الفترة كان الشرق الأوسط يحتفل بعصره الذهبية. بين القرن الخامس والقرن الخامس عشر شهدت هذه المنطقة الجغرافية سباق فكري هائل. سباق شارك فيه ابن الهيثم (965م-1040م)، ابن سينا (980م-1037م)، ابن رشد (1126م-1198م)، ابن خلدون (1332م-1406م) وكثيرون غيرهم ممن تميزوا بتعدد علومهم وكثافة آفاق أبحاثهم. أما العالم الغربي فقد نعت هذه الفترة بالظلماء الدامسة التي شرقت شمسها من أقصى الغرب عند اكتشاف أمريكا سنة 1492. وتتغلغل فكرة الظلام الدامس في نفوسنا وتصبح صناعة النظارات الأوروبية ذات أعظم اقتصاد في العالم. وفي نفس فترة الانتقال التاريخية هذه في أواخر القرن الخامس عشر تهب رياح الفكر من الشرق الجنوبي إلى ايطاليا (هناك مؤرخين يؤرخون النهضة أبكر). وفي ايطاليا "يولد" المفكر الـ" متميز بتعدد علومه وكثافة آفاق أبحاثه". وهاتان النقطتان التاريخيتان تقضيان نهائياً على العصر الذهبي الشرقي.

وما لهذه الأفكار التاريخية بالقراءة؟ لنسأل السؤال من وجهة نظر أخرى، ما الذي جعل "رياح الفكر" تهب إلى ايطاليا؟ سنة 1456 طور يوهان غوطنبرغ آلة الطباعة ولكن الفكرة نفسها جاءت قبل ذلك في كتابات ليوناردو دا فينشي وقبل ذلك في اليابان (ولكن اليابان ليست جزءاً من التاريخ الأوروبي لذلك سنبقيها خارج خارطة العالم).

ولنعيد السؤال مرة أخرى، ما الذي ولد رياح الفكر قبل ذلك في الشرق فترة العصور السوداء/الذهبية؟ الإسلام! شدد الاسلام على طباعة القرآن لحفظه وصيانته بكل ثمن وهكذا تطورت مهنة الكاتب والناسخ في الشرق وما ان مرت السنين حتى تطورت هذه المهنة وصار الناسخون ينسخون كتب مختلفة اخرى.

وهذا ما يجعل التاريخ مفيد! في الفترتين التاريخيتين المذكورتين تطور انتشار الكتب هو ما طور رياح الفكر. إذاً ليست هناك مشكلة بتاتاً فالكتب منتشرة في كل مكان.

ليست المشكلة بكمية الكتب انما بجودتها. الكتب الموجودة في السوق العربي الحالي العام والفلسطيني الخاص ربما ذات جودة عالية ولكن ذات تعدد ضعيف!

فلنعود للحظة إلى صفحات التاريخ (مرة أخرى) ونستعرض الأدب العربي بأجمل صوره. تعددت صور الأدب العربي من الهجاء والمديح، من الاعتذار والغزل وحتى الفخر. تأثر الأدب العربي من الجاهلية والإسلامية، من الكرم الطائي والوفاء السموألي، ولا زال يتأثر من الوضع الاجتماعي متعدد الصور والأشكال في الدول العربية المختلفة. فاليوم تجد "بنات الرياض" (لرجاء الصانع) في ايادٍ مصرية وتجد "ن = ∞ ف " (لكريم الصياد) في ايادٍ سعودية، لذلك ليست هنا المشكلة أيضاً. فأنا لا أقصد التعدد الدولي، انما أقصد التعدد الأدبي.

في الأدب القديم نجد "المعلقات"*. في الأدب الأحدث نجد "الأيام" و"الأجنحة المتكسرة" و"بداية ونهاية". وفي الأدب المعاصر نجد "عابر سرير" و"زغاريد المقاثي" و"الشراع والعاصفة". سداسية الأمثلة الأخيرة التي ذكرتها هي روايات ناجحة جداً في الوسط العربي أو الشرقي الأوسط، ولكن بنظرة حادة أكثر نرى أن جميعها تتوجه لجمهور مشترك. الجمهور البالغ. الجمهور البالغ فكرياً، نفسياً وحتى فيزيائياً. ولكن قبل أن نكتب لهذا الجيل ونتوقع منه كل هذا البلوغ من المفروض أن يتربى هذا الجيل على البلوغ ويستعد له من خلال كتابات أبسط وموجهة لجمهور أصغر جيلاً. فلكي نربي جيل قارئ يجب ان نبدأ تربيته صغيراً وليس بعد أن بلغ. للتربية على القراءة نحتاج كتب وقصص مناسبة للأطفال، وهنا المشكلة العظمى في الوسط العربي. قصص الأطفال التي وصلت إلى الدرجة العالمية واضحة جداً، من ألمانيا وصلنا الأخوان غريم في ليلى الحمراء، بيضاء الثلج وسندريلا وغيرها، من الدنمارك هانس كرستيان أندرسون في بائعة الكبريت، الحورية الصغيرة والبطة القبيحة، ومن الوسط العربي وصلتنا "ألف ليلة وليلة" التي كشفتنا لعلاء الدين ومعروف الاسكافي، لعلي بابا والسندباد البحري والكثير غيرهم من أبطال الأطفال. ولكن هل علاء الدين يكفي طفولة كاملة؟ هل طالب مدرسة في الصف السادس يتمكن من لغة وتعابير "ألف ليلة وليلة"؟ هل "كليلة ودمنة" تقوم بالواجب؟ ربما، ولكني لا أظن هذا لا كاف ولا واف. فلنسأل طلاب المدارس الإبتدائية كم منهم فكر ولو للحظة بقراءة إحدى هذه القصص؟ سؤال استنكاري طبعاً. فما العمل؟

لنراقب ما يحصل في الغرب ونتعلم، قد نستفيد. في سنة 1997 صدر كتاب في بريطانيا باسم "هاري بوتر وحجر الفلاسفة"، قيل عن هذا الكتاب في صحيفة "آخر الأخبار" (يديعوت أحرونوت) في عدد 01.06.2005 "الكتاب الذي أعاد الأطفال إلى الكتب: إرتفاع بنسبة 11% في قراءة الكتب لدى الأطفال بين جيل 8-13". في سنة 2007 صدر الجزء السابع والأخير في سلسلة "هاي بوتر" وقد حصل على نسبة أرباح قياسية حوالي 44 مليون دولار وقد حطم الرقم القياسي يوم صدوره في بيع حوالي 15 مليون نسخة في العالم. هذه سلسلة فاجأت الجميع وخاصة كاتبتها ودار النشر. فما موقف الوسط العربي من هذا النجاح الرهيب لقصة تعتبر قصة خيالية للأطفال؟ في السنوات الأخيرة يستمر الطنين في أذني حول مدى خيالية وسخافة الرواية. لقد أصبحت سخافة كلمة مرادفة للخيال في مجتمعنا المشجع لدراسة الطب والنافر من دراسة الأدب والفلسفة. ليس هذا رأيي الشخصي انما رأي أهالينا الراسخ في نفوسنا بشدة. والد يمنع ابنته من قراءة الكتاب بسبب بعده الكبير عن الواقع والحقيقة هو عينة ممثلة لأفكار كثيرة تواردنا ونرفضها بشدة.

اسمحوا لي بأن أوافيكم بالتطورات في مجال دراسة نفس الطفل. ألعاب الأطفال جميعها تعتمد على الخيال لكي يتمكنوا من مواجهة الواقع ببساطة تمكنهم من تحمل آلامه بلا حدود! علم النفس يعرف براءة الطفل وسلامة نفسيته بمدى خياله، فما المشكلة بأن نوسع خياله وبذلك آفاقه وبذلك نطور إبداعه وقدرته على التجديد، الذي لربما يوصله لبر الآمان الفكري في تقبل آراء الآخرين وتقبل نظريات تناقض ما تربى عليه لكي يختار ما يلائمه منها عندما يبلغ كما اختار والداه؟

هذا ما ينقصنا لنطور الأدب والإبداع في وسطنا. القليل من الخيال! أحياناً كثيرة يحتاج الطفل بر أمان كهذا يبعده كل البعد عن الواقع ليتمم طفولته بتمام وكمال. وفي هذا السياق لا تكتمل الفكرة بلا ذكر الدكتور نبيل فاروق. هو أحد الأدباء المصريين الأكثر نجاحاً في السنوات الأخيرة، ونجاحه يتمثل بكتاباته الخيالية حول مجموعات من المخابرات المصرية، مجموعات تحاول جاهدة ردع قوى الشر الخيالية المهددة للأمن المصري.

ليس الأمر يقتصر على أدب الأطفال، انما كذلك أدب الشباب الذي أصبح مساوياً لأدب الكبار. فكيف تتوقع من طالب ثانوي أن يستمتع بقراءة الأفكار العدمية عند أبو العلاء المعري أو الأفكار الرومنطيقية (الرومانسية الفلسفية) عند عمر أبو ريشة، بينما لا يسمح له فكره بالإبحار ببحر الخيال؟ لا أتوقع اليوم من الجيل القادم الإبداع في الأدب وفي الفكر، ولكني أتأمل رؤية السحر والوحوش والسفر عبر الزمن والحيوانات الفضائية والأسطورية تعود إلى حياتنا كما عاشت في قلوب محبي "ألف ليلة وليلة".

ذكر لي أحدهم جملة لا تترك ذهني منذ يوم سماعها: "لقد مر مجتمعنا آلام وقمع يجبره على ابقاء السياسة محور أدبه". صحيح. ولكن ما ذنب الطفل الذي عاش هذا الألم والقمع أن يعيشه مرة ثانية وثالثة في أدبه؟ "هاري بوتر" كتاب سياسي يحكي قصة الحرب العالمية الثانية ولكن برداء خيالي يجعل الطفل قابل لتحمل أفكارها حتى يبلغ ويفهمها جيداً. كما تمثلت الحرب العالمية الثانية برداء المخلوقات الأسطورية، يمكننا تمثيل التغريبة الفلسطينية بسهولة برداء مخلوقات فضائية أو نباتات متكلمة أو حتى، و"هذا أضعف الإيمان"، بـ"كليلة ودمنة" جديدة! الخيال لا يناقض السياسة التي ترغبون بتلقينها لأطفالكم، ولكنه حقاً وبشدة يناقض السخافة التي ألبسناه ردائها. لنخلع رداء الواقعية ونرتدي لباس الخيالية ولو كان ذلك محصوراً في فترة طفولتنا. ونجعل أطفالنا يستمتعون برائحة الورق.


ملاحظات: - لست باحثاً اجتماعياً ولا مدققاً لغوياً، هذه مجرد أفكار تراودني وأرغب بشدة أن أطلعكم على جزء منها. قد أكون مخطئ ولكن لنفكر بالموضوع من جديد، فهذا مستقبل أولادنا. لذلك أرجو النعومة الغير مكبِلة من أناملكم على المفاتيح الفتاكة.

  • ذكرت روايات كثيرة من غير التعريف بها من منطلق واحد بسيط. يمكننا البحث للحظة قصيرة عنها في الشبكة الالكترونية فكلها روايات مشهورة.

  • السخرية – بمعنى irony

  • الأدب العربي يشمل كافة الأعمال المكتوبة باللغة العربية، ويشمل الأدب العربي النثر والشعر المكتوبين بالعربية وكذلك يشمل الأدب القصصي والرواية والمسرح والنقد.