Translation

Exchange Rates

יוני 14, 2022


דולר ארה"ב 3.446 0.17%
אירו 3.594 -0.13%
דינר ירדני 4.860 0.17%
ליש"ט 4.172 -0.51%
פרנק שוויצרי 3.466 0.12%
100 ין יפני 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

من مقالاتي الأولى في النقد حول الأدب المهجري

פרוף פארוק מואסי- סופר ומשורר, 23/2/2014

ما أعادني إلى مقالتي في بدايات نقدي- باعثان:

أولهما : أن أهدي إلي الأخ لطفي فران – صديقي في الفيسبوك، كتاب جبران: "الرسائل"، وقد وصل إلي من باريس وهو مشكور.

وثانيهما أن الدكتور الصديق عمرعتيق من جنين يعكف على بحث نقدي خصص بعضه لدراسة النقد الفلسطيني الموجه لباحثين إسرائيليين.

وهذه المقالة نشرت أولاً في مجموعة "مشاعل عن طريق الأدب" مجموعة أدبية من إعداد يعقوب حجازي- عكا- نيسان 1967، ص 9- 14.

ثم أعيد نشرها في عدد مجلة "الجديد"- عدد حزيران 1967 ص 29- 30. فإليهما وإلى محبي "الأدب المهجري" أرجو أن يجدوا فيها بعض الغَـناء.

.........................................................................

شوائب ومغالطات في محاضرة الدكتور شموس

بين يدي كتاب "تاريخ الأدب العربي الحديث"، والذي سجله الأستاذ حبيب زيدان شويري صاحب "الشموع" من محاضرات ألقاها الدكتور إسحق شموش الأستاذ المحاضر في الجامعة العبرية ضمن مساقه "الأدب المهجري". والكتاب على صغر حجمه يحتوي على معلومات قيمة عن الأدباء العرب في أمريكا الشمالية- الريحاني وجبران ونعيمة.

إن الدكتور شموش لا شك سيرحب بكل مقال نقدي تُعالج فيه أمور من اختصاصاته، سيما وأنه من الباحثين الذين لا يقفون عند حد في بحوثهم الجادة. في معرض حديثه عن أمين الريحاني يقول الدكتور: "لم يفكر أمين الريحاني في جعل البلاد العربية كلها تحت رئاسة واحدة، بل أراد أن تعقد معاهدات بين هذه الدول". ولا أدري هل يستطيع السيد المحاضر أن يحكم وفق ما يرتئي وحسب ما يهوى دون أن يرجع إلى الجزء الثاني من كتاب "القوميات"، ص 112 وفيه يقول أمين الريحاني بحماسة: "ستعود بلادنا إلى وحدتها الطبيعية التاريخية القومية، هذا الإيمان وهذا اليقين هو عندي بمنزلة حقائق الوجود الأولى، ستعود البلاد إلى وحدتها الطبيعية التاريخية القومية، فننضم كلنا تحت اللواء العربي الواحد". فمن نصدق يا ترى؟

وعندما يتحدث الدكتور عن حياة الريحاني يكتب أشياء مغلوطة، مثلا ادعاءه بأن الريحاني درس الحقوق ولم يستطع أن ينهي دراسة لمرض ألم به. والحقيقة أنه حاز على الدرجة النهائية سنة 1898، وتستطيع أن ترجع إلى (ذكرى الريحاني الصادر سنة 1945) وكذلك إلى كتاب أمين الريحاني لمؤلفه محمد علي موسى، وقد صدر سنة 1960.

ويقول كذلك إنه قد صدمته سيارة أثناء نزهة، فمات على التو. وهذا أيضًا غير دقيق، لأن الريحاني شاهد أحد فتيان الفريكة يقود دراجته، وكان على عهد فتوته، فشاء أن يختبر ما إذا كان الإنسان ينسى ملكة ثقفها منذ أربعين سنة، فاعتلى الدراجة، وأصابته النوبة العصبية التي كانت تنتابه بين الفينة والأخرى، وذلك في يمناه، ونقل الى مستشفى ربيز في بيروت، وكادت أحواله تتحسن، حتى مثل إلى الشفاء، وفجأة انتكست صحته، وحار الأطباء في أمره، وعندما شعر بدنو أجله طلب من ذويه أن ينقلوه إلى الفريكة- حيث ألف السكون والهدوء، وحيث كان يرجو أن يموت. هذه المادة أخذتها من كتاب الريحاني لمؤلفه المذكور أعلاه.

ويذكر الدكتور أن أمين الريحاني ألف اثني عشر كتابًا في اللغة الإنجليزية، والحقيقة أنها لم تتجاوز العشرة، وهي (رباعيات أبي العلاء، المر واللبان، خالد، اللزوميات، تحدر البلشفية، جادة- الرؤيا، أنشودة الصوفيين، ابن سعود ونجد، حول الشواطئ العربية، اليمن). فمن أين أتانا حضرة لدكتور بهذين الكتابين، أم أنهما كانا وديعة في ذمته!؟. الواقع أن هذه الأشياء عندما أطالب بدقتها، فلأنها تدرَّس إلى طلاب غدًا سيكونون أساتذة، وإذا تهاونا في القليل تهاونا في الكثير لذلك، وكما نقول في المثل: حدك حدك!

والشيء المهم الذي يدهشني قول الدكتور: "بدأت رحلة أمين الريحاني علم 1922 إلى البلاد العربية، وأراد أن يثبت للعالم العربي أنه في كفة وأعضاء الرابطة القلمية في كفة". ما هكذا تورد الأفكار يا أستاذ! ما هي الرابطة في نظر رجل دائب ومنهمك وساع إلى وحدة عربية؟ لقد سيطر الأهم على المهم، إذ كان الهدف من رحلته أن يحمل رسالته في قلبه وروحه على كفه مناديًا بالتضامن والخلاص من النير الاجنبي ومضحيًا بسعادته وراحته.

نهضة من اللاشيء ...................................

ويفاجئنا قول الدكتور "إن جبران خليل جبران أحدث من لا شيء نهضة أدبية". يعني أن نضع على المتنبي علامة ضرب. أن نشطب أبا العلاء. أحمد شوقي، حافظ، الرصافي اليازجي، الكرملي كلهم لا شيء. هكذا يتعلم طلابنا في الجامعة العبرية من لا شيء أحدث جبران نهضة. وتدور لا شيء دوائر دوائر أمام ناظري. هذا الزهاوي لا شيء. هذا صفي الدين الحلي لا شيء. هذا ابن الفارض لا شيء.

ويقول الدكتور: "ولد جبران في بشرّي، ولكن جبران يشكك في هذا"، وكان أحرى به لو قال: "ولكن جبران تشكك في هذا" لأن الأولى تعطي معنى ثابتًا له، والثانية كما تعرف إعرابها فعل ماض. صحيح أن جبران قال مرة لصاحب مجلة الفنون بأنه ولد في بومباي في الهند، وكان مقصده على ما يبدو أن يغلف اسمه بالسر والسحر، لأن الأمريكان كان ينظرون إلى الهند نظرة قدسية، ويضفون عليها هالة سحرية. فلو كان جبران يتشكك في موطنه لما ترك لبلده ثروة لا تقل عن المليون دولار، ولما طلب ان يدفن في كنيسة مار سركيس عند سفح وادي قاديشا المقدس.

ويذكر الدكتور "بأن جبران استغل عانسا تُدعى ماري هاسكل" - ولا أدري إذا كانت كلمة (استغل) هي على مستوى أكاديمي تعطي معناها تمامًا. حاشا لله أن يعتبر جبران تقدمة السيدة ماري هاسكل منيز استغلالا، فهي تقدمها له من محبتها له، وشفقتها عليه، وحبها للإنسانية. أما كان الأجدر بنا أن نقول (استفاد) بدل (استغل)؟

وشيء مهم! من أين استقى حضرة الدكتور أن بطلة قصة الأجنحة المتكسرة هي حلا الظاهر التي تعيش اليوم عانسًا عمياء؟ وقبل أن أسمع الإجابة أود أن أقول أن (حلا ضاهر) قد توفيت سنة 1955، وقد أحبها جبران، وملكت عليه حواسه، كان ينظر إلى شرفة قصر جارته من وراء "طاقة" بيته الطيني الحقير.. وقد رفض أهلها وخاصة اخوها إسكندر مصاهرته للتفاوت الطبقي. وتصف سعيدة ضاهر – التي تعاصرنا اليوم- أختها حلا بأنها حلوة طويلة، لها خال على وجنتها اليمنى، بيضاء، شعرها أشقر (ولذلك لا نستغرب حب جبران لها)، وإنما نستغرب كيف قدر الدكتور أنها بطلة القصة ما دام ليس هناك أي شيء مشترك بين حبه لسلمى كرامة في الأجنحة المتكسرة وبين حبه لحلا ضاهر في قريته بشري.

ثم يقول الدكتور إن جبران كان يؤمن بأن "المرأة ستبقى أبدًا رحمًا ومهدًا وقط لن تكون رمزًا"، ولا أدري هل هو خطأ السيد شويري عندما كتبها رمزًا بدل (رمسًا) أم ان لفظ الدكتور فيه تفخيم ولا جناح على الشاعر.

وعندما يمر الأستاذ شموش في "المواكب" يقول عنها إنها أول بناء منسجم لقصيدة عربية، وحتى أذكركم بهذه القصيدة إليكم مطلعها: الخير في الناس مصنوع إذا جبروا والشر في الناس لا يفنى وإن قبروا

ولا أدري ما الذي أعجبه في تقريريته الغريبة، وما ضرورة استخدام (أول)؟! . فالبناء المنسجم يجب أن يعني البناء المنسجم، فكيف يرى الدكتور خروج جبران عن قواعد اللغة في هذه القصيدة، على نحو: "وسارق الحقل يدعى الباسل الخطر"؟

ثم يقول الدكتور: "كان جبران يتكلم كإنسان في كتابه النبي"- يقول ذلك مستندًا إلى مخطوطة الكتاب، والتي سجل في ذيلها: "يا أخي إن كل مشكلة أقلقتك أقلقتني- ساعدنا يا رب لنكتب حقيقتك مغلّفة بجمالك في هذا الكتاب". وإني لأسأل: أولاً: هل هذا إثبات أن جبران كان ينطق بلسان إنسان؟ ثانيًا: ما معنى أن يربط جبران ظروف حياة هذا النبي الذي ابتدعه (المصطفى) بظروف حياته هو تمامًا، ويخاطبه "يا نبي الله"! ثم لماذا يدافع الدكتور عن أمور نقدها عليه أصدقاؤه، وخاصة ميخائيل نعيمة؟

ونقطة أخيرة: يقول الدكتور "‘إن ميخائيل نعيمة نشر في سنة 1919 مقالاً بعنوان "فجر الأمل بعد ليل اليأس" فامتدح جبران، ونشأت على أثرها صداقة طويلة حميمة". ثم يقول في مكان آخر: "إن كتاب النبي هز كاتبين عربيين هما ميخائيل نعيمة ونسيب عريضة- اللذين أضحيا فيما بعد من أعز أصدقائه". احترنا يا أستاذ، ولنترك الأمر بدون تعليق!

وهمسة في أذن الأستاذ حبيب: إن الأخطاء اللغوية المتناثرة هنا وهناك تسجل على أنها أخطاؤك، وتركيب الجمل يا صاحبي أشبه ما تكون بالإنجليزية أو العبرية.

وإلى الدكتور و إلى الأستاذ حبيب تقديري واحترامي.