Translation

Exchange Rates

يونيو 14, 2022


דולר ארה"ב 3.446 0.17%
אירו 3.594 -0.13%
דינר ירדני 4.860 0.17%
ליש"ט 4.172 -0.51%
פרנק שוויצרי 3.466 0.12%
100 ין יפני 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

نساء وزيرات

هيئة التحرير, 17/7/2009

في البداية... رسَّخ الدستـُور الفدرالي الأول لعام 1848 الهياكل السياسية لسويسرا. لكن الأساطير الشعبية المُتداولة تقول إن تلك الهياكل تعود إلى زمن أقدم بكثير، حيث تروي أن القرويين في سويسرا الوسطى تعهدوا عام 1291 بإنشاء تحالف دائم جمع الكانتونات الثلاثة الأولى: يوري، وشفيتس، وأونترفالدن.

كان يهدف ميثاق التحالف أساسا إلى التحرُّر، ولو بقدر محدود، من هيمنة سادة أسرة "هابسبورغ" النمساوية المُُبغَضين من الشعب. وبحلول عام 1513، اتسعت رقعة التحالف لتشمل 13 كانتونا.

الدفاعُ الجماعي عن استقلال المزارعين من قبضة الزعماء الإقطاعيين مثـّل المرحلة الأولى من ميثاق التحالف. أما المرحلة الموالية فتميزت بالنشاطات التوسعية السويسرية التي استمرت إلى أن اصطدمت بجدار القادة الأوروبيين الذين وضعوا حدا لها.

ويَعتبرُ المؤرِّخون الهزيمةَ السويسرية في معركة "مارينيون" في شمال إيطاليا عام 1515 ذروة التطلعات التوسعية السويسرية، إن لم تكن آخرها.

وتُعد تـلك المرحلة البداية الفعلية للحياد السويسري الذي تم التوقيع عليه لاحقا من قبل القوى العظمى في مؤتمر فيينا عام 1815.

وكانت حركةُ الإصلاح الديني البروتستانتي والحركة المعارضة قد اكتسحتا مختلف أرجاء البلاد إلى أن اندلعت حرب أهلية قصيرة عام 1847. وشمل النزاع بين الكانتونات المُحافـِظة الكاثوليكية السبعة والكانتونات البروتستانتية الليبرالية التي ناهز عددها الإثنتي عشر، المناطق الحضرية وتلك التي أثار فيها احتلال نابوليون بونابارت إصلاحات ديمقراطية في بداية القرن التاسع عشر.

الدولة الفدرالية شهد عام 1848 إنشاء الدولة الفدرالية بدستور جديد وبرلمان فدرالي وأولى الخطوات نحو إجراءات اعتماد الحكم المركزي.

ولم يغفل مؤسسو الدولة الجديدة العـِبر المـُستخلصة من "سوندربوند" (Sonderbund) أو الحرب الأهلية.

كانت الوحدة الوطنية تعتمد على مقدرة الدولة على التوفيق بين مختلف العناصر السياسية واللغوية والإثنية والدينية المكونة للمنطقة الأوروبية الضيقة التي كانت تحتلها سويسرا. وكانت الفدرالية الإطار الوحيد الكفيل بإدارة مثل ذلك التنوع.

الفدرالية تقتضي درجات من التبعية، بمعنى أن القرارات السياسية تـُتخذ دائما على أدنى مستوى ممكن، سواء كان فدراليا أو كانتونيا أو بلديا.

رغم مراجعة دستور عام 1848 وتعويضه بدستور جديد في عام 2000، ظلت الاستقلالية الأساسية للكانتونات مقدسة.

تتكون سويسرا الآن من 26 كانتونا (20 كانتون و6 أنصاف كانتون). كل كانتون يتوفر على دستوره الخاص (الذي يصادق عليه البرلمان الفدرالي). ويـُذكر أن الجورا كان آخر كانتون التحق بالكنفدرالية السويسرية بعد انفصاله عن كانتون برن. ورحبت أغلبية الناخبين بضم كانتون الجوارا الجديد في استفتاء شعبي أجري عام 1979.

يحق للكانتونات جمع الضرائب وسن قوانينها الخاصة، طالما يتوافق ذلك مع خط التشريعات الفدرالية. يمكنها أيضا انتخاب حكومتها وبرلمانها الخاصين. ويتوفر زهاء خُمس السلطات المحلية السويسرية -التي يناهز عددها الثلاثة آلاف بلدية- على برلمانه وقوانينه المحلية المرتبطة بقضايا مثل تعبيد الطرق، والبنايات المدرسية، وأسعار المياه والطاقة، وتقنين كل ما يتعلق برَكن السيارات ووسائل النقل.

سلطات الحكومة سلطات الحكومة الفدرالية مُرسخة بشكل وطيد في الدستور. وتشمل الدفاع والأمن الداخلي، والسياسة الخارجية والعلاقات الدبلوماسية، والجمارك، والبريد، والاتصالات السلكية واللاسكية، وشبكة السكك الحديدية.

وقد تمت خوصصة جزء من قطاعيْ النقل والاتصالات السلكية واللاسكية، لكن الدولة احتفظت بأغلبية الأسهم في الشركات التي تمتلكها في عديد القطاعات. وقننت السلطات الفدرالية أيضا مجالات الصيد البري والبحري.

ويظل القانون الفدرالي مهيمنا على قطاعات التأمين الاجتماعي الوطني الإجباري، وتأمينات التعويض على العجز والشيخوخة والباقين على قيد الحياة.

أما قطاع الطاقة، وخاصة الطاقة النووية، فمازال يخضع لقوانين صارمة. وفشلت لحد الآن كافة المحاولات الرامية إلى تخصيصه.

عندما تأسست الدولة الفدرالية السويسرية عام 1848، كانت البلاد جمهورية ديمقراطية محضة وسط محيط من الأنظمة الملكية.

وسرعان ما تحولت الدولة الفتية إلى ملاذ للراديكاليين والثوريين والفوضويين. لينين، على سبيل المثال، أقام في سويسرا خلال الحرب العالمية الأولى. وانطلق من منفاه في زيورخ إلى رحلته الحاسمة لقيادة الثورة البولشيفية وتأسيس الاتحاد السوفياتي.

اعتمد الدستور الفدرالي لعام 1848 حقوقا وطنية واسعة منحت للسويسريين فرصة التأثير الحقيقي على الحياة السياسية.

الحكومة السلطة التنفيذية مُخولة لأعضاء الحكومة السبعة الذين يُشكلون ما يُـُسمى حرفيا بـ"مجلس الحكم الفدرالي" (الحكومة الفدرالية). يتم انتخاب الأعضاء، وإعادة انتخابهم لأكثر من مرة من طرف مجلسي النواب والشيوخ. ونادرا جدا ما تتم إقالة عضو في الحكومة من منصبه من قـِبَل البرلمان الفدرالي في برن.

تـُجرى الانتخابات لتجديد البرلمان كل أربعة أعوام. وليس غريبا أن يظل أعضاء الحكومة في مناصبهم الوزارية لمدة تستغرق عشر سنوات أو أكثر، رغم أن معظمهم ينتقل من وزارة لأخرى خلال فترة الاعتماد.

نظريا، يمكن لأي سويسري راشد أن يصبح عضوا في الحكومة. لكن على المستوى التطبيقي، تبدو العضوية في أحد الأحزاب الأربعة - المُمـَثلة في الحكومة منذ الحرب العالمية الثانية- فرصة النجاح الوحيدة للالتحاق بالحكومة.

في عام 1959، اعتمد تحوير حكومي يُسمى بـ"الصيغة السحرية": 2-2-2-1، أي مقعدان في الحكومة للحزب الراديكالي، ومقعدان للحزب الاشتراكي، ومقعدان للحزب الديمقراطي المسيحي، ومقعد واحد لحزب الشعب السويسري، الذي كان يُدعى آنذاك "حزب المزارعين والحرفيين".

توزيع المقاعد الحكومية عـَكـَس في الواقع القوة التناسبية لأبرز الأحزاب في البرلمان. وقد أدى النمو المتزايد لحزب الشعب السويسري (يمين متشدد) خلال الدورتين التشريعيتين الأخيرتين إلى تخلي الحزب الديمقراطي المسيحي عن مقعد في الحكومة لصالح حزب الشعب بعد الانتخابات التشريعية لعام 2003.

وفي حدث نادر عقب تلك الانتخابات، وبعد صراع داخل حزبها (الحزب الديمقراطي المسيحي- وسط يمين)، اضطرت وزيرة العدل والشرطة روت ميتسلر إلى مغادرة الحكومة بعد أربع سنوات فقط من تنصيبها، وحل محلها كريستوف بلوخر، أبرز رموز حزب الشعب السويسري.

وبذلك ضمت "الصيغة السحرية" للحكومة للمرة الأولى منذ اعتمادها مقعدين لحزب الشعب السويسري ومقعدا واحدا فقط للحزب الديمقراطي المسيحي. مما يدل على أن الحكومة السويسرية مازالت تعكس القوة التناسبية للأحزاب.

نساء وزيرات لم تكن روت ميتسلر سوى الوزيرة الثالثة فقط في تاريخ سويسرا منذ عام 1984. وقد اعتبرت نساء سويسريات عديدات فقدان ميتسلر لمقعدها في الحكومة – في حين احتفظ زميلها الديمقراطي المسيحي جوزيف دايس بمقعده- دليلا على معاناة النظام السياسي السويسري من ظاهرة التمييز على أساس الجنس.

أما الحكومة الفدرالية الحالية، فتضم سيدتين في شخص وزيرة الخارجية ميشلين كالمي ري التي تشغل أحد مقعدي الحزب الاشتراكي في الحكومة، ووزيرة الاقتصاد دوريس ليوتهارد التي خلفت يوم 31 يوليو 2006 زميلها الديمقراطي المسيحي جوزيف دايس المُستقيل. أما الوزارات المتبقية فلازالت رجالية، وهي الدفاع وحماية السكان والرياضة، والشؤون الداخلية، والمالية، والعدل والشرطة، والبيئة والنقل والطاقة والاتصالات.

يترأس الحكومة والكنفدرالية لمدة عام أحدُ أعضاء الحكومة السبعة الذين يحملون صفة "مستشارين فدراليين"، ويتناوبون على منصب الرئاسة.

لا يتمتع الرئيس السويسري بسلطات أو مزايا خاصة، إذ يترأس اجتماعات الحكومة، ويـُمثل البلاد في زيارة الدولة الوحيدة التي تنظمها سويسرا كل عام لاستقبال قادة دول أجنبية.

ونظرا لوجود سبع وزارات فقط، تظل المهام الملقاة على عاتق أعضاء الحكومة جسيمة.

تـُعقد اجتماعات الحكومة كل يوم أربعاء في الساعة الثامنة صباحا. وتتواصل عامة إلى منتصف النهار، يتناول الوزراء بعدها وجبة الغذاء في أحد مطاعم مدينة برن. وإذا ما اقتضت الضرورة، تلتئم الحكومة في لقاءات خاصة.

خلافا لعدد من الأنظمة الأوروبية، أعضاء الحكومة السويسرية ليسوا أعضاء في البرلمان، لكنهم يـُضطرون مرارا إلى الدفاع عن مشاريع القوانين التي يبلورونها أمام غرفتي البرلمان، أي مجلس النواب ومجلس الشيوخ.

فضلا عن ذلك، تـُعقد جلسةٌ للأسئلة كل أسبوع خلال التئام الدورات البرلمانية الأربعة التي تستغرق كل مرة ثلاثة أسابيع. ونظرا لضرورة طرح الأسئلة كتابيا بشكل مُسبق، لا تكتسي نقاشات الدورات البرلمانية السويسرية طابعا مشحونا، خلافا لما يُلاحظ في العديد من الدول الأوروبية المُجاورة.

التوافق السياسي من المبادئ الأساسية للحكومة السويسرية المُكونة من أربعة أحزاب تحقيقُ التوافق بينها وإظهارُ ذلك أمام البرلمان والشعب. ويتم غالبا التوصل إلى ذلك التوافق بعد نقاش طويل ومعمق. وليس نادرا أن يـُضطر بعض الوزراء إلى تمثيل سياسات الأغلبية في الحكومة، دون أن يعني ذلك بالضرورة أن تلك السياسات تتوافق مع وجهة نظرهم الخاصة. إذ يحدث مثلا أن يتعارض موقف وزير ما من بعض القضايا مع موقف الحزب الذي ينتمي إليه.

لكن سويسرا لا تتوفر على حكومة إئتلافية. ولا يوجد بالتالي أي برنامج مُتفق عليه من طرف أحزاب مختلفة، ولا يمكن أن تخضع الحكومة للضغط من قبل تحالفات حزبية.

ما يشبه في سويسرا طبيعة عمل حكومة ائتلافية هو إعداد الوزراء لتقرير مُشترك، لكن غير مُلزم، يعرض الأهداف الحكومية للدورة التشريعية التي تتواصل أربعة أعوام. وقد حاول البرلمان في السنوات الأخيرة الضغط على الحكومة من أجل تقديم برنامج تشريعي حقيقي، لكن مسعاه باء بالفشل.

رغم عدم تقاضيهم لرواتب خيالية، يظل دخل الوزراء السويسريين جيدا إذ يناهز 400 ألف فرنك في العام. ويتمتع أعضاء الحكومة بمقام اجتماعي عال. ومع ذلك، ليس غريبا مصادفتهم في الأماكن العامة أو في وسائل النقل العمومية التي يستقلونها في بعض الأحيان للذهاب إلى العمل.

غير أن الحصول على مقعد في الحكومة ليس مأمورية سهلة. فالنظام السويسري يقوم على قوانين مكتوبة وأخرى تقليدية مُتفق عليها فقط، لكن لها وزن أكيد. ووفقا للقواعد التقليدية التي حرص البرلمان دائما على احترامها، هنالك سعي جاد لمراعاة التوازن بين مختلف الأحزاب والمناطق اللغوية السويسرية في الحكومة. يكفي أن يصل المرشح إذن في الوقت المناسب، ومن المنطقة المناسبة والحزب المناسب.

التوازن وقد تم إلغاء قانون يمنع ضم الحكومة لأكثر من وزير من نفس الكانتون. لكن في كل الأحوال، تضمن - ما يمكن وصفها بمشاعر الغيرة المحلية- أن تعكس التشكيلة الحكومية توازنا بين المناطق واللغات والديانات والأحزاب.

ومن القواعد التقليدية غير المكتوبة أيضا والسارية المفعول، الحرصُ على تمثيل أكبـرِ الكانتونات، زيورخ وبرن وفو، في الحكومة الفدرالية. وقد يعني ذلك أن كانتونات مثل جنيف (الكانتون السويسري الأكثر شهرة على المستوى العالمي) يـُمكن أن تُـقصى من التمثيل الحكومي لمدة عقود.

كذلك الشأن بالنسبة لكانتون تيتشينو الجنوبي (وهو المنطقة الوحيدة التي تتحدث غالبية سكانه بالإيطالية) الذي لم يشغل مقعدا في الحكومة منذ عدة سنوات. الأمر الذي يعزز حظوظ أي ترشح مستقبلي من تيتشينو.

أما كانتون زيورخ، فيعدُّ الأكثر حظا في الحكومة الحالية إذ يُمثـَّل بوزيرين، هما موريتس لوينبرغر من الحزب الاشتراكي، وكريستوف بلوخر من حزب الشعب السويسري.

ويَعـتـبرُ بعض السويسريين انفرادَ البرلمان بانتخاب أعضاء الحكومة ظاهرة شاذة. ونـجم عن ذلك الاستياء بعض الجهود المتواضعة التي دعت إلى مناقشة إمكانية انتخاب الوزراء مباشرة من قبل الشعب. وعزَّز المقترح ما أقدم عليه البرلمان عندما استغنى في نهاية عام 2003 عن الوزيرة روت ميتسلر وعوضها بكريستوف بلوخر.

لكن تغييرا بذلك الحجم سيعني "حرمان" البرلمان الفدرالي من سلطات يحرص عليها شديد الحرص، ومن بين هذه السلطات "تعمده" انتخاب حكومات ضعيفة نسبيا في معظم الأحيان.

البرلمان سـنُّ التشريعات الوطنية مـُهمة مُلقاة على عاتق البرلمان الفدرالي في برن الذي يلـتئـمُ كل عام خلال أربع دورات (خريفية وشتوية وربيعية وصيفية) تتواصل كل واحدة منها ثلاثة أسابيع. وقد يؤدي ضغط العمل أو اندلاع أزمة ما إلى عقد دورات إضافية تستغرق بضعة أيام.

ويتميز عمل البرلمانين، سواء في مجلس النواب أو مجلس الشيوخ، بالاندراج فيما يُسمى بنظام الميليشيات، أي أن شغل منصب في البرلمان لا يعد مهنة في حد ذاتها، بل هو عمل يزاوله البرلمانيون إلى جانب مهنتهم الرئيسية خارج قبة القصر الفدرالي.

يتكون البرلمان من غرفتين تتواجدان في نفس المبنى. يضم مجلس النواب الذي يمثل الشعب 200 مقعدا (تُوزعُ تبعا لحجم السكان في كل كانتون)، بينما يضم مجلس الدّويلات (مجلس الشيوخ) الذي يمثل الكانتونات 46 عضوا (نائبان عن الكانتونات العشرين، ونائب واحد عن أنصاف الكانتونات الستة).

لا توجد غرفة عـُليا وغرفة دنيا، إذ يـمكن طرح القوانين التشريعية على أيّ من الغرفتين، لكن المصادقة على نفس نص مسودة المشروع المعروض يجب أن تتم من طرف الغرفتين.

يُنتخب مجلس النواب بالتمثيل النسبي، بينـما يـُنتخب مجلس الشيوخ بنظام الأغلبية. لكل كانتون كامل ممثلان في مجلس الشيوخ، وممثل واحد لكل نصف كانتون. وتـُحدِّد الكثافة السكانية لكل كانتون عدد ممثليه في مجلس النواب في العاصمة الفدرالية برن.

تعد الحكومة وتعرض مُعظم مسودات القوانين على البرلمان، لكن جميع أعضاء مجلسي النواب والشيوخ يتمتعون بالحق الفردي في طرح مذكرة، أو مشروع قانون، أو مقترحات ملزمة أو غير ملزمة، أو أسئلة بسيطة.

فضلا عن ذلك، يـُخصص البرلمان جلسة أسبوعية ترد فيها الحكومة على الأسئلة الكتابية التي تقدم بها النواب والشيوخ.

رغم حصول النساء على حق التصويت منذ 1971 على المستوى الفدرالي، مازال تمثيلهن في البرلمان يحوم حول 25%، مع أنهن يـُمثلن أكثر من نصف السكان في الكنفدرالية.

يبدو النظام السويسري إذا ما تم النظر إليه من الخارج أشبه ما يكون بديمقراطية برلمانية نموذجية. لكن ما يجعل من الكنفدرالية حالة خاصة هو عدم تمتع الوزراء والبرلمانيين السويسريين بنفس سلطات نظرائهم في دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا.

سلطة الشعب على مستوى التطبيق، يمكن للشعب السويسري - أو "صاحب السيادة" مثلما يـُدعى الجسم الانتخابي أحيانا- أن يـقلب الموازين ويغير ما تطلبه الحكومة أو ما يصادق عليه البرلمان.

فور مصادقة البرلمان على قانون ما، وهو ما يعني أن القانون أصبح جاهزا للدخول حيز التطبيق، يحق للناخبين تجميع خمسين ألف توقيع على الأقل في ظرف لا يتجاوز 100 يوم لطرح استفتاء شعبي يدعو إلى تعديل أو إبطال القانون.

وتعدُّ هذه الممارسة بمثابة مكبح في يـد الشعب، الشيء الذي يفسر عملية الاستشارات الطويلة والشاملة التي تتم بين الأحزاب المعنية بالمواضيع المطروحة قبل عرض أي مسودة قانون على البرلمان.

ومن خلال التجربة الطويلة، أدركت الحكومة والبرلمان أن تلك الاستشارات الحذرة لا تضمن بالضرورة النجاح للمقترحات التشريعية.

ويحق أيضا لمجموعة من الكانتونات – شرط ألا يقل عددها عن ثمانية - الدعوة إلى تنظيم استفتاء شعبي بشأن قضايا تخصهم. ورغم أن هذا الحق خُـُوّل للكانتونات قبل أكثر من قرن، إلا أنه لم يُستخدم للمرة الأولى إلا في عام 2003 عندما دعا 11 كانتونا إلى استفتاء شعبي لرفض رزمة هامة من الإصلاحات الضريبية، وهو ما أيده الناخبون في ربيع العام الموالي برفضهم لتلك الإصلاحات.

سلطة الناخبين لا تقتصر على كبح التشريعات فحسب، بل تذهب إلى حد إقرار تشريعات جديدة. يكفي لذلك تجميع المائة ألف توقيع الضرورية لطرح مبادرة شعبية تهدف إلى تعديل الدستور أو إضافة مواد إليه.

وتـُمنح للناخبين مهلة ثمانية عشر شهرا لتجميع التوقيعات اللازمة. وخلال تلك الفترة، نادرا ما تتقدم الحكومة بمشروع "مضاد" لا يدعو بالضرورة إلى رفض المبادرة الشعبية، إذ عادة ما تقترح صيغة بنفس المعنى، لكن أكثر واقعية على المستويين السياسي والتطبيقي.

ومنذ عام 1848، طـُرحت على الناخبين السويسريين 160 مبادرة شعبية تمت الموافقة فقط على 15 منها (موفى عام 2005).

ويـُفترض أن يكون لأي مبادرة شعبية علاقة بالمسائل الدستورية، سواء تعلق الأمر بإبطال مادة أو إدخال بند جديد. لكن في الواقع، لا يلتزم الناخبون تماما بهذا المبدأ، بحيثُ أن العديد من المبادرات الشعبية التي طرحت في العقود الأخيرة ارتبط بمواضيع أخرى مثل حظر الماسونية أو تصدير الأسلحة.

أما التوقيع على المعاهدات الدولية الدائمة مثل الانضمام إلى الأمم المتحدة، فيخضع بدوره لإرادة الناخبين. وفي حالات كثيرة يكون فيها تنظيم الاستفتاء اختياريا، تبادر الحكومة باقتراح تنظيم استفتاء شعبي حتى لا تترك مجالا لمعارضي الإصلاحات للقيام بحملة صاخبة.

خـُلاصة القول، يتمتع الناخبون السويسريون بمقدرة التأثير بقوة على السلطتين التشريعية والتنفيذية.

الحياد سويسرا والحياد مرادفان. فلا يمكن لهذا البلد الانضمام إلى تحالفات عسكرية إلا في حال تعرضه للهجوم. ولا يمكنه اللجوء إلى قواته إلا للدفاع عن النفس والحفاظ على الأمن الداخلي. كما لا يمكنه اتخاذ موقف من النزاعات الدولية، ولا إعطاء قوات أجنبية حق عبور أراضيه.

يقـتضي الحيادُ ضمنيا بالنسبة لسويسرا الحياد المسلح، وهو ما يُفسـرُ كفاحها الدائم من أجل الحفاظ على مستوى قدير لقواتها الدفاعية، والإبقاء على الخدمة العسكرية إجبارية في الدستور الفدرالي.

بعد نهاية الحرب الباردة، لم يعد الحياد ضرورة قصوى بالنسبة للدول الصغيرة. وفي ظل العولمة المتنامية، يصعب أكثر فأكثر الحفاظ على حياد حقيقي وتقليدي.

فقد انضمت سويسرا إلى الأمم المتحدة يوم 10 سبتمبر 2002، رغم أنها شاركت بشكل تام على مدى عقود طويلة في نشاطات وكالات متخصصة مثل منظمة الثقافة والتربية والعلوم التابعة للأمم المتحدة "يونسكو"، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأغذية والزراعة، ومنظمة العمل الدولية، وصندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة "يونيسف"...

واستدعى انضمام سويسرا إلى الأمم المتحدة تنظيم استفتاء شعبي صوّت فيه 55% من الناخبين لصالح العضوية.

سويسرا عضو أيضا في "الشراكة من أجل السلام" التي أطلقها حلف شمال الأطلسي، لكن ليس لديها أي مخطط للانضمام إلى التحالف العسكري للمنظمة بما أن ذلك قد يمس بمبدأ الحياد.

حظيت عضوية سويسرا في الأمم المتحدة بترحيب كبير إذ اعتُبرت خطوة كبرى باتجاه الاندماج في المجتمع الدولي.

ولئن لم ينضم جنودها إلى وحدات القبعات الزرق الأممية، فقد دعمت سويسرا دائما وبشكل متواصل المساعي الدولية لإحلال السلام في العالم منذ الحرب العالمية الثانية.

على سبيل المثال، أرسلت الكنفدرالية مراقبين سويسريين للإشراف على الهدنة التي تم التوصل إليها عام 1953 في أعقاب الحرب الكورية. كما أرسلت مراقبي انتخابات إلى بلدان إفريقية وأوروبية شرقية. وفي عام 1999، بعثت إلى إقليم كوسوفو بوحدة "سويس كوي" (لا يجب أن يزيد تعدادها عن 220 جنديا متطوعا) لدعم مساعي حفظ السلام الدولية في منطقة البلقان.

في عام 1963، انضمت سويسرا إلى المجلس الأوروبي الذي تأسس عام 1949. كما أنها عضو في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا منذ تأسيسها الرسمي عام 1975 في هلسنكي (وكانت تحمل إلى عام 1994 اسم مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا).

وفي عام 1974، صادقت سويسرا على المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان.

السياسة الخارجية سمحت نهاية الحرب الباردة لسويسرا بالقيام بدور أكثر نشاطا على مستوى سياستها الخارجية. لكن ذلك أصبح ينطبق أيضا على عدد من البلدان الصغيرة، وبذلك لم يعد الاختيار يقع بشكل تلقائي على سويسرا للقيام بدور "الوسيط" لحل النزاعات.

رغم ذلك، مازالت سويسرا تحتضن العديد من المفاوضات الدولية، مثل محادثات التوفيق بين القبارصة اليونانيين والأتراك التي تمت تحت رعاية الأمم المتحدة، والمفاوضات بين حكومة سريلانكا والمتمردين التاميل.

عرضُ "المساعي الحميدة" يظل من أبرز أهداف السياسة الخارجية السويسرية، التي تشمل أيضا الحفاظ على المصالح الاقتصادية للكنفدرالية، والترويج لحقوق الإنسان والحكم الرشيد على المستوى الدولي، وحماية الموارد البيئية والطبيعية.

أما الجهود السويسرية الأكثر بروزا للعيان فتتمثل في مشاريع المساعدات التنموية التي تركز عامة على الدول الأكثر فقرا، وتقوم على مبدأ مساعدة الدول على مساعدة نفسها.

تُنـفق سويسرا مبالغ كبيرة في مجال المساعدات الإنسانية، خاصة بعد الكوارث الطبيعية مثل الزلازل حيث تتدخل هيئة المساعدات السويسرية في حالات الكوارث بفريق خبرائها المحنك.

وتفتح هذه المساعدات الطارئة القصيرة المدى الباب لمشاريع طويلة المدى لإعادة إعمار المناطق المنكوبة، وهي مشاريع تتولى إدارتها عادة الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون التابعة لوزارة الخارجية.

المساعدات التنموية تتركز المساعدات المالية والتقنية للوكالة السويسرية للتنمية والتعاون في 17 دولة تحظى بالأولوية لديها. فيما تتلقى دول نامية أخرى الدعم السويسري عبر برامج دولية متعددة الأطراف. وفي حالات الكوارث الطبيعية، تتدخل الفرقة السويسرية للمساعدات الإنسانية التابعة للوكالة.

ورغم الأوضاع الاقتصادية الدولية المضطربة التي تأثرت جزئيا بجهود محاربة الإرهاب، رفعت الدول الصناعية الغربية المنضوية تحت لواء منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية حجم مساعداتها التنموية في عام 2003.

وفي نفس السياق، تعهدت سويسرا، العضو في لجنة المساعدات التنموية للمنظمة، بتقديم 1,74 مليار فرنك، لترتفع مساعداتها إلى 0,38% من إجمالي الناتج الداخلي، وهي نسبة مازالت بعيدة عن الـ0,7% التي تطالب بها الأمم المتحدة. لكن إذا أخـِد بعين الاعتبار ثراء سويسرا، فإن مساهمتها تُمثل مبلغا قيما.

من جهة أخرى، فإن سويسرا عضو في "ميثاق الاستقرار لـجنوب شرقي أوروبا" (الذي تأسس في عام 1999 بمشاركة 40 دولة). كما تعهدت برن في إطار اتفاقياتها الثنائية مع بروكسل بتقديم مليار فرنك موزعا على خمس سنوات من أجل دعم مسار الاندماج الاقتصادي والاجتماعي للاتحاد الأوروبي بعد ضمه لعشر دول جديدة عام 2004.

اللجنة الدولية للصليب الأحمر اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تتخذ من جنيف مقرا لها هي رمز عريق للمساعدات الإنسانية السويسرية.

تـُقدم هذه المؤسسة المستقلة المساعدات للمناطق التي تشهد حروبا وكوارث في مختلف أنحاء العالم. كما تـُروج للالتزام بالقانون الإنساني الدولي، واحترام معاهدات جنيف المتعلقة بضحايا الحروب ومعاملة أسرى الحرب. ويمكن أن تقوم بدور الوسيط في النزاعات بشتى أنواعها.

بصفتها المؤتمنة على معاهدات جنيف الدولية، تولي سويسرا اهتماما خاصا بنجاح عمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وتساهم بشكل مُعتبر في تغطية تكاليف نشاطات اللجنة دون ممارسة أي تأثير سياسي على هذه المنظمة الإنسانية.