Translation

Exchange Rates

يونيو 14, 2022


דולר ארה"ב 3.446 0.17%
אירו 3.594 -0.13%
דינר ירדני 4.860 0.17%
ליש"ט 4.172 -0.51%
פרנק שוויצרי 3.466 0.12%
100 ין יפני 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

ذكرى الفارس الأنسان الشاعر السياسي توفيق زياد

هيئة التحرير, 10/7/2009

كلام في كتابة التاريخ وفي يهودية الدولة وفي الطائفية محمد بركة حنيننا إليك ليس عاديا.. انه ليس حنينا إلى غائب، بل هو تواصل مع حضورك الغامر في حياتنا، وهو شكل من التمسك بمشروع الحياة، إلى الزخم المتدفق، إلى الآليات البشرية العظيمة التي شقت لنا الطريق الى البقاء والتطور وما زالت في الطريق تتمة... حنينا إليك هو إصرار على أن نكون عشرين مستحيل. أن آلة العنصرية تتقن التفنن في تطوير أدواتها وقمعها فبعد أن حسم جيلك ومن سبقك معركة البقاء، يستلون اليوم يهودية الدولة ليرفعونها سيفا مسلطا على وجودنا. علينا في المقابل أن لا نقف بين رفض راكد فاقد الحيلة وبين رفض غيبي يحاصر الافق الانساني الرحب لعدالة قضيتنا، إنما علينا استعادة مشروعنا الحضاري الوطني والديمقراطي، ليس لمجرد انجاز البقاء العددي المحكوم إلى معطيات دائرة الإحصاء المركزية، إنما لانجاز البقاء النوعي الطموح المتفوق والوطني بامتياز، والديمقراطي بامتياز، الذي يعرف جيدا تفاصيل جذورنا في مسامات أرضنا الطيبة، ويعرف كيف يطاول السماء إبداعا وتطورًا وتفوقًا ليس على العدو الذي أدمن عقلية انتاج النكبة إنما أيضا على العدو الذي فينا، وهو المنكوب بعقلية لا تصل إلى مجدها إلا بانتاج المزيد من قيح التشرذم والتخلف والعصبية. نحن ما زلنا حزبًا وجبهة وناسا أحرارًا مكلفين بهذا المشروع، مشروع مواجهة العدو الذي علينا والعدو الذي فينا... وحنينا اليك هو إصرارنا على أن نكون عشرين مستحيل. نعم لقد أنجزتم مأثرة البقاء المتألق نوعيا في ظروف مستحيلة من التعتيم والإقصاء والظلم والاضطهاد وظلم ذوي القربى من أبنا جلدتنا من الخارج والداخل وداخل الداخل.. لكن أن يأتي من يفتري على التاريخ ونحن أصحابه، وما زلنا على قيد الحياة، فشبابنا لم يتغربوا وكبارنا لم تمت أجيالهم. ومسيرتكم مسيرتنا، ومسيرة حزبنا ومسيرة شعبنا غزّت شوكة في عين البنغريونية، فحتى لو رحل بعض كبارنا، فراية الجيل الذي مضى ما زالت تهز الجيل القادم وتهتف: قاومت فقاوم، بلغة أخيك سميح القاسم. كنت أحسب حتى أيام خلت أنها أمنية بن غريونية لتغريب شعبنا على عمقه وعن أفقه الذي طمأن نفسه ذات يوم: "الكبار سيموتون والصغار سينسون". لقد حفرنا تاريخنا ومأثرة البقاء بالأظافر على الوطن وعلى جذوع الزيتون فإذا بكتابة بعض التاريخ تصبح قضية مصادر بنوعيها: مصادر التمويل والتدلير، ومصادر التأويل والتزوير، قل لي ما هي مصادرك أقل لك من أنت. تاريخنا ما زال مكتوبا في قلوب صانعيه وهم يتنفسونه بيننا... وشعبنا يحفظ بطولاتهم عن ظهر قلب. بعد النكبة بأكثر من ثلث قرن كان السجال واضحا، وكان طرفا المعركة واضحين، الحزب وأنصاره وأصدقاؤه، مقابل السلطة الصهيونية وأحزابها وأذنابها. لو صدقت افتراءاتهم وتزويرهم وتخوينهم ومصادرهم بنوعيها، كيف اذا بقينا في هذا الوطن وكيف افشلنا الاقتلاع، كيف بنينا مؤسساتنا الوطنية، كيف أنتجنا أجمل الأشعار، بلغة درويشنا الراحل، كيف دككنا حواجز التجهيل واقفال المعاهد العليا، وكيف وكيف وألف كيف.. اليس في هذا التزوير والافتراء على الحزب تبرئة للصهيونية من جريمة الاقتلاع والنكبة وان بقاءنا في احسن الاحوال شكل من اشكال "الرأفة" الصهيونية بنا؟؟ المؤسسة تعرف انه اذا نجحت في تسفيه خيار الكفاح وفي اجتثاثات تاريخ المأثرة فان الطريق الى التسليم بيهودية الدولة وللاستكانة لمجزرة بعد مجزرة.. ستكون اقصر واسهل. هناك صناعة جديدة تطل علينا كل فترة بتقليعة جديدة، أو كتاب جديد.. إنها صناعة الافتراء والتزوير وإهانة الشعب وتاريخه احتكاما للمصادر بنوعيها.. يجدون قصاصة في ملف معاد فيبنون عليها تاريخًا، ولكنه تاريخنا ونحن نعرفه، إنه تاريخ الملحمة التي قهرت ضمن ما قهرت جدران التجهيل والتي سلمت "المحاربين" بقلم التزوير أنفسهم حروف الأبجدية: ولما اشتد ساعده رماني.. إنهم يحاولون أن يربطوا بين تاريخ حزبنا وتاريخ شعبنا، وبين السلطة الحاكمة. نعم إن الربط صحيح مائة بالمائة، فها أنذا أراك في بؤبؤ قلبي وعقلي مربوطا من رجليك في سجن سلطة إسرائيل في طبريا: "وقفت بوجه ظلامي يتيما عاريا حافي". أرتاك تبوس الأرض تحت نعال شعبك البسيط والمعذب تناديه: أناديكم، فمأساتت التي تحيا نصيبك من مآسيهم، ويأتي من يتطاول ويزوّر ويحوّر في غرف مكيفة، وينتشل بضاعته من أقبية ظلامية.

وكأننا عشرون مستحيل. بعد غيابك الحاضر تأتي الصهيونية الحديثة لتزور شعار الدولتين لتبرير يهودية الدولة، فيقفز من هم من بيننا ليتبنوا تزوير ليفني ونتنياهو للشعار، لا لشيء إلا للتطاول على حزبنا وتاريخنا. منذ أكثر من ستين عاما، ونحن الشيوعيون وحلفاؤنا نحاول أن نقرع جدار خزان الصحراء الملتهب، الذي قتلوا شعبنا في أتونه، فهناك مؤامرة ليس لترحيل الشعب الفلسطيني خارج فلسطين فحسب، وإنما لترحيله خارج التاريخ. ليس الخيار بين النصف والخُمس أو الكل، إنما بين الدولة أو منح المزيد من الوقت ليكمل أصحاب المشروع الصهيوني الاستيطاني والاقتلاعي مشروعهم لترحيل شعبنا خارج الوطن وخارج التاريخ. نحن ثوريون شيوعيون وتقدميون ووطنيون حتى النخاع، لذلك نحن نثق بحركة التاريخ وسيأتي يوم نتفق فيه على شروط افضل للسلام، أو مواصفات اخرى للصراع، لكن اليوم لا وقت لدينا نريد الدولة لاخراج شعبنا من الحصار والجدار واللجوء، ومن القنص والقتل والعذاب والانقسام والارتهان على طاولات تمتد من واشنطن حتى الربع الخالي. اليوم لا وقت لدينا لأن تحيزنا لشعبنا ليس ترفا يدخل في باب اللغو وليس موقفا يدخل في فذلكات اللغة إنما هو مشروع حياة..

وكأننا عشرون مستحيل. لقد أحسنا الصمود حينما كان الموقف مكلفا، لكن المؤامرة على مناعة شعبنا ووحدته تشتد، لقد فهمت السلطة أن عنفها لا يزيدنا إلا عنفوانا وقد فهمت الدرس، لذلك تراها تعمل جاهدة على دس السوس في أعراقنا، وفي توكيل الوسواس الخناس الطائفي والعائلي مهمة ضعضعة مناعتنا ووحدتنا، التي يجب ان يبقى فيها متسع لجميع أبناء شعبنا وبالذات للأبعد على الخط الوطني ليأتوا إليه ويحتضنهم ويأخذ بيدهم وليس أن يرفسهم ليقعوا فريسة الصهيونية، لتقتنصنا فريسة فريسة، وطائفة طائفة، وحمولة حمولة وعائلة عائلة. السؤال ليس فقط من المستفيد من الطائفية وتربية مصطلح الطائفية وتربية مجتمعنا على الاقرار الطوعي بان الطائفية شكل من أشكال الصراع الذي زرعه في ظهرانينا.. فهل حقا هناك تناقض جوهري فيما بيننا على هذه الخلفيات البذيئة وهل حقا هناك تناقض جوهري بين العقائد الدينية؟؟ اصغر طفل يعرف الجواب: أنها مطية السلطة ومصلحتها التي توعز الركوب عليها لبعض المرتزقة الذين يعتاشون على قاذورات السلطة كالذباب الأزرق. ونسأل في باب الاعتبار بتجربتنا: كيف حلّت قيادة الناصرة أزمة نهاية التسعينات وما تبعها؟ لقد كان ذلك بالإصرار على أنها معركة ضد السلطة ولم تضع لها عنوانا طائفيا، وفي الصراع أمام السلطة هناك موقف سياسي وهناك وحدة وطنية واقية، بينما في الصراع الذي يتطوعون لتسميته طائفيا تنتقل المعركة بكل تفاصيلها لتصبح المعركة فيما بيننا ويكون الصراع طائفيا ويصبح الصلح طائفيا... فيا للعار.. علينا القبض على تلابيب هذا الغول وعلينا ان نقص جناحي هذه العنقاء كي نملك الوقت والقوة لنقتص من الظالم الغاصب الذي يريد القاءنا خارج التاريخ..علينا ان نربي اولادنا على قيم الخلّ الوفي والا اصبحنا أقل بكثير من عشرين مستحيلا... وكاننا عشرون مستحيل وسنظل نردد معك يا أبا الأمين: يا شعبي يا عود الندّ.. يا أغلى من روحي عندي... إنّا باقون على العهد..

بكيناك في الجولان غناءً د. فارس القيش من أرضنا الحبلى بالغضب. من صخور جبل الشيخ الصامدة التي تكسرّت عليها آمال ومخططات الغزاة على مر السنين. من جولاننا العربي السوري المحتل جئنا نحمل الحب والتقدير لرفيق درب ومناضل يحتل مكانة كبيرة وخاصة في قلوبنا. فمنذ الأيام الأولى للاحتلال الصهيوني البغيض لجولاننا الغالي، ومن خلال طلائعنا وكوادرنا الوطنية، كان توفيق زياد، أبو الأمين، سندًا لنا وداعمًا مخلصًا في محنتنا المستمرة حتى الآن. نعم نحن أنفسنا وقبل 15 عاما كنا هنا وكأنه كان الأمس، يومها وعلى طريقتنا التراثية السورية بكيناك غناء، فهي عندنا حالة الحزن الشديد بوداع الرجال الرجال والأعزاء الغوالي. نعم أيها القائد الجريء يوم صعبت الجرأة، أيها الحر صاحب القرار الصحيح الحاسم والرؤية السياسية الواعية، أيها الشاعر الفنان، أيها الأديب الإنسان.... عذرا أخوتي أتكلم بصيغة الحاضر لأن هذا الرجل من القلائل الذين لا يموتون، بل أكثر من ذلك، ودون أن ندري نسامره ونتحدث إليه. لا شك أيها الأخوة أن توفيق زياد ظاهرة بحد ذاتها، وحالة راقية ومميزة بتاريخ أمتنا العربية الحديث، فهو لسورية وكل العرب، كما لفلسطين شاعرا تُدرّس أشعاره في مدارس الوطن العربي بكل أرجائه، صورة للكادحين والفقراء والمظلومين، رمزا من رموز الصمود والبقاء والحفاظ على الهوية العربية الفلسطينية، قائدًا أمينًا صادقًا أنكر ذاته وحمل هم شعبه. تحية للرجل الحر الذي يعشق مدينته، تحية للرجل الحي بين الأموات الذي يحرس قضيته، أبا الأمين عندما ودعناك قلنا يا ناصرة ويا حزينة عالعمر ظلّي اذكريني، فها هي الناصرة باقية على العهد تحيي ذكراك والجولان، لم ولن ينساك فما زلت حاضرًا وعملاقً ميدانيًا، وكلنا ثقة بأنه ما دام هناك من يحب الشعر والجمال والحياة، وما دام على هذه الأرض طفلا مقهورا يتحدى القهر والذلّ ويعيشون الحرية وستبقى ذكراك حيّة حية. فسلاما لك ولروحك من جولاننا الحبيب وشكرًا.

القائد الذي طوّع السياسة لتكوِن فنًا رامز جرايسي احترتُ فيما لم يُقَلْ عن أبي الأمين.

الشاعر الأديب المبدع!... المناضل المثابر الشجاع العنيد!... رجل المبادئ والعقيدة قولا وفعلا! رجل الحديد والحرير كما وصفه رفيقه الذي لم ينتظرْ موعدَهُ للقاء في الوطن، محمود درويش! الإنسان المتواضع مع كل الناس المتألق في كل مجلس! القائد الذي طوع السياسة لتكوِن فنّا جعلِ غيرَ الممكنِ ممكنًا! رئيسُ البلدية الذي أعاد أهلُ الناصرة انتخابَه مرة تلوَ المرةِ، وجعل نهج الكرامة والخدمات نموذجًا يحتذى! الصديق الصدوق المخلص الصريح الوفي، الذي تعامل مع أصدقائه على أساس القول المأثور صديقكَ من صدقكَ لا من صدَّقك! لقد قيل كلَُ ذلك وأكثر، وهو غيضٌ من فيضٍ. إحياء ذكرى شخصية مميزة ساهمت في رسم معالم مرحلة، وبلورة معاييرَ سياسية واجتماعية وقيمية، بعد مرور 15 عامًا على غيابها، تتجاوز كونها مناسبةً للقاء مع الذكريات، أو تعداد المناقب، نحو وقفة مع الواقع، ليس من منظار لحظي، وإنما من خلال مراجعة شريط أحداث تلت هذا الغياب. لقد اعتدنا على استحضار مشاعر الحنين للماضي وتجاربه بحلوه ومُره، مغلبين في معظم الأحيان حُلْوَه، متناسين أن الماضي هو أمر نسبي، ولكل جيل ماضيه، والتجارب المباشرة لكل جيل تختلف عن تجارب الجيل الذي قبله أو الجيل الذي بعده، وأن لا رتابة في مسار التاريخ، وأن دالته ليست خطًا مستقيمًا، بل لها "طلعات ونزلات"؟ وحتى ما هو طلعات أو نزلات من وجهة نظر معينة، قد تكون معكوسة من وجهة نظر أخرى! لذا اخترت أن أذكر في هذا المقام بعض الطلعات، ليس تغاضيًا عن النزلات، بل محفزًا لتحويلها سلمًا للطلوع، وليس منحدرًا للتزلج!! فها نحن أبا الأمين قد استعدنا أغلبيتنا في بلدية الناصرة، التي حافظنا على رئاستها الجبهوية رغم أخطر المؤامرات وأقسى التجارب التي مرت على أهل بلدنا منذ النكبة، وبعد صمود ومعاناة سنوات عجاف، مثبتين حقيقة أنه يمكن خداع بعض الناس كل الوقت، ويمكن خداع معظم الناس بعض الوقت، غير أنه ليس من الممكن خداع الناس كل الوقت. وعلى الرغم من أسباب الإحباط ، نتيجة التطورات السياسية في البلاد والمنطقة والعالم عمومًا، إلا أن جبهتك وحزبك قد نجحوا أيضًا بزيادة تمثيلهم البرلماني في الانتخابات الأخيرة، بنسبة قياسية تجاوزت 25% ، وزيادة تمثيلهم في البرلمان، هذا بفضل الناس الطيبين ووعيهم السياسي، الذي هو ثمرة ومحصلة العمل السياسي، الفكري والميداني والممارسة النضالية لهذا التنظيم. أذكر هذه الحقائق المعروفة للجميع في هذه المناسبة لأقول أننا أمام مرحلة دقيقة كحركة سياسية، مستقبلها يعتمد علينا، على قياداتها القطرية والمحلية، وعلى كوادرها، ليس فقط كطريق سياسيٍ وفكريٍ، وإنما أيضًا كأنماط تنظيم وقيم تعامل تضع "النحن" فوق "الأنا"، وترى في الصالح العام طريق لتحقيق صالح الأفراد أيضًا وليس العكس، تنظيمًا يرتبط بالناس ويعيش بين الناس. الناس، أغلب الناس طيبون، وهم من حسم وقرر، وما علينا إلا السعي لتلبية توقعاتهم وصيانة تطلعاتهم وآمالهم. "صدقنا على طول الطريق" تشكل حقيقة نحن على قناعة منها، غير أن ذلك ليس بديلا عن بلورة تصورٍ واضح نحو المستقبل، على كل المستويات وفي كل المجالات، يأخذ بعين الاعتبار المحافظة على القناعات المبدئية من جهة والمعطيات المتغيرة على أرض الواقع، من جهة أخرى، والحفاظ على الصلة المباشرة مع الناس وهمومهم من جهة ثالثة. هذا ما علينا فعله عندما نقول في مثل هذه المناسبات أننا نجدد العهد بمواصلة السير على طريق أبي الأمين ورفاقه الذين رحلوا عنا، وحتى نسلم الراية مطمئنين إلى جيل يكمل هذا الطريق. أو كما قلتَ يا أبا الأمين، "أمسِ لم نطفُ على حفنة ماء ولذا لن نغرقَ الساعة في حفنة ماء".

نفتقدك ونستذكرك في كل مناسبة نائلة زياد كثيرون هم الشعراء، والفنانون، ورجال الفكر، الذين قدموا للبشرية أعمالا ضخمة، وكان إنتاجهم قممًا في الثقافة الإنسانية. ولكن في كل الثقافة البشرية، ذات المميزات العامة، وفي كل الثقافة البشرية، ذات المميزات الخاصة بشعب من الشعوب، توجد قمم لم يستطع ولن يستطيع الوصول إليها أي شاعر أو فنان فرد. وشاعر هذه القمم غير المنازع وصانعها المبدع هو الشعب كمجموع. إن أكبر الفنانين والشعراء ورجال الفكر اللذين قدموا إنتاجا خالدا، كان سرهم الأساسي ارتباطهم بجماهير الشعب والنظر إلى تجربتهم الذاتية كجزء عضوي من التجربة العامة وفي استطاعتهم التعبير بانسجام عن ظروف عمل وحياة وكفاح الناس المحيطين بهم. هذه الصلة كانت دائما القصبة الهوائية التي كانوا يتنفسون منها. هذه الكلمات هي جزء من مقدمة كتاب توفيق زياد "صور من الأدب الشعبي الفلسطيني"، التي عبّر فيها عن أهمية الارتباط بالجماهير وقضاياها وهمومها. مرّت خمسة عشرة عامًا على رحيل توفيق زيّاد الزوج الأب، الجد، الزميل، الرفيق، المناضل. أحداث كثيرة مرت علينا كعائلة وعلينا كشعب، ونحن كشعب نمر في مرحلة صعبة من تاريخ نضالنا وكفاحنا. تغيّرات كثيرة دخلت على واقعنا الاجتماعي والسياسي وحتى الإنساني، وتغيّرت سبل الكفاح والنضال. وأردّد معك دائما يا أبا الأمين بأن "الدنيا لم تعد الدنيا". نفتقدك ونذكرك، وفي كل مناسبة نتمنى لو أنك بيننا. نستذكر تلك الأيام التي كان فيها للكلمة معنى وموقف شجاع، وفي المناسبات الصعبة نقول هذا ما قاله توفيق، وهذا ما فعله وهذا وذاك ونتوقف وننتظر ولا من جديد. بعد رحيله أقمنا مؤسسة تحمل اسمه، مؤسسة توفيق زيّاد للثقافة الوطنية والإبداع. عملنا جاهدين وما زلنا، للحفاظ على تراث وفكر وطريق توفيق زيّاد السياسي الإنساني الاجتماعي والأدبي، ومن خلال عملنا قمنا بتشجيع الكتابة والقراءة للأجيال الشابة، من خلا مسابقات أدبية، وتقديم الجوائز. عقدنا الندوات الفكرية والأدبية ومن أبرزها الذكرى الـ50 لنكبة شعبنا عام 48، وندوات خاصة بمناسبة يوم الأرض الخالد، وقدمنا برنامج للحياة معنى حيث كرّمنا بعض الأدباء والمبدعين وهم على قيد الحياة. بالتعاون مع احتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية، ستقوم المؤسسة بعدد من البرامج الثقافية حيث سيشمل مهرجانا شعريا كبيرا ندوات ومحاضرات عن أدبائنا وشعرائنا، كما أننا نحضر لعرض مسرحي غنائي لقصيدة كفر قاسم التي كتبها توفيق زيّاد عام 56 بعد المجزرة مباشرة. وتسعى المؤسسة بالتعاون مع الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة بتحضير وإنتاج فيلم وثائقي يتحدث عن مسيرة توفيق زيّاد النضالية والكفاحية، حيث ومن خلال هذه المسيرة تجسّدت طريق نضال وكفاح هذا الجزء من الشعب الفلسطيني الذي تجذر وبقي في وطنه، ومن هنا أتوجه بالشكر لجميع اللذين ساهموا وتبرعوا لإنتاج هذا الفيلم وحملة التبرعات ما زالت مستمرة. نتوجه إلى كل الذين يرددون إنا باقون على العهد وخاصة جمهور الشباب العمل على دعم المؤسسة وإنجاح برامجها وفعالياتها والعمل على تكوين كادر شبابي يواصل ويكمل الطريق.