Translation

Exchange Rates

יוני 14, 2022


דולר ארה"ב 3.446 0.17%
אירו 3.594 -0.13%
דינר ירדני 4.860 0.17%
ליש"ט 4.172 -0.51%
פרנק שוויצרי 3.466 0.12%
100 ין יפני 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

كُلثوم الناصرة، كلثوم نصر عودة فاسيليفا 1892-1965

פרוף חסיב שחאדה -הלסינקי, 6/8/2013

أنجبت أوِ احتضنت عاصمة الجليل الأشمّ، الناصرة مدينة يسوع المسيح الناصري، عشراتٍ من أعلام الفكر في شتّى ميادين العلم والمعرفة في غضون القرن المنصرم. وقد حملت هذه المدينة أسماء وألقابا كثيرة مثل ”زهرة الجليل” و”أم المغر” في تاريخها المديد، إذ أنها كانت مأهولة بالسكان في العصر البرونزي المتوسط والعصر الحديدي. ويرجع تاريخ تشييد أول كنيسة فيها ”كنيسة البشارة” إلى العام 450 م. من تلك الكوكبة النصراوية المرموقة، نذكر، على سبيل المثال، المرحومين نقولا زيادة - 1907-2006 ووديع البستاني 1888-1954 وميخائيل نعيمة 1889-1988 والأستاذة كلثوم نصر عودة، فاسيليفا لاحقا، وكانت البنت الخامسة لوالديها. كانت كلثوم سمراء اللون، نحيلة وقصيرة القامة، ويُحكى أن أمها كانت تقول لها ”مين ياخدك يا سودة”. قد تكون مثل هذه العبارة الجارحة قد انقلبت حافزا في اللاوعي لشحذ الهمم لدى الفتاة. أنهت كلثوم المرحلة الابتدائية في المدرسة المسكوبية في مسقط رأسها )ربما كانت المدرسة الوحيدة آنذاك إذ أن عدد المدارس في بداية القرن العشرين وصل إلى ثلاث( ثم توجهت إلى مدينة بيت جالا للالتحاق بـ”السمنار”، دار المعلمات الروسية. عندها كانت المراحل التعليمية مقسمة إلى مدارس أولى فمتوسطة فعليا. عملت مدرسةً بإخلاص ونشاط لافتين للنظر إثر تخرّجها بتفوّق كبير، وشرعت في كتابة مقالاتها في مجلات عدة مثل ”النفائس العصرية” في حيفا و”الهلال” في القاهرة و”الحسناء” في بيروت. في تلك الفترة، العقود الخمسة الأولى من القرن العشرين، شهدت فلسطين نهضة صحفية لا سيما في القدس وحيفا ويافا ووصل عدد الصحف قرابة الخمسين كانت ابنة اثنين وعشرين ربيعا عندما تزوجت من طبيب روسي كان قد قدم في زيارة للأراضي المقدسة ضمن بعثة طبية، وانتقلت للعيش في الشمال في روسيا حيث الثلوج والعتمة والبرد القارس رغم معارضة والديها. تعلمت كلثوم مهنة التمريض إثر قدومها للوطن الجديد وزاولتها حقبة من الزمن. وفي أعقاب ثورة أكتوبر 1917 الاشتراكية مُنحت هذه السيدة الفاضلة قطعة من الأرض لتعتاش منها بكدّ يديها وعرق الجبين. وإلى جانب هذا العمل الزراعي لإعالة نفسها وبناتها الثلاث، قامت كلثوم بنشاطات ترشيدية وتوعية في صفوف الفلاحين والكادحين، وبعد ذلك عملت الأستاذة كلثوم في تدريس اللغة العربية في كلية اللغات الشرقية بمدينة سانت بطرسبورغ حتى عام 1941 وكانت قد حصلت على درجة الدكتوراة عام 1928 على أطروحة تناولت موضوع اللهجات العربية. وعاش حين ذلك المستشرق اغناتي كراتشكوفسكي 1883-1951 الذي ترجم القرآن إلى اللغة العربية، وهو من أشهر المستشرقين بمعرفة الآداب العربية. تراوح انتاج الأستاذة العلمي، يشار إليها في أحيان كثيرة باللفظة ”المستشرقة” وهذا لا ينطبق عليها تماما )إذ أن المستشرق هو عالم غربي يعنى بدراسة الشرق كله، من حيث اللغات والآداب والحضارة والديانة الخ.(، بين تأليف وجمع وترجمة ودراسات. ولها مساهمات في تاريخ الأدب العربي ولغة المسرح والأدب المقارن، ولها كتاب يُعنى بتدريس اللغة العربية بعُنوان ”اللغة العربية للروس” وآخر ” المنتخبات العصرية لدراسة الآداب العربية”، كما وترجمت العديد من المؤلفات العربية لى الروسية مثل ”الأرض واليد والماء”، لذي النون أيوب العراقي وبالعكس من الروسية إلى العربية مثل كتاب العلامة كراتشكوفسكي عن محمد عيّاد الطنطاوي 1810- 1861 الرائد العربي، على ما يبدو، في تدريس اللغة العربية وآدابها في روسيا. وفي تلك الحقبة كانت الترجمة من الروسية إلى العربية مزدهرة في فلسطين، ساهم فيها الكثيرون أمثال فارس نقولا مدوّر وعبد الكريم سمعان ولطف الله الخوري صراف وسليمان بولس وإبراهيم جابر وبندلي صليبا الجوزي، وكذلك فعلت طالبات مدرسة ”السيمنار” الروسية في بيت جالا وصدر قسم كبير من تلك الترجمات في مجلة ”النفائس الأدبية” لمؤسسها ومحررها خليل بيدس، أول سجناء الانتفاضة عام 1919. ولا بدّ من الإشارة إلى الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية التي أنشأها النبيل ألكسندروفيتش عام 1882 إثر حجّه للقدس وكان لها أياد بيضاء في تطوير الاستشراق كان على السيدة فاسيليفا، تكنّت باسم زوجها، رعاية بناتها الثلاث بنفسها بعد وفاة زوجها عام 1919، خمسة أعوام بعد الزواج. زارت الناصرة عام 1928 وطافت البلاد واحتفى بها عدد من المفكرين والأدباء من روّاد ”مقهى الصعاليك”، منتدى المثقفين الفلسطينيين، في القدس، أمثال خليل السكاكيني وعادل جبر ولندلي صليبا الجوزي وجورجي الحلبي. ومما يُروى عنها أنها سألت بناتها فيما إذا كنّ يرغبن في مرافقتها لزيارة الناصرة فأجبن: وهل فلسطين مستقلة؟ فأجابتهن بالنفي، فقلن إذن من الأفضل البقاء هنا. ويُذكر أنه من دواعي قدومها إلى فلسطين كان الاطلاع عن كثب على وضع المرأة من جهة ورضد وتوثيق للهجات العربية والفولكلور المحلي من ناحية أخرى. لم يتسن لها، وللأسف، زيارة سوريا ومصر رغم الجهود التي بذلتها والمشقة التي تكبّدتها. أحبت كلثوم مدينتها وفلسطينها ولم ترض المكوث هناك إلا إذا كانت في البلاد مدرسة وطنية مستقلة على حساب الأهالي، وليست مدارس دمى للحاكم الأجنبي يعيّن مَن يشاء ويعزل مَن لا يُغنّي على موّاله. وقد التقت في زيارتها تلك بالمفتي المقدسي، الحاج أمين الحسيني، وقد حثّها على البقاء في الوطن عارضا عليها تسلّم ملفّ إدارة التربية والتعليم فأجابته مستفسرة، هل تضمن لي استمراري في العمل وأتا ما أنا عليه من فكر ماركسي في هذا البلد المنتدب؟ ردّ عليه المفتي: حتى ذقني هذه لا أمان عليها من الإنجليز بعد الحرب العالمية الثانية انتقلت كلثوم إلى موسكو حيث تابعت التدريس في جامعتها، وكانت عضوة فعّالة في جمعية العلاقات الثقافية السوفياتية مع البلدان العربية. وعليه فقد نالت ”وسام الشرف” عام 1962 بمناسبة عيد ميلادها السبعين، وكانت قبل ذلك قد حظيت بميداليتين ذهبيتين تقديرا لجهودها العلمية. هذا العلم الذي لا يشقّ له غبار، كانت جريئة، عاندت الزعيم جوزيف ستالين وانتقدته لاعتراف روسيا بقيام دولة إسرائيل قائلة بأنها تقام على أرض الشعب الفلسطيني، فسُجنت ثم أُطلق سراحُها إثر حملة الاحتجاج التي قام بها زملاؤها الأكاديميون بموسكو توفيت البروفيسورة النصراوية البارزة في الرابع والعشرين من تشرين الثاني عام 1965 ودفنت في مقابر العظماء ونقشت على ضريحها الكلمات ”مثلا للأحياء يُحتذى” وشعبها وأهل مسقط رأسها وحاراتها في قلبها وعقلها. لا أدري فيما إذا خلِّدت ذكرى كلثوم بأي شكل في مدينة الناصرة مثل تسمية شارع أو مكتبة على اسمها، إنها جديرة بمثل هذه اللفتة الرمزية. ثم نأمل أن يقوم واحد أو واحدة من أبنائنا العرب عامة والفلسطينيين خاصة ببحث واف وأكاديمي، أطروحة دكتوراة مثلا، عن هذه الإنسانة الفذّة ولا سيما أبحاثها العلمية ومن البدهي معرفة اللغة الروسية