Translation

Exchange Rates

יוני 14, 2022


דולר ארה"ב 3.446 0.17%
אירו 3.594 -0.13%
דינר ירדני 4.860 0.17%
ליש"ט 4.172 -0.51%
פרנק שוויצרי 3.466 0.12%
100 ין יפני 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

بائعات خبز وبائعات هوى - بقلم الكاتبة ياسمين فاعور جبارين

יסמין פאעור, 16/12/2012

يبحثن عن القمح تحت التراب بين اشواك العكوب عند صناديق النفايات بين اتراب المقابر والاموات وراء مخلفات الاسواق والمجمعات التجارية في داخلها وفوقها وحولها الا من تحت فهنك الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها مع بائعات هوى

حليمة ومريم وجوهرة وعزيزة وكوثر... وأسماء أخرى كثيرة، فتيات بين الثامنة والسادسة عشرة يقفن لساعات طويلة على حافتي الطريق الرابط بين القرى والمدن البعيدة عن اماكن سكناهن وفي أيديهن خبز تقليدي للبيع. باقات ورود ولاعات وعلاقات مفاتيح واشياء صغيرة جدا وبسيطة ...المشهد صار مألوفا منذ سنوات ودخل بسلاسة في ديكور المناطق التي اعتدنا الخروج والدخول منها. ففي كل صباح تنزل الصبايا محملات بأكياس (بضائع) مملوءة عن آخرها بالزعتر والميرمية والعكوب منتقى من الشوك المعد للبيع ولاعات وعلب سجائر علاقات مفاتيح صغيرة ورد اصطناعي للبيع ، ويتسابقن على حجز «أماكن العرض» ويبدأ فصل جديد من رحلة البحث عن لقمة العيش. يصادفن في طريقهن اطفال يبيعون اعشاب ومخللالات وتوت ارضي وتين على مسافات متقاربة وينافسهن ايضا على المواقع بائعات هوى وكلما توقفت سيارة سارعت الفتيات لعرض ما لديهن وتنافسن في إيجاد كلمات «إغراء» يستملن بها المشترين، ولا يخلو المشهد أحيانا من مشادات بينهن للظفر بزبون. كان الوقت يقارب الظهر حين توقفت سيارة « مارديسدس» سوداء نزل منها رجل في الأربعين اقترب من مريم وخالد اللذان كانا الأقرب إلى مكان توقفه وتفحص علب الولاعات واحدة واحدة وسال عن السعر الزهيد الثلاثة بشيقل ورد بتعجب هذا كثير ثم قلب ما في الكيس الذي بجانبها وطلب منها أن تخفض الثمن وإلا سيشتري من أخرى، وجرى الاتفاق على بيعه اربعة ولاعات بشيقل!!. تمت الصفقة وذهب الرجل وقد حقق مكسبا بعدما فرض سعره، بينما كوثر والأخريات ينتظرن غيره لبيع ما تبقى لديهن قبل أن يداهمهن الليل والكساد. اما بائعات الهوى اللواتي يخرجن باكرا محملات بالحقائب المدرسية محشوة بالكثير الكثير تتخفى خطاهن بحذاء طويل ممتد للركب وجاكيت طويل وبنطال اضيق من ان تتحمل عيناك المجردة من ان تشهد لك ما رايت ، واكثر الاشخاص الذي يوجه البائعات هو "شوفير التاكسي" حيث يقودهن حيث يشئن واحيانا لا يعيرهن اهتمام عندما ينتظرنه ليقلهن الى اماكن عملهن ليس بسبب مزاجه وانما الحمولة من الركاب المحترمين تجعله يخجل ان يركب احداهن ليقلهن الى المدن الاكبر نزاهة من مدننا الا في اوقات معينة فقط في الصباح فجرا عندما لا يكون ركاب الا من هذه الفئة فيغتنم الفرصة لقبض معاشه اليومية باحترام. للذين يسالون عن بائعات الهوى يخرجن صباح للعمل لا تسالها اين فهي سترد عليك الى المصنع وأي مصنع .. تغليف تعليب تجسيد ترميم تصنيع تعليب تعتيم..تحقير؟! نعم فهناك مصانع يتم فيها تحقير الانسان حيث تستعيد صياغة الاجساد المهترئة والمحتقرة الى اجساد يصلح استعمالها لخدمات خاصة جدا في غاية السرية! الموظفات يعملن بجدية ونشاط تحت اسم" بائعات هوى" شعارها "والشغل مش عيب لما انت محتاج "..

كل بائعات الخبز وكل بائعات الهوى يقلن إنهن يساعدن عائلاتهن على العيش إما لأنهن يتيمات أو لأن الوالد عاطل أو أجره لا يكفي لسد حاجات الأسرة. ان سألت عن نورا ابنة الـ 10 اعوام ستقول لك انها تبيع بين 10 و 20 ولاعة يوميا لتساعد العائلة على العيش». اما انشراح ذات الكبوت الفرو الاسود والقبعة السوداء والنظارات الاسود التي تلبسها صيف شتاء تقول انا لست بائعة هوى ولكن هذا هو العمل المؤقت ولا يتيح للعائلة مورد رزق مضمون ودائم سوى هذا . ومثلما تفعل نساء وفتايات أخريات كثيرات وعما إذا كان شغلهن يسبب لهن مخاطر واعتداءات قالت مريم «نحن نضحي في سبيل اعالة انفسنا فليس هنك من اهل يستطيعون تحمل اعباء الحياة.. يلقي علينا البعض من المارة في الشارع كلمات فظة واننا نبيع اعراضنا يهددوننا بالقتل لكن لا يفعلون شيئا فاغلب هؤلاء تكون لنا علاقات معهم مسبقا ولاننا نرفض السعر فيهددوننا على مقربة من مساكننا وعلى طول تلك الطريق ينتشر الفقر ويرى بالعين المجردة، وتظهر الفوارق الاجتماعية الكبيرة بين أصحاب القصور الفخمة التي تصطف على شاطئ البحر ولا تستغل إلا لقضاء العطل في فصل الحر يشترون ولاعة من بائع يقف في منتصف الشارع ويشترون الاجساد تحت المجمعات التجارية والمتجرات والشواطىء والفنادق ، وأولئك الذين يكدون انفسهم يوميا فقط من أجل ضمان الحد الأدنى من ضرورات الحياة... لكن، مع ذلك، الناس تجاوزوا محنهم بابتكار أساليب ضمان هذا الحد الأدنى وبروح التضامن هذه التي تحدثت عنها انشراح ومريم ونورا وخالد.. رغم صعوبة البحث عن لقمة العيش بين ولاعة سجائر واشواك العكوب وبين الاعراض الا ان المراة الحرة لا تاكل اثدائها سواء بائعات خبز او بائعات هوى لا قانون عمل يحميهن ، ولا حكومة تلقي نظرة ، ولا برلمانيات يعاركن من اجلهن بائعات رصيف يبحثن عن تاشيرة عبور للبيع داخل الخط الاخضر وبائعات هوى يبحثن عن اشارة اصبع للنوم فوق الخط الاحمر ...وماذا بعد والى متى؟..