Translation

Exchange Rates

יוני 14, 2022


דולר ארה"ב 3.446 0.17%
אירו 3.594 -0.13%
דינר ירדני 4.860 0.17%
ליש"ט 4.172 -0.51%
פרנק שוויצרי 3.466 0.12%
100 ין יפני 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

من اجل أداء أفضل للجاليات الفلسطينية في أوروبا، دعونا نتحاور.. بقلم: غسان يونس،

מערכת, 5/12/2009

تشهد أوروبا في الآونة الأخيرة تزايدا ملحوظا في نشاط مواطنيها من أُوُصول فلسطينية، إذ تتالت مؤتمرات حق العودة وغيرها، كذلك لوحظت نشاطات أخرى ذات طابع ثقافي. يعود هذا بتقديري إلى عدة أسباب بعضها متعلق بما يجري في فلسطين خصوصا والساحة العربية عموما، وبعضها له علاقة بنضوج الجاليات نفسها وتهيئة ظروف تفعيلها.

يساور الفلسطينيين في أوروبا ( والفلسطينيين عموما) قلق مشروع مما ُيطبخ لقضيتهم،حيث أدت اتفاقية ُأوسلو إلى تهميش كبير لمُؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية- المُمثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني- لصالح السُلطة الفلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1967 والتي هي من إفرازات هذا الاتفاق. هذه السلطة التي حاولت إضفاء الشرعية على نفسها كممثله لكامل الشعب الفلسطيني وليس فقط بلديات الضفة والقطاع كما سمحت لهم إسرائيل وكما تنص بنود ألإنفاق. وقد أعتبر هؤلاء أن رئيس السلطة هو رئيس الشعب الفلسطيني وله الحق الكامل بالتفاوض باسمه دون الرجوع إلى مؤسسات م ت ف، متناسين أن أحدا لم يستفتي الشعب الفلسطيني عند توقيع أوسلو أولا ومتجاهلين ثانيا وبشكل سافر أن غالبيه الفلسطينيين لم تشارك في هذه الانتخابات لتواجدهم القصري في الشتات خارج الأراضي المحتلة عام 67. نعم، فرئيس السلطة ورئيس حكومتها منتخبان وبانتخابات ديمقراطيه ولكن: من اجل تسيير الشؤون الإدارية للمناطق التي تحت سيطرتهم في الضفة والقطاع، أما شؤون القضية بشكل عام فيفترض أنها من اختصاص منظمة التحرير( التي يتوجب إصلاحها وفتح أبوابها أمام حركات غير ممثله بها حتى الآن). أضف إلى أزمة التمثيل هذه تلك التصريحات المتتالية لبعض رموز أوسلو حول "السلام المعقول والقابل للتنفيذ" بدل السلام العادل، والسلام "المتاح" بدلا عن السلام الشامل، الخ. من هنا لا يمكن تفسير هذا بغير أن ( جماعة أوسلو) مستعدة وتعد العدة للتفريط بالثوابت. هذه النوايا المفضوحة إذا وخلط أوراق الشرعية تشكل مصدر قلق وارق للفلسطينيين في الشتات والداخل أيضا.

أدى ما تقدم إذا إلى التسريع من وتيرة النشاط الفلسطيني الهادف سواء إلى الوقوف بوجه ما يبدو انه توجه للتفريط بحق العودة من قبل جهات لم يكلفها احد بذلك، أو من اجل التعريف بالقضية الفلسطينية وتجنيد الدعم لها إضافة إلى رعاية الهوية وتأمين تواصل الفلسطينيين فيما بينهم ومع وطنهم الأم. لكن هذا النشاط - رغم الحماس والنوايا الحسنة للغالبية العظمي من الناشطين- لا يخلو من الفوضى والخلافات التي من شانها أن تعرقل ديمومة وتطوير النشاط الفلسطيني في الشتات. في نظرة فاحصة للأمور نرى أن السبب في ذلك يعود في الأساس-هذا مع افتراض حسن النية- إلى الخلط الساذج بين السلطات وسوء فهم لطبيعة نشاط المجتمع المدني( المنظمات الغير حكوميه) وسوء استخدام للمصطلح. لذا، ونظرا لأهمية الدور الذي من شأنه أن يكون للفلسطينيين في أوروبا، ولكي لا تأخذ الخلافات من وقتنا وجهدنا، أرى انه لا بد لنا من التحاور حول آلية العمل والتمثيل ووحدة المصطلح. أمامي الآن وأنا اكتب هذه السطور، ما لا يقل عن سبعة بيانات من فعاليات فلسطينيه تندد بهذا المؤتمر الذي استثناهم بغير حق، وتحذر ذلك الشخص الذي يدعي تمثيلهم دون تخويل منهم، الخ.

ٳن من أكثر المصطلحات شيوعا هو ما يسمى بالجالية، فكثيرا ما نقرأ أن الجالية الفلسطينية في المكان الفلاني تستنكر وان رئيس الجالية قد صرح وعمل وقام وشرب وما إلى ذلك. ما المقصود بالجالية وكيف أصبح فلان رئيسا لها؟ دعونا في البداية نتفق على تعريف الجالية، فأبدأ باقتراح التالي: إن الجالية الفلسطينية في البلد الفلاني هي مجموع الفلسطينيين اللذين يقيمون في هذا البلد على اختلاف أجناسهم، دياناتهم، أعمارهم، انتماءاتهم السياسية وعلى اختلاف أسباب ونوع إقامتهم. هناك من هاجر لأسباب اقتصادية وهناك من هاجر لأسباب سياسية وأمنيه، هناك أيضا من هم ذوي إقامات مؤقتة بسبب الدراسة. لكل هؤلاء قاسمان مشتركان: الأصل ومكان الإقامة الحالي. إذا افترضنا الاتفاق على هذا، أي على ماهية الجالية نكون قد قطعنا شوطا لا باس به منتقلين إلى الموضوع الآخر: موضوع التمثيل وآليته، من يمثل من؟ ومن يرأس من ؟ وكيف؟

غالبا ما يبدأ نشاط أية (جالية) بمبادرة فرديه أو بان يتداعى عدد من أصحاب الغيرة بنية خلق إطار ما وعلى أرضية قواسم مشتركة للمبادرين أولا ولمن يتوخون انضمامهم إليهم ثانيا، وقد جرت العادة أيضا بأن يقوم من لبى الدعوة باستحداث نظام داخلي ( أو الالتزام بقانون الروابط والجمعيات المعمول به في البلدية التي انبثقت بها المبادرة) يكون بمثابة ضامنا وقانونا داخليا( وخصوصا المالية منها) يحتكمون إليه في العلاقة فيما بينهم وبرنامجا للتعريف بهم وبنواياهم. وكما أن المبادرة فردية وحرة فان قرار ألانضمام إلى هذا الإطار لا يمكن له إلا أن يكون حرا، ينبع من قناعة الفرد الشخصية سواء بأصحاب المبادرة وبرنامجهم أولا، أو حكمه على نفسه ثانيا: هل تتوفر لديه الرغبة والقوة على العمل ؟ هل هذا هو الإطار الصحيح بالنسبة له لخدمة قضيته؟ ليس بالضرورة.

هناك من يرى له دورا في خدمة قضيته من خلال الموسيقى والفن ومن الطبيعي أن يتصل ويتواصل وينشط مع من هم مثله ويشاطرونه الميول والتطلع، وهناك من هو ناشط من خلال النقابات العمالية وهناك من يعمل من خلال الجامعات أو من خلال اتحاد المعاقين ويرى لنفسه دورا مهما في جلب المساعدات والدعم للمصابين والجرحى الفلسطينيين. في الحقيقة لا يمكن حصر الأبواب والإمكانيات التي من شأن الفرد أن يجد لنفسه دورا بها. وبالإضافة إلى عامل القناعة الشخصية والقدرات والمهارات الفردية هناك عامل آخر في غاية الأهمية ألا وهو عامل الجغرافيا، إذ يتوزع الفلسطينيين في النرويج مثلا على كامل تراب المملكة، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ومن الغرب إلى الشرق يعيشون ضمن مناخات سياسيه واجتماعيه مختلفة ومتنوعة تحتم عليهم أتباع مناورات وإستراتجيات وتحالفات سياسية متعددة تمليها الظروف المحلية في كل بلدية وولاية، وهذا بحد ذاته شيء طبيعي ومفهوم ومبارك في الوقت ذاته طالما أن المصلحة الفلسطينية هي الهدف والعنوان.

واقع الحال على الأرض يؤكد أن هذا هو السياق الطبيعي للأمور، إذ تشكلت في النرويج مثلا العديد من الفعاليات في أماكن جغرافية مختلفة وتحت مسميات مختلفة أيضا، منها من هو جديد ومنها من غاب وعاد بثوب جديد ومنها من كان ولم يعد نهائيا. يعمل الجميع كل في مكانه وحسب برنامجه وإمكانياته ممثلا لأعضائه المنتسبين والمسجلين طوعا كما أسلفنا. هذا باستثناء الرابطة المسجلة في بلديه أوسلو تحت اسم( ما ترجمته الحرفية من النرويجية): الرابطة الفلسطينية في أوسلو، لكن ولأسباب لن أخوض في تفاصيلها الآن، درجت العادة وعند ترجمة ألاسم إلى العربية أن ُيحور الأسم ليصبح: "الجالية الفلسطينية في النرويج" وليصبح الشخص الذي ينتخبه أعضاء الهيئة الإدارية اللذين انتخبهم من حضر من أعضاء مؤتمر الرابطة العام: رئيسا للجالية الفلسطينية في النرويج. لا بد هنا من التنويه أن هذا الخلط ليس من ابتكار الهيئة الإدارية الحالية للرابطة ورئيسها إنما هذا ما ورثوه عمن سبقهم ويعود الأصل فيه إلى أول محاوله للعمل الفلسطيني المدني المنظم في النرويج أواخر السبعينيات وبداية الثمانينات. هذا الاستثناء الذي تشكله الرابطة الفلسطينية في أوسلو( الجالية الفلسطينية في النرويج- كما تسمي نفسها) كان في الآونة الأخيرة سببا للخلاف والاختلاف ومن ثم التراشق الكلامي( عبر البيانات والبيانات المضاضه) بين العديد من الفعاليات على الساحة النرويجية وينطبق هذا- حسب معلومات أكيدة لدي- على العديد من الدول الأوروبية.

يمكن وبسهوله فهم المنطق الذي تتسلح به تلك الفعاليات في احتجاجها ورفضها لاحتكار (رابطة أوسلو) أ لتمثيل الفلسطينيين في هذا البلد. فالسؤال البديهي الذي طالما طرح هو: ما هي الصفات القانونية التي يتمتع بها أفراد رابطه أوسلو والتي هي غير متوفرة لدى غيرهم في مدينه أخرى؟ فلنفترض مثلا أن مجموعة من الفلسطينيين وبموازاة مع المبادرة التي انطلقت في أوسلو قامت بالدعوة إلى اجتماع في مدينة بيرغن من اجل تأسيس (جالية فلسطينية) في النرويج ومجموعة أخرى في مدينه ثالثه، ورابعة وخامسة الخ، فما هو الفرق بين كل هذه المبادرات؟ ولماذا يعتقد البعض أن الشرعية وبشكل تلقائي يجب أن تكون إلى جانب من اجتمع في أوسلو وليس في أية مدينة أخرى؟ من قال أنني مجبر على أن ألبي دائما أية دعوة لأي نشاط وفي أي مكان؟ وإذا لم أحضر لسبب أو لآخر يحق لمن حضر أن يتكلم باسمي؟ رغم أنني لست عضوا في هذه الرابطة ولا أشارك في اجتماعاتها ولا علاقة فعلية لي بقراراتها؟ إن عضوية الفرد في هذه الرابطة أو تلك يجب أن تكون نابعة من قراره الحر ولا يحق لأحد مصادرة هذا القرار، أما العضوية المعنوية في الجالية فهل ليست اختياريه وغير مقرونة بمشاركه ماديه بل يكتسبها الفلسطيني تلقائيا يوم حطت به الأقدار في النرويج للاستقرار بها ولو على شكل مؤقت. لذا أرى بضرورة الكف عن استعمال هذا التعبير واختيار أسماء تناسب نشاط وتطلعات كل جمعية أو رابطه أو اتحاد على حدة واعتبار كل منها منظمه غير حكومية تخضع للقوانين المحلية وقرارات أعضائها فقط. فإذا اقتنعنا بهذا وقبلنا به نكون قد وصلنا إلى المحور الثالث في هذه المقالة: مسألة التكامل والتعاون والتعاضد بين كل هذه المنظمات الغير حكومية.

عندما نكون قد قبلنا بمبدأ تعريف الجالية واتفقنا بعد ذلك على أن الديمقراطية( والمصلحة الوطنية) تستدعي منا احترام ومن ثم قبول أي قرار لأية مجموعة بتأسيس الرابطة أو الجمعية التي تتناسب مع ميولها ومهارات أفرادها والظروف الاجتماعية والسياسية التي تمليها عليهم الجغرافيا، يتبقى أن نتفق إذا على آلية ناجعة للتعاون والتواصل بين كل هذه الفعاليات تضمن للجميع حقوقهم وتجعل من تعاونهم قوة. لا أرى بديلا عن أن تنتخب كل فعاليه مندوبا لها ليشكل مع غيره من المنتدبين من فعاليات أخرى إطارا يكون مكانا للجميع لعرض برامجهم بهدف المساعدة وطلب الدعم عند الحاجة، كذلك تبادل المعلومات، الخ. من ثم ينتخب هذا الإطار شخصا يكون بمثابة منسقا أو سكرتيرا ولا ضرر من أن تتم المناوبة في هذا بين جميع الفعاليات. فمن شأن مثل هكذا حل أن ُيؤمن قنوات فعالة وسليمة للتنسيق والتواصل، ومن شأنه أيضا أن ُيخفف من أجواء عدم الثقة السائدة اليوم ليحول كل هذه الطاقة إلى طاقه ايجابيه تصب في اتجاه العمل البناء. في أوسلو على سبيل المثال هناك نوع من المضاربة بين النشاطات المختلفة وفي أحيانا كثيرة مقاطعة شبه تامة لنشاط هذه ألمجموعه من قبل تلك، والحال ليس بأفضل منه في العديد من المدن ألأوروبيه.

في الختام، اذكر مثالا للتنسيق والتعاون البناء أدى إلى نتائج ايجابيه تشجع على تكرار التجربة وتدعم ما أنادي إليه. فقد أقيم في أوسلو (أواخر أيار) معرضا فلسطينيا بمناسبة تسعه وخمسون عاما على النكبة، عرضت به صور للحياة اليومية للفلسطينيين ما قبل النكبة، أثنائها، ومعاناتهم المستمرة إلى اليوم، كذالك تم عرض الكثير من المطرزات الجميلة، كما عزفت وغنت فرقة القدس للفلكلور بعضا من تراثنا. لقد حضر المعرض عددا غير مسبوق من السلك الدبلوماسي ( سبع سفراء لدول شقيقة وصديقه) وعدد من الأكاديميين والناشطين،كذلك- وهذا ربما هو الأهم- زيارة مبرمجه لمدارس نرويجيه بمرافقة معلمي التاريخ، وقد أبدى هؤلاء الطلاب اهتماما شديدا ودهشة لما سمعوه ورأوه. شارك في انجاز هذا المعرض كل من اللجنة الثقافية النرويجية الفلسطينية، كونفيدراليه حق العودة ممثله بلجنة حق العودة في أوسلو، ممثليه م ت ف في النرويج، فرقه القدس للفولكلور-أوسلو، اكبر إتحاد للعمال في النرويج، والمنظمة الحاوية لأكبر عدد من الفعاليات النرويجية من أجل فلسطين. كواحد ممن واكبوا هذا العمل منذ أن بدأ فكره أقول وبكل ثقة انه لم يكن ليكون دون كل هؤلاء معا. لقد كانت لقاءاتنا تتم في مقر ممثلية م ت ف ( سفارة دولة فلسطين)، وكم كان المشهد مفرحا والكل يساهم بما لديه، هذا بصور ما قبل النكبة وهذا بمعرض للصور من مخيمات لبنان، هذا يؤمن القاعة وذاك يتبرع بتصميم الملصق... فهل لهذا المشهد المفرح أن يتكرر؟ بالديمقراطية والاحترام والمساواة؟ هل لنا أن نتعاون بأسلوب حضاري ونترك مناصب وهميه لتكون تاريخا؟ انه ببساطه، من غير المعقول أن يكون هناك " رئيس للفلسطينيين في النرويج" أو المانيا أو النمسا أو إيطاليا... الخ. فلمثل هكذا مسمى لا توجد أية أرضيه قانونيه أو منطقيه أو أخلاقيه حتى.