Translation

Exchange Rates

יוני 14, 2022


דולר ארה"ב 3.446 0.17%
אירו 3.594 -0.13%
דינר ירדני 4.860 0.17%
ליש"ט 4.172 -0.51%
פרנק שוויצרי 3.466 0.12%
100 ין יפני 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

نكبة الامة... ليست في الحكام وحدهم / احمد منصور

מערכת, 9/2/2009

علماء الأمة الذين يشكلون العصب الرئيسي للشعوب أصبحوا أزلاماً للحكام ويضفون شرعية علي أنظمتهم ، رغم المشهد القاتل فهناك أمل في ولادة قائد منقذ يخرج هذه الأمة من كبوتها. يلقي الكثيرون بالمسئولية علي الحكام وحدهم في النكبة التي تعيشها الأمة في ظل حرب الابادة التي يقوها الصهاينة أعداء الإنسانية علي قطاع غزة، وهذا صحيح فالحكام الذين يدافع بعضهم جهارا نهارا عن الصهاينة ويتواطأون معهم ضد مصالح الأمة ويشاركونهم الولوغ في دماء الشعب الفلسطيني العربي المسلم، مسئولون أمام الله ثم أمام الناس والتاريخ عما يحدث لشعب فلسطين، لكن في ظل مرور ما يقرب من شهر علي الهجمة الصهيونية الشرسة علي الشعب الفلسطيني في غزة، يؤكد المشهد العام أن الحكام ليسوا وحدهم مسئولين، ولكننا نتساءل بوضوح ودون مواربة ودون مجاملة وأين العلماء؟ أين علماء الأمة الذين يشكلون العصب الرئيسي للشعوب، لاشك أن هناك قطاعاً من هؤلاء لا يرجي من ورائهم أمل لأنهم أزلام الحكام وأحذيتهم التي يمشون بها في الناس حيث يضفي هؤلاء المشروعية علي الحكام فيما يقومون به بل إنهم يدعون لوجوب طاعتهم حتي لو في المعصية والتواطؤ مع الكافرين، وقسم منهم شأنهم شأن العامة يعيشون العجز بكل أشكاله ومراحله، لكن هناك قسماً مازال الناس يثقون فيهم وينتظرون منهم ما هو أكبر من الظهور علي الفضائيات وإعلان الفتاوي والمؤازرة لشعب فلسطين، هل ما يقوم به كبار علماء الأمة يمثل ذروة سنام الجهاد وغايته، أم أن النتائج الهزيلة التي حققوها حتي الآن لا تقل في عمومها سوءا عن دور الحكام، وإذا كانوا يقولون إنهم قد تكلموا فقد تكلم كثير من حاخامات اليهود المعارضين لإسرائيل ربما بكلام أقوي من كلام بعض علمائنا، وبالتالي فإن دور العلماء في الأمة ليس الكلام أو الشجب أو الإدانة أو الاستنكار أو القيام بتصرفات تضفي شرعية علي تصرفات حكام أعلنوا مواقفهم صريحة مما يحدث في غزة وهي موالاتهم لليهود واشتراكهم معهم فيما يقومون به وإنما موقفهم كان علي مدار التاريخ أكبر من ذلك بكثير وينبغي أن تكون مواقفهم مناسبة للحدث الجلل الذي يحيق بالأمة، ولن نذكر الكثيرين ولكن نذكر واحدا منهم هو عالم مصر وإمامها العز بن عبد السلام الذي باع المماليك وكانوا حكام مصر حتي يجهز الجيوش لمواجهة الغزاة فبين ما ينبغي أن يكون عليه العالم حينما يواجه السلطان الجائر وحينما تكون الأمة تحت الخطر. أما الحركات القومية فلم يزد موقفها علي موقف العلماء من شجب وإدانة وكفاح بالحناجر ومشاركة في المسيرات والمظاهرات واحتجاجات علي شاشات الفضائيات. أما الحركات الإسلامية فإن مصيبتها أكبر وعجزها أبشع، فقد ابتلي معظمها بقيادات لا تعي متطلبات المرحلة ولا حسن الخطاب، وإذا حاولنا أن نتحدث بمكاشفة لا نفاق فيها عن موقف كبري الحركات الإسلامية وهي جماعة الإخوان المسلمين التي دفع مؤسسها حسن البنا حياته ثمنا لفلسطين حيث كان قبل ستين عاما أكثر الناس وعيا بقضيتها وكان الحامل الأول لراية الدفاع عنها والقتال في سبيل تحريرها من اليهود الغاصبين، ويكفي الرجوع لما تركه من أدبيات حتي ندرك أن حسن البنا لم يكن يتعامل مع قضية فلسطين كما يتعامل الإخوان اليوم بالبيانات المتناقضة أو برفع الأحذية في البرلمان المصري دون دراية أو أبعاد للتصرفات غير المدروسة أو التصريحات الفارغة التي يدلي بها كثيرون منهم في وسائل الأعلام، ماذا يفعل 88 نائبا للإخوان في البرلمان المصري غير إضفاء المشروعية علي المهازل الذي يمارسها النظام وعلي رأسها مد إسرائيل بالغاز؟ وماذا يفعل المتحدثون باسم الإخوان الذين يظهرون علي شاشات التلفزة متخبطين ومتلعثمين ومتناقضين في أدائهم وتصريحاتهم وكأنهم قد ضاعت منهم أهدافهم وركائزهم وتاريخهم وصاروا يبحثون عن شيء لا يعرفون كنهه ولا مراميه ونسوا أن مرشدهم الأول دفع حياته مع عشرات أو مئات من الإخوان قبل ذلك فداء لقضية فلسطين، ولماذا لا يصارحون أنفسهم بواقعهم ويحاولون إصلاحه قبل أن تتجاوزهم الأحداث ويتجاوزهم الواقع والمستقبل وحتي التاريخ؟ أما المسيرات والمظاهرات التي تقوم بها الشعوب فكلها تدخل في إطار الغضب المقنن حيث يحتشد الآلاف أو عشرات الآلاف أو حتي مئات الآلاف محاطين بأكثر منهم من قوات الأمن التي إن سمحت لهم بالهتاف تتركهم حتي تحتقن حناجرهم ثم يعودوا قانعين إلي بيوتهم راضين بأنهم قد قاموا بواجبهم تجاه إخوانهم الذين يذبحون عيانا جهارا علي شاشات التلفزة أمام العالم أجمع في نكبة جديدة أكبر من كل النكبات التي حلت من قبل بالأمة. مشكلة هذه النكبة التي نعيشها أنه لا أحد يستطيع أن يختبئ الكل يشاهد ويري صوتا وصورة ومن ثم فإن الناس كلها تري تخبط قيادات الأمة بكل أطيافها وألوانها في أدائها الإعلامي والسياسي حتي أصبحت مواقف بعضهم موافقة لمواقف بعض الأنظمة المتواطئة مع اليهود بينما الآخر يبدو متلعثما لا يدري كيف يقول كلمة حق لا يداري فيها ماداموا مثل غيرهم ليس لديهم سوي الكلام. مشهد الأمة برمته ليس مؤلما ولا محزنا ولا مخزيا ولا سيئا فحسب ولكنه مشهد قاتل أمة كاملة وصفها الله بأنها » خير أمة أخرجت للناس » لا شيء فيها يدل علي الحياة سوي الفئة القليلة الصامدة المرابطة في غزة التي تدافع عن الدين والعرض والشرف ومعهم قليل من المخلصين الذي عرفوا طريقهم لنصرة أهل فلسطين فأخذوا يعملون لنصرة دينهم وإخوانهم في العروبة والإسلام بصمت، بينما الأمة كلها بين مشارك أو متواطئ أو متفرج أو ميت أو عاجز أو مشارك بالهتاف. ليست المرة الأولي التي تمر فيها الأمة بمثل ما تمر به لكنها الحالة التي يجب أن يتصارح فيها الجميع وأن يكف المنافقون عن نفاقهم لأن المواجهة مع الذات ومحاسبة النفس هي بداية لتصحيح الطريق وتحديد الهدف واليقظة من السبات، ورغم المشهد القاتل فإن مثل هذه المشاهد عادة ما تخفي بعض الأمل وتكون تمهيدا لولادة قائد منقذ يخرج هذه الأمة من كبوتها، ويقودها إلي عزها ومجدها فالأمم تنهض من العجز وأمتنا عاجزة، وتفيق من السبات وأمتنا في سبات عميق، وتسير نحو العز وأمتنا في ذل شديد، وحرب غزة كشفت الواقع علي حقيقته وإذا كانت الخرائط عادة ما تتغير بعد الحروب حتي لو كانت محدودة فإننا نأمل أن تتغير كل خرائطنا بعد معركة غزة، وأن تكون نهايتها بداية لخرائط جديدة لم يخطط لها الأعداء ولكن ربما شاء الله لها أن تكون ولننتظر الصبح.. أليس الصبح بقريب؟