Translation

Exchange Rates

יוני 14, 2022


דולר ארה"ב 3.446 0.17%
אירו 3.594 -0.13%
דינר ירדני 4.860 0.17%
ליש"ט 4.172 -0.51%
פרנק שוויצרי 3.466 0.12%
100 ין יפני 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

التجسس الامريكي والـتذمر الاوروبي

מערכת, 30/10/2013

السؤال لماذا تظاهرة الغضب هذه، والمطالبة بمراجعة العلاقة مع امريكا، مع انها علاقة فوق الاستراتيجية، أي انها مصيرية بامتياز؟

زعماء اوروبا، الذين اظهروا غضبا شديدا ازاء معلومات سنودن حول تجسس امريكا على مكالماتهم وحتى هواتفهم الشخصية، كانوا جميعا يعلمون ان الاجهزة الامريكية لا توفر احدا من ميكروفوناتها، وكاميراتها التي تبث مباشرة الى الاقمار الصناعية، وتسرب حسب الاحتياجات الامريكية الى الصحافة واحيانا يتم انتاج افلام في هوليوود ، تثبت ان العيون والاذان الامريكية تنتشر في كل مكان، وخصوصا في بيوت الاصدقاء، والحلفاء قبل المحايدين والاعداء.

السؤال لماذا تظاهرة الغضب هذه، والمطالبة بمراجعة العلاقة مع امريكا، مع انها علاقة فوق الاستراتيجية، أي انها مصيرية بامتياز؟

فضيحة سنودن، ووقائع التجسس وخصوصا على صاحبة العصمة السيدة ميركل، تصلح ذريعة سياسية واخلاقية لفتح ملفات كانت اوروبا متهيبة من فتحها خلال العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية وتكرس نفوذ القطب الامريكي على الصعيد العالمي في مواجهة القطب الاقل نفوذا الا وهو الاتحاد السوفياتي.

كان الخطر الشيوعي، المسلح بحلف وارسو، والعديد من الاحزاب الشيوعية المتنفذة في اوروبا الغربية، بمثابة الحافز الدائم والنشط والمتجدد ، لتبعية أوروبية شبه عمياء للسياسة الامريكية ومواقفها من جميع قضايا العصر، حتى الاوروبية منها، وحين انهار الاتحاد السوفياتي، وخرج من واقع القطبية التقليدية بين وارسو والاطلسي، وتكرست مرحلة القطب الواحد أي الامريكي ولو الى حين ، ظلت امريكا هي امريكا واوروبا هي اوروبا، بحيث لا نفوذ للقارة العجوز في أي قضية دولية، الا وفق الهامش المسموح به امريكيا، وهنا في الشرق الاوسط حيث المصالح الأوربية اكبر واعمق واكثر من المصالح الامريكية، ظلت اوروبا على هامش اللاسياسة الامريكية وكلما حاولت ادخال انفها ولو قليلا في امور الشرق الاوسط كانت امريكا تقرع لها جرس انذار مخيف، يحذرها من تجاوز دورها كممول اقتصادي للمقاولات السياسية الامريكية ولا اكثر، مع ان للأوروبيين تجربة ودراية في شئون الشرق الاوسط تتفوق كثيرا على التجربة الامريكية، التي تقوقعت داخل الصندوق الاسرائيلي، وامتدادها في الداخل الامريكي، وخصوصا في مؤسسة الكونجرس ذات النفوذ القوي في تشكيل السياسات والمواقف الامريكية عموما.

والسؤال... ونحن ما نزال نتابع فصول فضائح سنودن المتوالية بلا هوادة على رأس النظام الامريكي ولا اقول الادارة فقط..

السؤال .. الى أي مدى سوف تستمر اوروبا في لعبتها الجديدة مع امريكا تحت عنوان التجسس اللاخلاقي على الاصدقاء والحلفاء؟

هل ستقوم حقا بمراجعة العلاقة مع امريكا على قاعدة احترام الحلفاء والاعتراف بدورهم او حتى مقترحاتهم في القضايا الدولية؟

هل ستتقدم اوروبا في معادلة القوى خطوات اقوى الى الامام ، مستغلة ضعف الادارة الحالية وازماتها الداخلية، وتشكك الحلفاء التقليديين في جدوى التحالف معها؟

ان اوروبا لا تجازف، ولئن بالغت في الاحتجاج والادانة بشأن التجسس الامريكي، الا انها فيما يبدو لن تذهب بعيدا في طلباتها من امريكا وقد تبرم اتفاقا اخلاقيا جديدا يحد من التجسس على الهواتف الخاصة، مع بعض التحسينات في امر التفاهم السياسي حول القضايا الدولية الراهنة؟

هذا ما يمكن ان يتم على الارجح ، ذلك ان اوروبا المتذمرة سياسيا واخلاقيا تدرك انها هي بالذات تواجه ازمة مالية لا تسمح بالتمادي في الحساسيات مع العراب الامريكي ، الا ان ما صار ملحا في هذا الوقت بالذات، هو تعديل النهج الامريكي المتعالي مع اوروبا، فمع بروز التأثير الصيني والروسي وزيادة منسوب التمرد على امريكا في اماكن عديدة من العالم، صار سعر اوروربا اعلى من ذي قبل، بل صار التفاهم معها حول العديد من القضايا ضرورة حتمية بما في ذلك قضايا الشرق الاوسط التي تضطرم من محيطه الى خليجه ، وتصل ألسنة نارها الى اوروبا .