Translation

Exchange Rates

יוני 14, 2022


דולר ארה"ב 3.446 0.17%
אירו 3.594 -0.13%
דינר ירדני 4.860 0.17%
ליש"ט 4.172 -0.51%
פרנק שוויצרי 3.466 0.12%
100 ין יפני 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

"الشرطة المجتمعية" بالكويت تطور مؤسسي للعمل التطوعي

מערכת, 4/7/2010

يمتاز المجتمع الكويتي بالتماسك والتشارك الاجتماعي في صورة تعاضدية في غالب مراحل تطوره، حيث لا يكاد المتابع التمييز بين الرسمي والشعبي في ذلك البلد، ولعل لجان العمل الخيري ولجان التكافل الاجتماعي تحظى بثقة الحكومة الكويتية التي واجهت بقوة دعاوى عالمية لحظر بعض الجمعيات الخيرية بذريعة الإرهاب ..أو غيرها من الحجج الواهية، ومنذ بدايات العمل الخيري في الكويت فطن القائمون عليه إلى توطينه بالمجتمع الكويتي بالتوازي مع انطلاقته في أنحاء المعمورة، فتجذرت معاني وقيم العمل التطوعي في المجتمع ، فلا تكاد تخلو منطقة أو حي من أحياء دولة الكويت من الفرق التطوعية التي تتباين في اهتماماتها وتتوحد في أهدافها التي تتمحور حول خدمة المجتمع، وقد شهدت الكويت ملحمة شعبية من التطوع والكفاح المدني بل والمقاومة الشعبية المسلحة للغزو العراقي في تسعينيات القرن الماضي، فأدارت فرق المتطوعين المخابز والمستشفيات وتكفلت بدفن الموتى وتوفير الطعام للكويتيين وإدارة الأحياء ووقف السرقات في مشهد للبذل والعطاء الطوعي ...وامتدت مسيرة التطوع وتنوعت أشكالها وتمايز أداء العمل الخيري في تسابق مع التطورات العالمية فشمل مجالات التعليم والثقافة والمجتمع ...ولعل أبرز مستجدات العمل التطوعي وتسخيره لخدمة الأمن والاستقرار المجتمعي من خلال ما تعارف عليه من نظام "الشرطة المجتمعية" التي تستلهم فكرة الـ The Neighbourhood Watch في المملكة المتحدة ، أو الـ Community Watch في الولايات المتحدة والتي تهدف الى سلامة المجتمع ومساعدة الناس على حماية انفسهم وممتلكاتهم والحد من الخوف من الجريمة عن طريق تحسين امن الوطن، وزيادة اليقظة

حيث تقوم الفكرة الأساسية على أن مسؤولية تحقيق الامن والاستقرار في البلاد لا تتحملها الشرطة وحدها فهي مسؤولية تشارك فيها كافة الاجهزة الرسمية والاهلية اضافة الى المواطنين، ومن هنا ظهرت الحاجة الى ضرورة ابتكار اساليب جديدة للعمل الشرطي تتفق مع المفهوم الشامل للامن...ومن هذا المنطلق جاءت فكرة الشرطة المجتمعية التي تهدف لانشاء جهاز مركزي لاستقبال الخلافات والتجاوزات الامنية والاجتماعية-حسبما يقول الفريق متقاعد ثابت محمد المهنا وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون الأمن العام سابقا خلال تصريحات لكونا..

ورغم جدارة الفكرة إلا أنه حتى الان ما زال نظام "الشرطة المجتمعية" يراوح أدراج وزارة الداخلية دون التفعيل على أرض الواقع، رغم صدور قرار داخلي لوزير الداخلية في العام 2008، رغم أهميتها للمجتمع الكويتي، بعد تحقيقها خطوات متقدمة في أبو ظبي والأردن وسنغافورة والولايات المتحدة الأمريكية.. وتقوم الفكرة الأساسية للشرطة المجتمعية على إطفاء الحرائق الاجتماعية قبل وصولها إلى الأجهزة الأمنية بتدخل اجتماعي من قبل شخصيات مجتمعية– غالبا من المتقاعدين والمتطوعين- لتلطيف حدة المشكلات الاجتماعية أو ما يمكن توصيفه بـ"إصلاح ذات البين بعيدا عن المخافر والقضايا".

وكانت وزارة الداخلية الكويتية ممثلة بمديرية شؤون الأمن العام قد أقرت تشكيل إدارة جديدة تسمى إدارة الشرطة المجتمعية ضمن هيكلها الجديد بناءً على قرار وزير الداخلية الفريق الركن متقاعد الشيخ جابر الخالد رقم (2411) لسنة 2008 بشأن الهيكل والدليل التنظيمي الجديد لوزارة الداخلية، وتتكون إدارة الشرطة المجتمعية من خمسة أقسام (البحث، الدعم الاجتماعي، الزيارات والأنشطة الاجتماعية، الدراسة والتحليل والإحصاء، الخدمات المساندة.) وتشمل أقساما لها في المحافظات الكويتية الست.

الأمن مسئولية مشتركة وتسعى الداخلية الكويتية لتحقيق المفهوم الشامل للأمن وخلق علاقة ايجابية مع المواطنين لتحقيق الأهداف الأمنية، وذلك انطلاقا من أن مسؤولية تحقيق الأمن والاستقرار ليست مسؤولية الشرطة وحدها بل أصبحت مسؤولية تتشارك فيها الاجهزة الرسمية والاهلية كافة، اضافة إلى المواطنين..

مهام واختصاصات وتضطلع إدارة الشرطة المجتمعية وفق القرار بالعديد من المهام ، منها: تنمية وتعميم مفاهيم الشرطة المجتمعية لدى العاملين في جهاز الشرطة وأفراد المجتمع المدني، وتدعيم العمل الاجتماعي في جهاز الشرطة شكلا ومضمونا وتفعيل الدور الوقائي من الجريمة، وإشراك المجتمع في هذه المسؤولية وكسر الحاجز النفسي لدى أفراد المجتمع والقضاء على مسببات الخوف من رجل الشرطة، وتعميم أسلوب الاصلاح واعادة التأهيل الاجتماعي والادماج الاجتماعي في التعامل مع الحالات السلوكية المنحرفة والجنائية، ومتابعة وتوثيق الانتهاكات والتجاوزات في استخدام السلطة ضد الاشخاص من قبل جهاز الشرطة، والعمل على تقديم المشورة لحماية حقوق الإنسان.

بجانب الاشراف على متابعة ضحايا الجريمة وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم والاشراف على حل المشكلات الفردية والصراعات والخلافات الاسرية وما بين الجيران بأساليب الوفاق الاجتماعي، وتطوير آليات تكوين اصدقاء الشرطة والعمل التطوعي في جهاز الشرطة كأحد وسائل تقوية علاقة الشرطة بالمجتمع والعمل على تفعيل دور المؤسسات الاجتماعية والتربوية في الدولة لمعالجة المشاكل الاجتماعية، والإشراف على التنسيق مع الجهات الخدمية والخيرية في الدولة لتقديم المساعدة المادية والطبية والمعنوية للأشخاص المحتاجين والمتعرضين لازمات عارضة، والعمل على تعميم وتثبيت القيم الايجابية في المجتمع ومحاربة العادات الضارة والخاطئة بالتنسيق مع المؤسسات الاجتماعية والتربوية والدينية.

غياب الفعالية وعلى الرغم من اعتماد الداخلية على دراسات اجتماعية وقانونية عدة لصياغة المشروع، إلا أن النزول به لأرض الواقع ما زال مثار جدل ، حاولت بعض وسائل الإعلام فتح الموضوع مؤخرا وتسليط الضوء عليه في محاولة لتفعيله، لكن الأمر ما زال يحتاج قوة دفع قانونية وتشريعية ومجتمعية تزيل الالتباس حوله وتبدد مخاوف البعض من تحوله لهيئة أمر بالمعروف ونهي عن المنكر أو وسيلة للتجسس أو شرطة سرية..

وفي محاولة للتعرف على أسباب عدم تفعيل المشروع الذي يكاد تجمع الأوساط الأكاديمية والمجتمعية على نجاعته في معالجة الكثير من الاختلالات المجتمعية التي يعانيها المجتمع الكويتي، التقينا الخبيرة القانونية بوزارة البلدية والناشطة السياسية المحامية إسراء المعتوق التي أكدت أن اقتراح "الشرطة المجتمعية" جاء من وزارة الداخلية بقرار صدر في 2008، ورغم أن الفكرة تعتبر رائدة إلا أن القرار جاء متواضعا للغاية ومتداخلا ، لما تضمنه من تعدي على اختصاصات وزارات أخرى كالعدل والبلدية .. وأضافت المعتوق: تقوم فكرة الشرطة المجتمعية التي اقترحتها الداخلية على تحقيق الارتقاء ببعض الجوانب الأمنية المتعلقة بالمجالات البيئية والمجتمعية وبعض الاختصاصات المفترض أن تتعلق بالحي والمنطقة، ومع غياب نظام المحليات بالكويت تمدد دور وزارة الداخلية للاضطلاع بالمهام المتعلقة بوزارات أخرى كالعدل والبيئة والتجارة والوقاف.

وكشفت المعتوق عن عدم إمكانية تطبيق نظام الشرطة المجتمعية دون تشريع خاص، وتوفير غطاء قانوني لارتباطه بجوانب تشريعية واختصاصات متداخلة مع وزارات أخرى ومن ثم لابد من تشريع تقره السلطة التشريعية للفصل بين الاختصاصات الوزارية وفق ما يقتضيه الدستور، تفاديا لما قد يثيره من إشكاليات عدة بين وزارات الدولة. وقالت المعتوق : إن البديل الذي يمكن أن يحقق أهداف الشرطة المجتمعية هو تفعيل نظام المحليات، وحتى يتم ذلك يمكن تنشيط أدوار "المختار" (لكل منطقة مختار يخضع لإشراف وزارة الداخلية)، أو استحداث الشرطة البيئية كما يجري بالأردن..

الوعي المجتمعي فيما يذهب المحامي الدكتور سعد العنزي –حسب جريدة الوطن 11/1/2010 إلى أن : "الشرطة المجتمعية تعتبر شيئاً مهماً جدا ذلك أن الإنسان يفترض فيه أن يكون خفيراً لمجتمعه ووطنه، وتدخل فكرتها الأساسية تحت بند الدين النصيحة، ولكن المشكلة الحقيقية التي تقف حجر عثرة أمام إقرار مثل هذا المشروع هي النقص في الجانب التوعوي والفكري ما يقلل من فرص نجاح "الشرطة المجتمعية" في الحد من الجرائم ، ولعل الضمانة الأساسية لنجاح التجربة يكمن في نشر التوعية والثقافة القانونية قبل البدء في اقرار أي مشروع أمني مجتمعي..بجانب تعاون وسائل الإعلام لنشر أهداف واختصاصات الشرطة المجتمعية لتسهيل الفكرة على المجتمع.

كما أكدت أستاذة علم النفس بجامعة الكويت د.أمثال الحويلة: أن الفائدة الرئيسية للمشروع تكمن في نشر روح الود والتعاون بين الافراد والمؤسسات حيث يشعر الفرد باهمية دوره في المجتمع وفي الرقابة على نفسه اولاً ثم على الآخرين، فتسود القيم والتمسك بالعادات والتقاليد والاخلاق ليس خوفاً من رقابة الآخرين ولكن بسبب الرقابة الذاتية على النفس والعمل بمبدأ وقانون " ابدا بنفسك " حيث ان فاقد الشيء لا يعطيه فيجب ان يكون الرقيب اولا رقيباً على نفسه وذاته واسرته قبل ان يكون رقيبا على الآخرين. وتضيف الحويلة : أما الفائدة التي تعود على المجتمع فتتمثل في سرعة فض المنازعات بالطرق الودية بدلاً من قضاء وقت طويل في المحاكم والقضايا وما يتبع ذلك من تشويه صور الافراد والتشهير وغيرها من مشاكل دخيلة على المجتمع الكويتي وهنا سوف تقل جميع انواع الجرائم والقضايا التي زادت في الفترة الاخيرة حسب احصائيات وزارات الداخلية والعدل والشؤون وكذلك التربية.

مخاوف نيابية على صعيد آخر عبر النائب د.وليد الطبطبائي عن مخاوفه من تحول الفكرة إلى ما يشبه شرطة سرية، داعيا لأن يكون للشرطة المجتمعية دور محدد ووظائف بعينها، وأكد في تصرحات نشرتها عدد من الصحف الكويتية مؤخرا إلى ضرورة أن يكون العمل تطوعيا حتى يؤتي الهدف والغرض منه من تعزيز وتنمية الولاء والانتماء للوطن.

كما حذرت النائبة د.معصومة المبارك من استخدام الشرطة المجتمعية في الإساءة لبعض أطراف المجتمع، مؤكدة –حسب تصريحات صحفية على أن مثل هذه النوعية من المشاريع الانسانية الاجتماعية الامنية تحتاج الى اناس على درجة كبيرة جدا من الفهم والوعي بأهمية حماية البيئة وحماية الممتلكات العامة وممتلكات الدولة بصفة خاصة.

ووسط تلك التباينات تبقى فكرة الشرطة المجتمعية هدفا نبيلا تشوبه مخاوف التطبيق الخاطئ ومعه يمكن أن يتحول البعض لجواسيس أو حتى أوصياء ...ما يعظم من أهمية دور وسائل الإعلام في التوعية بالمشروع، وقبل ذلك شرعنة الفكرة تفاديا للتضارب في الاختصاصات..بجانب المزيد من الدراسات والتأصيل لمعرفة آلية هذا النظام وطريقة استخدامه، وتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني القادر على الوصول للجماهير بصورة أكثر تقبلا من المؤسسات الرسمية..