Translation

Exchange Rates

יוני 14, 2022


דולר ארה"ב 3.446 0.17%
אירו 3.594 -0.13%
דינר ירדני 4.860 0.17%
ליש"ט 4.172 -0.51%
פרנק שוויצרי 3.466 0.12%
100 ין יפני 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

المتحدث مجنون والمستمع عاقل

מערכת, 20/4/2011

بقلم - أمل خالد القاسمي العقل وليس غير العقل هو ما نحتاج إليه في الوقت الراهن للأحداث المتسارعة والخطيرة التي تسيطر هذه الأيام على الشوارع العربية . كنا نتمنى أن يحكم المتحدثون العقل، لكن للأسف سيطر انعدام الحكمة على عقول المتحدثين وعلى خطابهم بشكل خطير ومرعب، إلى درجة أننا سمعنا تهديدات علنية بالقتل وسفك الدماء وإبادة الشعب، وسمعنا ألفاظاً ومفردات تخرج من أفواه كبار المسؤولين الذين يتقلّدون أكبر المناصب، ولم تمنعهم حتى البدل الرسمية وربطات العنق من التلفظ بهذه الألفاظ . المتحدثون في أصعب الأوقات وأخطرها كانوا غير حكماء، ولا أدري كيف استمرت أنظمة من هذا النوع تحكم، ولا كيف استطاعت شعوب هذه الأنظمة احتمال ما لا يمكن احتماله كل هذه السنوات . كثر الكلام في العالم العربي مؤخراً، وحملت الأحداث والأشياء ما ليس بها، ووجد كلّ في ما يحدث ضالته، وقفزت على ساحات الأحداث كلمات ومسميات منها القديم ومنها الجديد، ظهرت كلمة الثورة هذه التي ارتبطت بشكل كبير بالزمن الناصري، وكانت في هذا الزمن للتحرر من نظام الحكم، وظهرت في صرخة الشعب والمطالبة بأبسط الحقوق شخوص ليس لها في شرف ثورات التحرر ناقة ولا بعير، مثل البلطجية واللصوص والمجرمين والمخربين، ونعرف أن هؤلاء متعارف عنهم أنهم يسرقون ويخربون على المستوى الفردي عامة الناس وبيوتها، وعلى مستوى الجماعة تحت ظل العصابات يحترفون جرائم أكبر مثل سرقة البنوك ومثل تجارة المخدرات وتجارة السلاح، لكن في هذا الزمن ظهرت هذه الفئات واحترفت سرقة تاريخ وحضارة الوطن وحاولت بشتى الطرق إثارة البلبلة بين أفراد الشعب وشغلهم عن أهدافه الكريمة النبيلة . اختلط الحابل بالنابل، ولم نعد نعي أو نفهم من الصادق ومن الكاذب، ومن الصديق ومن العدو، ومن الوطني ومن العميل وكنا بحاجة لعاقل واحد يوقف شلالات الدم التي سفكت ببرودة أعصاب واستهدفت أعمدة الأوطان وثروتها الحقيقية وهي الشعب وخاصة فئة الشباب، الأجساد الصغيرة التي سقطت ميتة بسبب حاكم متعجرف وجماعاته . كنا بحاجة للعقل لفهم ما يحدث، والحراك على كافة المستويات تحت مظلة العقل، من دون إرغامنا على اللجوء إلى صديق، اكتشفنا اليوم أنه لم يكن من أهل البيت، ولم يكن الصديق، ولا حتى الجار الذي قيل فيه “جاري ولو جار علي”، الحقائق التي تكشفت لنا في الأحداث الأخيرة، تجعلنا نبحث عن العقلاء الحكماء الذين يخافون الله، ولا يخافون فيه لومة لائم . إن أول تفكير عقلاني يجب أن تعيه أنظمة الحكم في وطننا العربي خاصة، وقبل أي شيء، هو أن هذا النظام الذي وصلوا إليه، وهذه السلطة التي يملكونها، هي من أجل خدمة الشعب فقط لا من أجل أنفسهم، ولا يوجد من يمكن أن يحظى بهذا المسمى من دون وجود شعب، على الحاكم أن يستعين بالله في حكمه، ولا يستهين باطلاع الله على كل صغيرة قبل الكبيرة في حكمه، ولا يستهين بوعده ووعيده، ومن لا يستقوي بالله في حكمه لا يستقوي ببطانة السوء لديه، وهم الذين قال عنهم الله في كتابه العزيز “إذ تبرأ الذين اتُبِعوا من الذين اتَبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب” . العقل والتفكير والتصرف بعقلانية لا تقتصر على أنظمة الحكم فقط، وإنما أول من يجب أن يعيه ويطبقه هو الشعوب بكل أفرادها، إن كانوا يسعون حقا لمستقبل أفضل لبلدانهم . إن كل محاولات الإصلاح لا يمكن أن تتحقق على النحو الصحيح ما لم يكن الشعب يعايش هذا الإصلاح والتغيير بعقلانية وحكمه وفهم واضح وتغليب مصلحة الوطن على أي مصالح خاصة أخرى، ورفض كل من تسوّل له نفسه سرقة ثوراتهم، والدليل واضح في تداعيات الثورات التي تفجرت في الوطن العربي مؤخراً . وعلى كل عاقل وحكيم أن يستدرك كل ما فاته حين غيب العقل في لحظات جنون الخطابات الهزيلة والهزلية، وكان الأجدر وجود متحدث ومستمع عاقل لانقاذ الأوطان مما تتعرض له من المكائد القريبة والبعيدة . والله من وراء القصد .

  • نقلاً عن صحيفة الخليج