Translation

Exchange Rates

June 14, 2022


American Dollar 3.446 0.17%
Euro 3.594 -0.13%
Jordanian Dinar 4.860 0.17%
British Pound 4.172 -0.51%
Swiss Franc 3.466 0.12%
100 Japanese Yen 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

... فمن وراء المرأة العظيمة إذاً؟

editorial board, 31/12/2009

يجلسان معا يستمتعان بلحظات من الحب، يعلو صوت أغنية تنبعث من شاشة التلفاز المعلق في الزاوية الأخرى من ‏المقهى تسكت للحظات تستمع للأغنية الجميلة تمتد يدها بحركة عفوية لتداعب أناملها الصغيرة خصلات شعرها ‏المنسدل على أكتافها، تغيب نظرتها وابتسامة صغيرة ترتسم على وجهها لتتباعد شفتاها وتبدأ بالغناء مع المطربة، ‏هذا المشهد لم يستغرق أكثر من دقيقتين مرتا على حبيبها الذي يراقبها مذهولا وكأنهما شهرين...‏ ينتفض فجأة ويمسكها من ذراعها، يهزها بقسوة، يغدو شخصا آخر غير الذي تعرفه، غير الذي أحبته...‏ يصرخ بها غير آبه بالموجودين في نفس المكان ويسألها معاتبا مهددا رافضا مستنكرا جرأتها على الغناء والشرود في ‏حضرته، يسبح خياله بعيدا.... لابد وأن هذه الأغنية أعادت إليها ذكرى ما مع شخص من الماضي كانا معا يحبانها ‏ويستمعان إليها وهو يلعب بشعرها بينما هي مستلقية في أحضانه!!!!‏ ذُهلت الفتاة وهي تستمع للسيناريو الذي كتبه خيال حبيبها... حبيبها الذي لا يتردد عن الغناء مع أي أغنية تعجبه ‏في المطعم في السيارة في الشارع وفي أي مكان ولا يتوانى عن مدح جمال جسد هذه المطربة أو التغزل بتلك الفتاة ‏المارة في الشارع دون أن يخطر ببال حبيبته أنها قد تشبه صديقته القديمة أو أن تلك الأغنية أو ذاك المكان يحمل ‏ذكرى ما!‏ مشهد يتكرر مرات عديدة لنرى هذه الفتاة ومثلها كثيرات بعد تلك " العلقة الساخنة " تتأبط ذراع حبيبها وتغمره ‏بحبها وحنانها المتجدد يوما بعد يوم متناسية ما حصل معها، غافرة ما قد يحصل في المستقبل.‏ لا اعلم إن خلقت المرأة بهذه الطبيعة العاطفية المفرطة فتسامح وتغفر وتنسى وتعتبر أي غلطة يرتكبها رجلها في ‏حقها نزوة عابرة وهي مستعدة دائما لقلب الصفحة بيدها ليبدأا معا من جديد أم أنها اكتسبتها فيما بعد نتيجة ‏عوامل طبيعية وبشرية ومجتمعية وتربوية وتقليدية وذكورية و... و.... ولماذا تعتبر أي هفوة صغيرة من المرأة أو مجرد ‏سوء فهم لموقف حصل يمكن له أن يدمر الرجل الجاهز دائما ليدمر علاقة دامت لسنوات طويلة مفضلا تمزيق ‏الكتاب بيده على أن يقلب الصفحة ويبدأ من جديد!‏ و لا نعلم إن كان دافع من أطلق عليهن لقب "الجنس اللطيف" هو الطبيعة الفيزيولوجية للمرأة أم أن هناك غايات ‏مخبأة ظهرت نتائجها فيما بعد، فهذا المخلوق اللطيف عليه أن يكون لطيفاً لدرجة نسيانه وغفرانه لأي اهانة أو ‏جرح أو عنف بكل أشكاله.‏ و لكن لماذا يتم التجاهل أن هذا الجنس اللطيف القادر على غفران اكبر جرح قد يتعرض له من الطرف الآخر فأنه ‏بالمقابل يُجرح ويتألم وله الحق بالغفران هو أيضا! ‏ الرجل لا يستطيع التخلي عن المرأة شريكة حياته، يريدها أم وأخت وابنه وزوجة وصديقة، يطلب منها الحب ‏والحنان والعطف والاهتمام والرعاية، يتوقع منها الغفران والنسيان لكل أخطائه، عليها أن تثبت له دائما أنها ‏تستحق تسمية "الجنس اللطيف" فتكون لطيفة في كلامها وأفعالها وأفكارها و.... و... ومع ذلك كثيرا ما يعامل ‏هذا الجنس اللطيف بكل قسوة.‏ لا يستطيع أي رجل أن يتخيل عدم وجود امرأة في حياته، يبكي على صدرها في لحظات انكساره، يحتاج دعمها ‏وتشجيعها في كل خطوة يخطوها في عمله، يحتاج أن يرى ابتسامتها في لحظات فرحه، وأن تصفق له في لحظات ‏نجاحه، أن تكون ملهمته وغايته ووسيلته، أن توفر له كل وسائل الراحة والأمان وتغمره بحبها وحنانها ولا تتخلى ‏عنه، تستمر في دفعه من الوراء حتى يتقدم إلى الأمام ويحقق النجاح لأن الرجل وإن كان لا يستطيع الاستمرار ‏بالحياة دون وجود المرأة لكنه يريدها دائما وراءه وليس إلى جانبه....‏ نعرف جمعيا نماذج كثيرة عن نساء ضحين من اجل نجاح أزواجهن ولم نسمع عن رجال وقفوا بجانب زوجاتهم حتى ‏يحققن النجاح ومن هنا نجد أن مقولة "وراء كل رجل عظيم امرأة" لم تأتِ من عبث ولم يقل أحد "وراء كل امرأة ‏عظيمة رجل"!!‏ و طالما سمعنا عن نساء تميزن وانطلقنا إلى الأمام بعد ابتعادهن عن الرجل وهذه ليست قاعدة ولست أدعو إلى ‏خراب البيوت لكن هذه حقائق وعلى المشككين والمشككات أن يقرؤوا في سِيَر الكثير من النساء. ‏


حنان عارف، (... فمن وراء المرأة العظيمة إذاً؟)