Translation

Exchange Rates

June 14, 2022


American Dollar 3.446 0.17%
Euro 3.594 -0.13%
Jordanian Dinar 4.860 0.17%
British Pound 4.172 -0.51%
Swiss Franc 3.466 0.12%
100 Japanese Yen 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

امرأة واحدة تحمل الأرض والناس والزمن..

editorial board, 27/6/2009

د. مطلق سعود المطيري الحوار مع الآخر هاجس جديد جاء بعد وعي جديد.. هذا الآخر ظل زمنا طويلا يتعامل معنا دون أن يعرفنا، وصاغ أحكامه عنا بما يخدم مصالحه، فمرة نكون بدائيين رحّلا، ومرة نكون ارهابيين، وإن أخذ عنا شيئا، معرفة أو منجزا، لا يعترف بفضل، وانما ربما تباهى بأن استرد ما ليس لنا فيه حق كأنما وجدناه مصادفة على قارعة طريق مع أننا أصحابه..، وبلغت المغالاة في هذا التطرف حدا دفع بأحدهم أن يقول إن بترول العرب ثروة كامنة في قلب الكرة الأرضية التي هي ملك للجميع، وليس من المعقول أن نترك مجموعة من البدو تستخرجه لنفسها وتبيعه لنا..

هذا الآخر هو نفسه الذي كان يغط في ظلام عظيم لم يخرجه منه الا حضارتنا العربية والاسلامية، لكن ذلك وان بقي في ضمير التاريخ والعلماء فقد غاب عن الوجدان العام كما لو كان " تهمة " ينفيها عن نفسه ويحاول أن ينساها..

في وضعية كهذه، هل ندين جور ذلك الآخر الذي جعل فكره وتصوراته عنا امتدادا لفكره الاستعماري أيام كان يحتل معظم بلادنا ويستنزف ثرواتها؟ أم ندين أنفسنا أننا بقينا طوال الوقت حريصين على الاستماع اليه ومراقبته والاستفادة من منجزه فبدونا مجرد أسواق استهلاكية لبضائعه، دون أن نسعى لتصحيح الصورة والفهم ؟

على مستوى القيادات العربية هناك ادراك وحرص على حوار الآخر وتصحيح المفاهيم، وعلى صعيد الأجهزة التنفيذية يغيب ذلك الوعي، فمعظم وزارات الثقافة في البلاد العربية ووزارات الاعلام أيضا تضم ادارات يوعز اسمها بواجبها من مثل "العلاقات الثقافية الخارجية" أو "ادارة التبادل الثقافي" أو "الاعلام الخارجي" ، ومعظمها أيضا لا يتجاوز الاسم الى الفعل، بل ان ما يفهمه منسوبو هذه الادارات أن العمل بها منحة أو امتياز خاص لهم، في كثرة السفر والتنقل بين بلاد أوروبا، منفردين أو مع أسرهم..

المهمة ضرورية كضرورة الحياة ذاتها، هذا أولا، وثانيا تحتاج الى تكريس فوق العادة، من أجهزة تنتج المطبوعات بلغات يقرأها ذلك الآخر، وأجهزة اعلامية تملأ الفضاء بحكمة، والأهم من هذا الكوادر التي تعي المهمة وتقدر على الواجب.

الى أن يحين ذلك لا يبقى لنا الا جهود فردية يقوم بها أفراد، بجهود ذاتية خالصة، أو مدعومة بكثير من الشح، ولا بد أن نشيد بها بكل قوة، مثلا أن يتطوع عالم جليل بترجمة كتاب طبي قديم الى لغة أجنبية ليعرف العلماء شيئا عن حضارتنا القديمة وهو لا يعلم كيف سيوزع هذه الترجمة في الخارج ولكنه يقوم بواجبه ويترك الباقي للباقين، ودون ضرب الأمثلة الافتراضية، فالفلسطينية سلمى الخضراء الجيوسي قامت – بمساعدة جامعة الملك سعود – بترجمة عدة نماذج من الابداع العربي السعودي الى الانجليزية لعبت دورها في تصحيح بعض المفاهيم عن ثقافتنا على ما يبدو من اهتمام الغرب لهذه الترجمات، وخرجت بعدها عشرات الترجمات الى لغات أخرى من قبل مترجمين غربيين، كترجمات جونسون دافيز وغيرها. حظيت الجيوسي بوسام رفيع يمنحها الاعتزاز بجهدها ونفسها حين نالت جائزة الملك عبد الله للترجمة، وهي تستحق الجائزة بجدارة.

هنا أصل الى الدافع لهذا الكلام كله، فقد راعني وأثار دهشتي عزف منفرد بدأ منذ عام ونصف العام، بمجهود فردي خالص، أطلقته زميلتنا في مجلة اليمامة الغراء هدى الزين، مراسلة المجلة من باريس، في شكل مجلة تصدرها في باريس باللغتين العربية والفرنسية "وهج باريس " وتوزعها في قلب عاصمة الثقافة الأوروبية باريس. الطباعة راقية ومكلفة، والصفحات كلها ملونة ومكلفة أيضا، والمحتوى لا يتغير: الأرض العربية بآثارها الشاهدة على عمق حضارتها من الشرق الى الغرب، من سورية ولبنان والسعودية ومصر وتونس والعراق، ومن برج بابل الى مدائن صالح الى الأهرامات الى آثار قرطاجة، من الأسواق الشعبية الى الأزياء الوطنية، من المعالم السياحية الحديثة الى الآثار في المواقع والمتاحف.. الأرض العربية أقول أو الرموز العربية ككبار شعرائنا ومفكرينا وساستنا وأبطالنا في التاريخ.. لا تقف عند زمن قديم أو حديث لأنها تبسط همها على امتداد الزمن العربي كله.. هذه ببساطة امرأة تقوم بعمل مؤسسة كاملة، حملت الأرض العربية والناس والتاريخ والزمن، بكل ما هو عربي، وراحت تزرع ما حملته في قلب باريس.. وما يأتيها من تحية من قارئ باريسي يمنحها المكافأة في شعورها أنها على درب صحيح..