Translation

Exchange Rates

يونيو 14, 2022


דולר ארה"ב 3.446 0.17%
אירו 3.594 -0.13%
דינר ירדני 4.860 0.17%
ליש"ט 4.172 -0.51%
פרנק שוויצרי 3.466 0.12%
100 ין יפני 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

الأمومة ليست حقا شخصيا..

هيئة التحرير, 31/12/2009

ارتبطت فكرة الأمومة في المجتمعات القديمة بالإلوهية، وذلك حين ساد اعتقاد بأنَ المرأة هي التي تنجب بذاتها،أي أنها مصدر الخلق. ومن هنا انتشرت الآلهة الأنثى بمسميات مختلفة (عشتار الأم الكبرى-الأخت- الحبيبة-الزوجة)هي أصل الحياة والخصوبة. الأمومة هذه الغريزة التي تتميز بها الأنثى والتي تعتبرها أهم خصائصها نجد أنها تظهر لديها في الطفولة المبكرة حين تحتضن الطفلة عروستها وتعتني بها وتكبر معها، وعلى ذلك لا تقترن الرغبة في الأمومة بالرغبات الجنسية.مثال على ذلك لا شيء يحول بين امرأة مثلية جنسياً ورغبتها في أن تصبح أماً. وكثيراً ما تدفع هذه الغريزة المرأة إلى تفضيل وظائف بعينها مثل تدريس وطبابة الأطفال وكذلك رعاية الأيتام. ولمَا كانت غريزة الأمومة بهذه القوة والأهمية كان الحرمان منها شديد القسوة على المرأة العقيم التي مهما حاولت أن تعوض هذا النقص فإنها تبقى تشعر بفراغ داخلي لا يمكن لأحد أن يملأه فتظهر لديها اضطرابات نفسية لعجزها بيولوجياً عن أداء أهم أدوارها.هذا بالنسبة للمرأة العقيم التي حرمت من أمومتها لأسباب بيولوجية، فكيف بالمرأة القادرة على الإنجاب والتي حرمت من نعمة الأمومة لأسباب نفسية يعاني منها زوجها. هذه الحالة التي أثارت انتباهي في مشهد تلفزيوني لأحد المسلسلات. (أن الرجل أوهم زوجته بعدم قدرته على الإنجاب وذلك لأسباب نفسية تتعلق بماضيه جعلته يتخلى عن فكرة الإنجاب دون أن يعير أي اهتمام لحالة المرأة النفسية التي تترقب مع مرور السنين طفلاً يشعرها بأمومتها، والجسدية على اعتبار أن نسبة إصابة المرأة بالعقم من الناحية الطبية أكبر). إن الذي لا خلاف فيه أن صورة الرجل المرتبطة بالفوقية والملازمة للسلطة والتي جعلت من المرأة عنصراً تابعاً هي التي جعلت موقفاً كهذا يمر بشكل طبيعي أمام عين المشاهد، كذلك أعطته هامشاً من الحرية ليضع اللوم على زوجته بعدم الإنجاب رغم وجود علة الإنجاب لديه، فالميزات التي أُعطيت له رسخت في مفهومه أن الرجل لا يمكن أن يكون عاقر وبالتالي فإن طرح مسألة العلاج صعبة ومعيبة بحقه،رغم أنه بنفس الوقت كالمرأة تماماً بحاجة إلى طفل يشعره بأبوته. فهل الامتيازات التي أُعطيت له أعابت الحب والطفولة والإنسانية مع كائن هو جزء من وجوده. للأسف أن التناقض الذي يعيشه الرجل بين أن يضع رأسه في حضن الزوجة، الأم، الأخت وبين كونه الذكر، السلطة تكون المرأة ضحيته. برأيي أن هذا التناقض أساسه موجود في القوانين والتشريعات. ففي مجتمعاتنا العربية انطلقت كافة التشريعات القانونية والدينية من أن الزواج مؤسسة للإنجاب! حيث أُعطيت لحق الأمومة أولوية وذلك من خلال حق المرأة في الطلاق إذا كان زوجها لا ينجب، غير أنها وبنفس الوقت غضت النظر عن الاعتبارات الاجتماعية والنفسية التي تخص النساء غير المتزوجات. فقد لا يكون الزواج متاحا لكافة النساء، وتشير الإحصائيات إلى أن معدل العنوسة في ازدياد، بالمقابل لا توجد إحصائيات عن عدد النساء اللواتي تجاوزن سن الإنجاب. أي أننا أمام عدد متصاعد من النساء اللواتي لا يتزوجن ليس لأنهنَ يرفضن الزواج، أو لا ينجبن. فتكون النتيجة مئات الآلاف من النساء يحرمن من الأمومة في مجتمعاتنا، وهذه المجتمعات ذاتها تنظر إليهن بعين الشفقة وهو نوع من الضغط الاجتماعي الذي يمارس عليهن من دون ارتكابهن أي فعل يخل بآداب المجتمع وقوانينه. بالإضافة إلى أنهن معرضات مع تقدم السن للوحدة والعيش تحت رحمة ووصيات اجتماعية تزيد في اضطهادهن، هذا بخلاف المعاناة الناجمة عن الحرمان العاطفي. لذلك برأيي أن الأمومة لا يمكن أن تكون حق شخصي فهي تبقى مقيدة بشروط، وهذه الشروط يحددها الرجل أولاً والقانون ثانياً لسبب: أن القانون في مجتمعاتنا العربية الإسلامية مرتبطا بالدين فلا يمكن له في هذه الحالة أن يوجد حلاً على اعتبار أساسي أن الأمومة مرتبطة بالجانب الجنسي، أي أنها مرتبطة بالحرية الجنسية في المجتمعات التي تتيحها وهذا ما يرفضه القانون والدين والمجتمع ويعاقب عليه بتهمة الزنا. لذلك ربطها بمؤسسة الزواج التي يجب أن يكون فيها الرجل بعيدا عن إرضاء الذات، بعيداً عن الإيديولوجية التي نشأ وتربى عليها بأن المرأة جسداً ومن حق الرجل بامتلاكه.وحتى يصل الرجل لهذا المفهوم يجب أن يكون حراً في رؤيته للأشياء،في التصرف حسب وسائله وليس وسائل الغير.


هالة شحادة، (الأمومة ليست حقا شخصيا..) خاص: نساء سورية