Translation

Exchange Rates

يونيو 14, 2022


דולר ארה"ב 3.446 0.17%
אירו 3.594 -0.13%
דינר ירדני 4.860 0.17%
ליש"ט 4.172 -0.51%
פרנק שוויצרי 3.466 0.12%
100 ין יפני 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

دنيا الثقافة

هيئة التحرير, 16/9/2009

قراءة فيما جري ويجري‏...‏ كتبت ـ ماجدة الجندي‏:‏ كتاب الروايات في مأزق‏..‏ فما يجري في الواقع يتجاوز مخيلاتهم‏..‏ مهما شطحت وان كان واقعا كافكاويا‏.‏

قبل ثلاثة وثلاثين عاما جرت واقعة اهتز لها المجتمع المصري حينها‏..‏ كنا في مستهل فترة ما عرف بفترة الانفتاح وظهور المستورد وارهاصات مجتمع السداح مداح وليس انفتاحا فقط‏.‏

عام‏1976‏ دخل وكيل وزارة لمحل في شارع الشواربي الذي كان أيامها عنوانا للمستجدات‏..‏ اشتري قميصا‏,‏ ظهر بالقميص عيب في الصناعة أو ارتفعت حدة المفاصلة‏,‏ فما كان من صاحب المحل إلا أن أغلق المحل هو وصبيانه علي المشتري تمهيدا لحل الخلاف علي طريقتهم‏..‏ المشتري‏(‏ وكيل الوزارة‏)‏ لم يتحمل ما يجري سقط صريعا‏..‏ مات بالسكتة القلبية‏..‏ اعتبرت الصحافة تلك الواقعة فيصلا وتعددت القرارات وتدخل أيامها وزير التجارة الراحل د‏.‏أحمد مرسي وأصدر تشريعات لتنظيم المستورد‏...‏ لكن الأهم انه علت الأصوات المحذرة‏...‏ المنذرة‏...‏ المتسائلة‏:‏ ماذا يجري في مصر؟

الان وبعد ما يقرب من ثلاثة وثلاثين عاما من الواقعة التي اعتبرت علامة‏..‏ مازلنا عند نفس السؤال‏:‏ ماذا يجري في مصر؟ لكن قد تكون الإضافة ان ما جري منذ أكثر من ثلاثة عقود وأكثر يجري كل يوم وبتنويعات تضع الأمر في سياق سجال نوعين من الثقافة وللأسف يبدو السجال وكأنه قد حسم‏..‏ ما بين سياق القانون وسياق البلطجة‏,‏ يبدو الأمر وقد انتصرت البلطجة ووهنت فكرة القانون لدرجة قد يتشكك معها المرء في امكانية تغير قريب وفاعل‏..‏ تطور الأمر صارت البلطجة تمارس بفجر وبفخر أيضا‏..‏ في واقعة مصرع الكاتب توفيق عبد الرحمن يصدر مالك الميكروباص ـ وهو بالمناسبة محام ـ أمره الشفهي للسائق ادهسه يقولها مكررا ومحفزا علي القتل‏,‏ ادهسه هكذا عيني عينك وعلي الملأ في قلب‏..‏ قلب العاصمة‏..‏ وليس في حارة ولا هامش‏,‏ فيبدو ان الوطن كله صار هامشا‏..‏ كاتب‏(‏ توفيق عبد الرحمن‏)‏ مثقف رفيع كما أجمع كل من عرفه وأولهم الصديقان مدحت زكي ومحمد البساطي‏,‏ لكن من قبل ومن بعد هو مواطن وجد نفسه في لحظة يحتاج فيها للقانون‏,‏ فاغتاله ماصار قانونا بديلا تخيم علينا تنويعاته في مختلف الأرجاء‏:‏ نعم صارت البلطجة بلطجة سافرة يتبناها محام كان المفروض ان يحمي هو الشرعية فإذا به يشهر ما يراه فاعلا وحاسما‏:‏ ادهسه‏..‏ يعني اقتله

عندما يجري ذلك‏(‏ بهذه الدرجة من الوضوح‏)‏ تتجاوز واقعة مقتل الكاتب توفيق عبد الرحمن مجرد الحادثة إلي أفق أكبر‏..‏ أفق دال

عندما طرحت السؤال علي العلامة وأستاذ القانون نور الدين فرحات أحالني للحملة التي قامت بها جهات مرور الجيزة بعد الحادث لتكتشف عشرات السيارات التي تسير بلا أرقام ولا لوحات مما يعني كما يقول موسمية تطبيق القانون فالقانون لاينبغي ان يفعل فقط تحت وطأة حادثة وجدت حالة من الاهتمام النسبي‏,‏ واستحضر هو نفسه أكثر من حادثة بنفس السيناريو‏..‏ أجهزة تطبيق القانون في مصر ينبغي ان تظل شاهرة سيف القانون‏,‏ أما صيغة الحملات فتعني موسمية تفعيل القانون‏..‏ أجهزة تطبيق‏(‏ شرطة‏..‏ قضاء‏...‏ تشريع‏)‏ في حالة الوهن أو اليقظة الموسمية تعني انفلاتا وتبجحا ونصرة لقانون البلطجة هو نفسه‏,‏ القانوني د‏.‏نور الدين فرحات تعرض لانتهاك لحق من حقوقه وصدر لصالحه حكم لم يتمكن من تنفيذه بغير معاونة من مكتب السيد وزير الداخلية‏..‏ فكم مواطنا يمكنه الوصول لنفس العون عندما يتعذر حصوله علي تنفيذ حق كفله له القضاء؟

ما هو المناخ الذي يسر فكرة القتل وجعل البعض يري في القانون‏(‏ ورقة نبلها ونشرب ميتها‏)‏ لدرجة ان الأمر في وضح النهار لم يعد يحتاج لأكثر من لفظ‏:‏ ادهسه‏..‏ هذا الفجر في البلطجة ليس وليد لحظة ولا دائرة بعينها لكنه كما رآه د‏.‏سيد البحراوي‏,‏ دوائر متراتبة‏,‏ تهميش القانون أو تنحيته في أي جزئية يحل بكل المنظومة فما البال والرصد حتي العابر يجعلنا شهودا علي هذه التنحية طوال الوقت‏.‏

هذا الرجل الذي أطلق الأمر بالدهس لمواطن لايملك غير شرعية القانون والذي نصفه الان بالبلطجة ولا يختلف عن قناص الحقوق المستلب لأرض بوضع اليد‏..‏ أو عن سمسمار العمولات أو لص الفكر‏..‏ فالبلطجة وتنحية القانون لا تتبدي فقط في فعل القتل المادي ولكن في كل ما يؤيد الشرعية ويجعل من نص القانون مجرد ورقة‏(‏ نبلها ونشرب ميتها‏).‏

يقول لي الكاتب محمد البساطي‏:‏ هذا مجتمع يبدو كأنه قد وصل لمرحلة اللا تفاهم‏..‏ توفيق عبد الرحمن كما عرفته وديع لدرجة اننا كنا نبذل معه مجهودا ـ كأصدقائه ـ لننكشه‏.‏

أيا كان التوصيف ـ توفيق عبد الرحمن ـ مواطن توهم للحظة ان القانون مازال هو الحكم‏..‏ ويبدو ان الكثير قد فاته‏..‏ أو انه كان اسيرا لما ينبغي ولم يعد كذلك فدفع حياته ثمنا‏..‏

سوف نكتب لفترة‏..‏ وربما بعد رمضان تستأنف منصات التوك شو‏..‏ الشو وستراق المصطلحات عن العنف والفقر والمخدرات ومصر التي تغيرت وافتقاد الأمن‏..‏

علي أعتاب الشاشات التي صارت أشبه بالحيوات الافتراضية وسيكتب علماء الاجتماع وأطباء علم النفس ويقولون كما قال الدكتور خليل فاضل‏:‏ القتل في مصر الان وثيق الصلة بحالة المجتمع الحضارية‏..‏ فتنم عن الجنون الاجتماعي‏,‏ أو كما يقول د‏.‏فاضل ويكتب عن بؤر المرض الاجتماعي المعدية والبشعة لأقصي من انفلونزا الخنازير والطيور والايدز لينتهي الي ان المجتمع المصري فقد توازنه وتشوش‏..‏ مجتمع ينظر الي نفسه كصاحب حضارة ويعجز عن جمع قمامة بيوته

قد تطول أو تقصر الفترة التي نتباري فيها في تحليل مقتل مواطن مصري فكر في الاستناد الي القانون‏..‏ فصرعه شكل مباشر للبلطجة متناسين تنويعات أخري‏..‏ أو متعايشين معها ثم‏..‏ ثم كما قال الجبرتي ثم يعود كل شيء إلي ما كان عليه في بر مصر‏..‏ وزيادة‏.‏