Translation

Exchange Rates

يونيو 14, 2022


דולר ארה"ב 3.446 0.17%
אירו 3.594 -0.13%
דינר ירדני 4.860 0.17%
ליש"ט 4.172 -0.51%
פרנק שוויצרי 3.466 0.12%
100 ין יפני 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

في ذهنية التكفير والتحريم واغتيال العقل ..!!-شاكر فريد حسن

هيئة التحرير, 29/8/2009

تواصل القوى والجماعات الدينية الظلامية والتكفيرية المتطرفة اعتداءاتها وجهادها ضد العقل والمدافعين عنه ، وضد الفكر النقدي العلماني والمادي الجدلي والثقافة الدمقراطية والعلمانية والقيم الفكرية والقمم الابداعية في الوطن العربي ، التي تنتمي الى معسكر ومبادئ الحرية والعدل والكرامة الانسانية ، والقادرة على الخلق والابداع والتفكير .فتشهر اسلحتها وتصوبها في وجه ثقافة الالتزام والوعي الموضوعي بحقائق الأشياء وواقع المجتمع والعصر الذي نعيش فيه، وذلك انطلاقاً من تفكيرها السلفي المنغلق ، وذهنية التكفير والتحريم وعقلية التجريم وشريعة القمع والاغتيال والارهاب التي تؤمن بها وتحكمها. فهي تحرق الكتب وتطالب بمصادرتها وتحظر تداولها في الاسواق، كما تحرق المسارح وتبيح دم كل مثقف علماني ومتنور يحمل لواء المعرفة وراية العقلانية والأستنارة ضد الشعوذة والخرافة والاستخدام التجاري للدين وتوظيفه سياسياً وأيديولوجياً لارهاب العقل واغتيال ابداعه في مجال البحث والنقد ، وكل من ينادي بالتعددية الفكرية وفصل الدين عن السياسة والدولة واستخدام العقل في التحليل والاجتهاد ، وكل من يقف ضد السياسة التي تتخذ من الدين ستاراً، ويساهم في نهوض الانسان العربي المقهور واذكاء ضرورة التشبث بالحياة الحرة، في قلوب المسحوقين والمقهورين الذين ينسجون بعرق سواعدهم ملاحم البطولة الأثيرة. وقد مرّت أظافر وسكاكين هذه القوى الأصولية المتطرفة على " ألف ليلة وليلة" ومؤلفي طه حسين " في الشعر الجاهلي" و" في الأدب الجاهلي" وحكمت عليهما بالاعدام ، واعتبرت رواية" أولاد حارتنا"للروائي نجيب محفوظ" زندقة"وزعمت أن رواية حيدر حيدر " وليمة لأعشاب البحر" تخدش الحياء العام . وحين أصدر شاعر المرأة والحب نزار قباني قصيدته" خبز وحشيش وقمر" اتهمته بـ "الكفر والألحاد" . وحركت الدعاوى في محاكم التفتيش ضد الطبيبة والروائية والكاتبة المعروفة نوال السعداوي ، والمغني الوطني والسياسي الملتزم مارسيل خليفة، والكاتبتين الكويتين ليلى العثمان وعالية شعيب، وضد المفكر والباحث والمثقف نصر حامد ابو زيد واعتبرته " مرتداً " عن ألاسلام بعد ان نشر مجموعة من الدراسات والأبحاث حول الفكر الديني وتأويل النص . كذلك اغتالت ودفنت في طريقها حسين مروة ومهدي عامل وسهيل طويلة وفرج فودة وجورج حاوي وغيرهم. واليوم تشتد الهجمة الظلامية الضروس ضد الباحث والمثقف المصري والشخصية الخلافية المثيرة للجدل سيد القمني ، في أعقاب منحه جائزة الدولة التقديرية في مصر ، ما أثار حفيظة قوى التطرف الديني والتيار التكفيري ألأصولي المتعصب ، باعتبار أفكار وأراء القمني الحادية واضحة وصريحة !! ولا ريب أن هذه الهجمة الشرسة التي يتعرض لها القمني ، واستدعت حراسته من قبل الشرطة المصرية، ما هي الا جزء من منظومة عامة تسعى لتصفية وازاحة الهامش التنويري والعقلاني الابداعي في المجتمع المصري والعربي، في محاولة مستميتة لسيادة وفرض الفكر السلفي المتطرف والمتشدد. أن القوى الظلامية المتطرفة تخلط بين العلم والايمان وترى في المجتمع المدني ألأهلي الحضاري عدوها ، لأن القبول بمبدأ وفكرة هذا المجتمع هو قبول بالعقل والحوار الفكري والسجال المعرفي والخيار الديمقراطي والتفكير الحر والأجتهاد العقلي. وعليه فأن هذه القوى تلجأ للارهاب والعنف الدموي والجسدي كدليل على افلاسها الأخلاقي والفكري وتستنفر موروثها الظلامي ضد القوى العقلانية المتنورة الطموحة المؤمنة بالتغيير في محاولة بائسة ويائسة للنيل منها، ناسية أو متناسية أن في تاريخنا العربي الاسلامي فلاسفة كبار ومفكرين عظماء كابي العلاء المعري وأبي بكر الرازي وابن رشد والنظام وأسماء اخرى، كتبوا وعبروا عن أفكارهم المغايرة ومعتقداتهم المختلفة بوضوح وجلاء دون أن يهدر دمهم. الكارثة التي تهدد مجتمعاتنا العربية والخطر الداهم على شعوبنا العربية والاسلامية وعلى الفكر الديني الاصلاحي يأتي من قوى متخلفة جاهلة وغير مسؤولة تشوه حقيقة الدين، وتتحرك ،وتمارس اعتداءاتها بدعم ومؤازرة أعداء العقل والضوء و الانسان ، ضد أصحاب الفكر العلماني والمادي . هذه القوى التي تريد لهذه الشعوب وهذه الأمة أن تبقى غارقة حتى اذنيها في عتمة الجهل والتخلف ودياجير الظلام والقهر والتوتر والخرافة. وازاء ما يجري من اعتداءات واستفزازات وهجوم ظلامي منفلت العقال ضد المبدعين والمفكرين والمثقفين العرب الملحميين المعتصمين بالايمانية والمنادين بالفكر الديمقراطي البديل، فأن القوى والنخب الطليعية في مجتمعاتنا العربية مطالبة بكسر المحرمات وتحويل العقل الى فكر وممارسة ، وكشف كل من يعتدي على حرية الفكر والرأي وألابداع . زد على ذلك حماية الفكر العقلاني النقدي كأحد الأسلحة ألايديولوجية سعياً لتجاوز حالة القهر والتخلف والتهميش ، بشرط أن يغدوا هذا الفكر في أيدي الجماهير الشعبية وليس محصوراً في أيدي وعقول النخب الفكرية المثقفة فحسب، واستيعاب تراثنا العربي الاسلامي والتراث الغربي نقدياً، وكذلك تجديد حياتنا القومية والاجتماعية وتحديثها ودمقرطتها ، وتحرير الثقافة من الأورام والأوهام، وتدشين قواعد للحداثة العقلية في حياة المجتمع والدفاع عن حق الانسان، في الحياة والحرية والتفكير الحر الواعي والمستقل، والتفتح الانساني والمستقبل المشرق الذي تبنيه العقول النيّرة المضيئة والطليقة، لا الصرخات الجاهلية الجامدة ، التي تختزل الدين وتحوله الى مجردات ظلامية وتسعى الى ترويض السلطة ومطاردة الفكر العلمي الجدلي وترويع الفكر الحر . هذا بالاضافة الى فتح النوافذ على الحق والعدل والصدق والنزاهة وهموم الناس وحاجاتهم.