Translation

Exchange Rates

يونيو 14, 2022


דולר ארה"ב 3.446 0.17%
אירו 3.594 -0.13%
דינר ירדני 4.860 0.17%
ליש"ט 4.172 -0.51%
פרנק שוויצרי 3.466 0.12%
100 ין יפני 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

الجمعيّات النسائيّة والنسويّة في فلسطين 48.. في مقاومة الإخضاع

هيئة التحرير, 26/11/2009

في حين تشكّل الجمعيّات الأهليّة إحدى أهمّ مؤسّسات المجتمع المدنيّ وأشكال التنظّم المجتمعيّ غير الحكوميّ، تكوِّن الجمعيّات الأهليّة الفلسطينيّة في فلسطين 48 حالة خاصّة استثنائيّة؛ فمن ناحية، تنشط هذه الجمعيّات داخل مجتمعها ولمصلحته، وتتصارع أحيانًا مع بعض القوى داخله، إلاّ أنّها تتكامل وتتكافل. ومن ناحية ثانية، لا تشكّل هذه المصلحة، بالضرورة، مصلحة المجتمع المدنيّ الإسرائيليّ أو مصلحة الدولة، بل تتناقض معها في كثير من الأمور. وبينما تُعرّف إسرائيل نفسها دولة ديمقراطيّة، فإنّ العديد من قوانينها، وممارَسات أجهزتها -منذ قيامها- ضدّ الفلسطينيّين (كمجتمع وأفراد ومؤسّسات)، وتصريحات قياديّين فيها، إضافة إلى تعريفها لنفسها على أنّها دولة يهوديّة، تنقض وتناقض كلّ مفاهيم الدولة "الديمقراطيّة" والحرّيّة والمساواة. هذه الأمور، مجتمِعةً ومنفردةً، إضافة إلى تاريخ متواصل من الاستعمار، تشكّل السياقَ الذي تنشط ضمنه هذه الجمعيّات. وقد تركت أثرها مباشرة على أهداف وأَجِنْدات وأنشطة الجمعيّات الأهليّة النسائيّة والنسويّة كجزء من قطاع أهليّ عامّ، وكجزء من مؤسَّسات المجتمع الفلسطينيّ، كما على مفاهيم ومصطلحات ومنهجيّات العمل والبحث في هذا المجال. توزّعت إقامة هذه الجمعيّات على مراحل زمنيّة مختلفة، لكلّ واحدة ميزاتها وأَجِنْداتها. ومع تنوّع الأسباب والدوافع من وراء إقامتها، نجد الكثير من المشترك بينها. يقدّم هذا المقال عرضًا سريعًا ومكثّفًا لنشأة وتطوّر عمل هذه الجمعيّات في مناطق الـ 48 بعد عام النكبة، ويتطرّق إلى أثر النكبة وقيام دولة إسرائيل على هذا المسار، ويركّز تركيزًا خاصًّا على المرحلة الممتدّة من أواخر الثمانينيّات إلى اليوم، والتي شهدت انطلاقة في العمل وتنوُّعًا في أجِنْداته وتحديثًا في إستراتيجيّاته. كذلك يسلّط المقال الضوء على قضيّتين أساسيّتين تؤثّران تأثيرًا مباشرًا على عمل الجمعيّات، هما: أَجِنْدات المموِّلين وسياسات الدولة، ويبيّن كيفيّة تعاطي الجمعيّات مع هذه القضايا، ويُظهِر التحدّيات والعقبات التي تواجهها.


مع وقوع فلسطين تحت الانتداب البريطانيّ، تحوّلت الجمعيّات (اللجان) النسائيّة، من العمل الخيريّ التطوّعيّ في القضايا الاجتماعيّة الثقافيّة والصحّـيّة إلى العمل السياسيّ. توحّدت جميعًا في الموقف الوطنيّ، ورأت في قضيّة الأرض والوطن قضيّتها الأساسيّة. منذ ذلك الحين، انتشرت الجمعيّات النسائيّة في أنحاء فلسطين وتكثّفت نشاطاتها. وقد بقيت كذلك حتّى عام النكبة. بعد النكبة مباشرة، توقّف عمل الجمعيّات الأهليّة النسائيّة مرحليًّا، وانقسمت -للمرّة الأولى- بين "الداخل" وَ "الخارج"، إذ منعت الحدود "الجديدة" التي فرضتها إسرائيل أيَّ تواصُل بين أبناء الشعب الواحد. في خارج الوطن، ولا سيّما لبنان، استطاعت قيادةُ الحركة الوطنيّة والنسائيّة الالتئامَ وتجديدَ نشاطها وقدرتها على العمل، بالتعاون مع الهيئات واللجان المختلفة في لبنان، وشاركت في سلسلة من المؤتمرات المحلّـيّة والإقليميّة والدوليّة لتجنيد الرأي العام العربيّ والدوليّ لاتّخاذ موقف بشأن قضيّة فلسطين وإعادة المهجَّرين إلى أراضيهم. أمّا داخل الوطن، فقد قام الفلسطينيّون الباقون على أراضيهم ومهجَّرو الداخل بمحاولة التنظّم واستيعاب تبعات النكبة، وقاوموا التهجير والحكم العسكريّ الجديد الذي فُرض عليهم ومنَعَ تواصُلَهم ومنع عنهم كلّ الحرّيّات. وقد شهدتْ فترةُ ما بين عام النكبة والسبعينيات، مرورًا بالحكم العسكريّ، بدايةَ تنظُّمٍ من جديد، وشهدتْ بعضَ نماذج العمل النسائيّ المنظَّم المصحوبة بفكر ورؤية واضحة. فبعد النكبة مباشرة، عام 1948، أنشأت نساءٌ أعضاءٌ في الحزبِ الشيوعيِّ وعصبةِ التحرّرِ، والمتماثلاتُ معهنّ فكريًّا، جمعيّةَ "حركة النهضة النسائيّة" في الناصرة، التي أقامت لها فروعًا في كلٍّ من حيفا وعكّا، والتي عملت كإطار نسائيّ يحمل أَجِنْدة سياسيّة ويهتمّ بالبُعد الطبقيّ وقضايا عمل ودراسة النساء. بعد عام 1952، توحّدت الحركة مع مجموعات نساء تقدّميّات يهوديّات وشكّلوا معًا تنظيمًا جديدًا، اتّخذ له في العام 1973 اسم "حركة النساء الديمقراطيّات". أقامت الحركة العشرات من الفروع، وما زالت تنشط إلى يومنا هذا. وشهدت الستّينيّاتُ انضمامَ نساء حركة الأرض (1962) وحركة أبناء البلد، التي أقامت نواة نسائيّة في أمّ الفحم عام 1977. في عام 1976، أقيمت جمعيّة النساء العكّيّات كجمعيّة مهْنيّة تعمل في مجال الطفولة والتمكين النسائيّ في مجال العلم والعمل والاقتصاد. في ما بعد، أقامت هذه الجمعيّةُ المركزَ التربويَّ "دار الطفل". حتّى أواخر السبعينيّات، مع الأخذ بعين الاعتبار تقييدات الحكم العسكريّ، انحصر عمل ودور المرأة الفلسطينيّة المنظّم والجماعيّ، في أساسِ ما انحصر، ضمن الأطر السياسيّة القائمة أو إلى جانبها. وكان انخراط الشابّات في الحركة الطلاّبيّة ما زال في بداياته. كذلك إنّ مشاركة النساء في بعض الأحداث (كيوم الأرض عام 1976)، وانخراطهنّ في صفوف الطبقة العاملة، لم يكن مرافقًا لتغييرات بُنيويّة جذريّة مجتمعيّة، ولم يُفرز أطرًا نسائيّة منظّمة أخرى في تلك المرحلة. إضافة إلى هذا، لم تتحوّل بعض الأنشطة النسائيّة العفويّة ذات الطابع النضاليّ (كإضراب عاملات المصانع)، التي نبعت من حاجيّات آنيّة أو محلّـيّة، إلى العمل المُمَأْسَس؛ بَيْدَ أنّ الأمر تغيَّرَ في الثمانينيّات تغيُّرًا واضحًا. عَقْد الثمانينيّات – يُعتبر هذا العَقْد عقْدَ انطلاقة العمل الأهليّ المحلّـيّ بعامّة، وبضمن ذلك مجال العمل النسائيّ، ومجال الجمعيّات النسائيّة، اللذين شهِدَا نهضة كمّـيّة ونوعيّة، وبخاصّة في نهاية هذا العَقْد، انعكست في ما يلي: • زيادة عدد الجمعيّات النسائيّة المهنيّة والتخصّصيّة التي تعمل في مجال الطفولة والنساء. منها: مؤسّسة حضانات الناصرة (1984)، التي قَرَنَتْ بين تطوير التربية في الطفولة المبكّرة، وإمكانيّات المرأة للخروج إلى العمل وأخْذ مكانتها في المجتمع. في العام 1989، أقامت مشروعًا تحوَّلَ إلى محورها الأساس، وهو مركز الطفولة. على الغرار ذاته، قامت في مدينة عكّا، عام 1988، جمعيّة السنديانة كجمعيّة محلّـيّة. جاءت المبادرة إلى كلتا الجمعيّتين من ناشطات في حركة النساء الديمقراطيّات. • زيادة الجمعيّات المسجَّلة التي تحمل توجّهًا خيريًّا (كـَ جمعيّة الوفاء والأمل التي تشكّلت عام 1983، في باقة الغربيّة، ولا تزال تعمل حتّى اليوم). • زيادة مشاريع المرأة ذات التوجُّه التدعيميّ التمكينيّ في جمعيّات عامّة قائمة. • التعدّديّة والمَأْسَسة في النشاط النسائيّ ذي الأَجِنْدات السياسيّة، مثلا، نشوء لجنة المرأة العربيّة التقدّميّة بجانب حركة أبناء البلد. وقد ركّزت هذه اللجنة جلّ نشاطها في الجامعات والأكاديميّات وعملت بصورة ناشطة في الجليل والمثلّث. توقّف عمل هذه اللجنة تدريجيًّا بعد سنوات. • انطلاقة في عمل الحركة الطلاّبيّة الفلسطينيّة المنظّمة داخل الجامعات العبريّة وفي نشاط الطالبات ضمنها. • ظهور الطرح النسويّ وتشكيل نَوَيات الحركة النسويّة الفلسطينيّة داخل أُطُر إسرائيليّة وبمبادرة ناشطات أكاديميّات، هنّ في الأساس ممّن درسن في الجامعات في المدن الكبرى، كحيفا والقدس، وبعضهنّ نشطن في الحركة الطلاّبيّة. غالبيّتهن تَخصّصن في مواضيع علاجيّة وتربويّة. عملن على إقامة أوّل خطوط الطوارئ والمساعدة للفتيات والنساء الفلسطينيّات ضحايا العنف والتنكيل. وهي: الخطّ العربيّ في مركز مساعدة ضحايا الاعتداءات الجنسيّة في القدس (عام 1988)؛ الخطّ العربيّ في مركز مساعدة ضحايا الاعتداءات الجنسيّة في حيفا (عام 1989)؛ خطّ الطوارئ لمساعدة النساء المعنَّفات في حيفا (عام 1990) كجزء من خطّ الطوارئ القطريّ لمساعدة ضحايا الاعتداءات الجسديّة. مكّنتهنّ هذه الأطرُ من البدء في التنظّم ومن الانطلاق في العمل ضمن المجتمع الفلسطينيّ، وشكّلت لهنّ، وللمتوجّهات لتلقّي الدعم والمساعدة من الفلسطينيّات، دفيئةً مهْنيّة ومعنويّة. وقد كان تمرْكُزُ هذه الجمعيّات في المدن الكبرى المختلطة السببَ في نجاحها وضمان استمراريّتها، على الأقلّ في مرحلة التبلْوُر والتشكّل. ساعد ذلك على إبقاء عُنوانها سرّيًّا، ممّا أتاح المجال أمام الضحايا للتوجُّه دون وَجَلٍ، وهو ما لم يكن في الإمكان تحقيقه في قرية عربيّة، حيث العلاقات الاجتماعيّة والتداخل الاجتماعيّ لا يُتيح هذه السرّيّة والخصوصيّة التي تحتاجها المرأة المتوجِّهة. وقد ساعدت السرّيّة على حماية المتطوّعات من المضايقة والإزعاج. بالإضافة إلى تقديم الدعم المعنويّ والقضائيّ والصحّـيّ للنساء المعنَّفات وضحايا التنكيل، أثبتت هذه النَّوَيات النسويّة نجاحاتها في مجالات عدّة، ويُمكن القول إنّ دورها كان رياديًّا في نشر الوعي النسويّ وفي العمل الجادّ على تغيير وضعيّة المرأة القانونيّة والمجتمعيّة، وعلى طرح "القضايا الحسّاسة" التي تحاشت الأطر النسائيّة التي سبقتها أو الحركات السياسيّة خوضَها. كذلك وجّهت إصبع الاتّهام نحو الدولة ومؤسّساتها بالتقصير في معالجة الظاهرة، والمسؤولية المباشرة عن استمرارها. إلاّ أنّ هذه النَّوَيات، بشكلها المذكور، ما فتِئت أن تفكّكت في مرحلة لاحقة لأسباب متعدّدة. بعض هذه الأسباب جاءت لتؤكّد رغبة النساء العربيّات في تحقيق التحرّر التامّ من الهيمنة الذكوريّة والحزبيّة، ومن السيطرة والهيمنة النسويّة اليهوديّة كذلك؛ إذ أفرزت تجارب العمل المشتركة خلافات مَصدرُها صراعات قوى داخليّة وتوتّرات على أساس قوميّ داخل المجموعتين. لتلخيص المرحلة، يُمكن القول إنّ تبلْوُر وانتشار الحركة الطلاّبيّة في كلّ الجامعات منذ ذلك الحين، وأخْذ الناشطات السياسيّات فيها أدوارًا بارزة، إضافة إلى النهضة في الجمعيّات الأهليّة العامّة وظهور الفكر النسويّ في خطاب بعضها، وزيادة الجمعيّات النسائيّة وزيادة رقعة انتشارها، كلّ هذا كان له أثرٌ بالغٌ في إتاحة المجال لتأدية دَوْر أوسع وأعمق للمرأة للمشارَكة النشطة في القضايا العامّة، وفي طرح قضايا خاصّة وأكثر حساسيّة -كقضايا العنف ضدّ النساء. عقد التسعينيّات – في هذه الفترة، شهد قطاع العمل الأهليّ الفلسطينيّ العامّ تصعيدًا في الطرح نحو تعزيز هذا القطاع كقطاع مستقلّ وبديل وبلورة رؤية جماعيّة وتحوُّلها إلى قوى ضاغطة مؤثّرة. ظهر الاتّجاه أكثر فأكثر نحو المَأْسَسة والتوجّه نحو المرافعة الدوليّة وطرح قضايا الحقوق الجماعيّة وبناء المؤسّسات، إذ قامت جمعيّات حقوقيّة ووطنيّة تعمل على قضايا الأرض والهُويّة، وبدء التفكير في إيجاد وتطوير مصادر ذاتيّة وتعزيز توجُّه التشبيك والمشاركة، وقد أقيم اتّحاد الجمعيّات الأهليّة العربيّة "اتّجاه"، عام 1995، تجسيدًا لهذا التوجُّه. • على صعيد النساء والعمل النسائيّ والنسويّ، يُعتبر هذا العَقْدُ عَقْدَ توسيع ومَأْسسة العمل والمشاريع والفكر التي انطلقت في العقد السابق، وتطوير وتوسيع الإستراتيجيّات والطرح وانطلاق الفكر النسويّ وحضوره على نحوٍ بارزٍ في عمل الجمعيّات وفكرها. • ازداد عدد الجمعيّات الخدماتيّة المحلّـيّة والقطريّة ازديادًا ملحوظًا، وازدادت رقعة انتشارها. وظهرت جمعيّات نسائيّة جديدة تعمل على قضايا المرأة، منها: الزهراء (1997) في سخنين؛ سدرة (1998) في النقب؛ الثريّا (1999) في نحف. بعض هذه الجمعيّات لم تعرّف نفسها، في بداياتها على الأقلّ، على أنّها نسويّة. • جرى دمج التوجُّه النسويّ وتفاعُل النساء في الجمعيّات على مستويين: 1. نسويّ مركزيّ من خلال تأسيس جمعيّات ولجان نسويّة فلسطينيّة مستقلّة، إضافة إلى استمرار عمل بعض نَوَيات الحركة النسويّة الفلسطينيّة التي قامت في أواخر الثمانينيّات ضمن أطر نسويّة إسرائيليّة ؛ 2. نسويّ تقاطعيّ، أي أخْذ النساء دورًا قياديًّا وفعّالاً في الجمعيّات العامّة، ومن بينها الحقوقيّة، ووضع قضايا المرأة على جدول أعمالها من خلال تبنّي بعضها لتوجّه النوع الاجتماعيّ المُدمج(Gender Mainstreaming) والعمل المشترك وبالتعاون مع أُطُر نسويّة على قضايا المرأة، خاصّة تلك التي لم تُعالَج أو لم تُطرح بالشكل الكافي حتّى ذلك الحين. جاء هذا العمل في ثلاثة نماذج: أ) ائتلافات؛ ب) لجان عمل؛ ج) مشاريع للمرأة داخل جمعيّات حقوقيّة. وقد انتقلت الجمعيّات بذلك من مرحلة تبنّي النماذج القائمة، إلى محاولة بناء نماذج خاصّة محلّـيّة تنطلق، في الأساس، من خصوصيّة المجتمع الفلسطينيّ وحاجات النساء داخله، خصوصًا بعد أن اكتسبت صاحباتها الخبرة المهْنيّة الكافية والمعرفة والقوّة التي تمكّنهنّ من إدارةِ مؤسّساتهنّ وجمعيّاتهنّ إدارةً ذاتيّةً ناجحةً. التوجّه النسويّ وتفاعُل النساء في الجمعيّات من خلال: 1. تأسيس جمعيّات ولجان نسويّة فلسطينيّة مستقلّة، واستمرار عمل بعض نَوَيات الحركة النسويّة الفلسطينيّة – شهد هذا العَقْد على نحوٍ واضحٍ انطلاقةً في العمل النسويّ المُمَأْسَس ضمن بعض الجمعيّات النسويّة الفلسطينيّة الجديدة، وهي: جفرا- الحركة النسويّة الفلسطينيّة داخل إسرائيل (1990): جاءت بمبادرة من مجموعة طالبات جامعيّات، قرّرن إقامة تنظيم نسويّ يجمع ما بين الثورة الاجتماعيّة والعمل النسويّ الوطنيّ. قدّمن محاضرات ونظّمن مظاهرات، لا سيّما في الطيّبة وعكّا، وبالتعاون مع أطر أخرى، وتداولن في بعض القضايا (كشرف العائلة والتثقيف الجنسيّ). عملن على التعبئة الوطنيّة، لكنّهنّ توقّفن بعد أقلّ من ثلاث سنوات. الفنار- التنظيم النسويّ الفلسطينيّ (1991): جاءت بمُبادرة مجموعة من النسويّات، ركّزن على محاربة قضايا القتل بحجّة شرف العائلة، إضافة إلى معالجة قضايا الزواج المبكّر وزواج الأقارب. نظّمت تظاهرات رفع شعارات تُندِّدُ بقتل النساء. شدّدت على البُعد القوميّ في عملها، شاركت في المناسبات الوطنيّة كيوم الأرض ويوم النكبة. توقّف هذا التنظيم عن العمل بعد سنوات. نساء ضدّ العنف (1992): جاءت بمُبادرة من مجموعة نساء غالبيتهنّ مهْنيّات، وابتغت رفعَ مكانة النساء العربيّات الاجتماعيّة والقانونيّة، والقضاءَ على جميع أشكال العنف ضدّهنّ، وإلى معالجة النقص في خدمات دعم ضحايا العنف من العربيّات. مقرّها في مدينة الناصرة. بدأت عملها من خلال تفعيل خطّ طوارئ للنساء ضحايا الاعتداءات والتنكيل الجنسيّ والجسديّ. وأقامت، لاحقًا، ملاجئَ وبيوتًا انتقاليّة للنساء والفتيات العربيّات، كانت الأولى من نوعها في البلاد. السوار- الحركة النسويّة العربيّة لدعم ضحايا الاعتداءات الجنسيّة (1997): مقرّها في حيفا. جاءت الدوافع لإقامة التنظيم نتيجة الانفصال عن المركز الإسرائيليّ المشترَك. شغلت مشاريع مختلفة أهمّها خط الطوارئ، ومشروع التوعية والتثقيف في المدارس، ومشروع الإعلام، إضافة إلى إصدار نشرة دوريّة. كيان – تنظيم نسويّ (1998): مقرّه في حيفا. أقامته مجموعةٌ من الناشطات النسويّات المنفصلات عن مركز مساعدة ضحايا الاعتداءات الجنسيّة في حيفا، ونساءٌ أخريات. يرمي إلى إحداث تغيير اجتماعيّ يرفع مكانة النساء ويزيد مشاركتهنّ الفعّالة في المجتمع. تبنّى إستراتيجيّات التمكين الفرديّ والجماعيّ وتحصيل حقوق متساوية للنساء واستقلالهنّ الاقتصاديّ ودورهنّ جماهيريًّا وسياسيًّا. يعمل على تدعيم أُطُر نسائيّة ومساعدتها على التبلور والاستقلال. بعض المشاريع التي رعاها تحوّلت إلى جمعيّات مستقلّة. تجدر الإشارة أنّ الجمعيّات المذكورة تميّزت بالراديكاليّة/الجرأة والتحديث في الطرح وفي إستراتيجيّات العمل. وقد تحدّثت في طروحها عن الأبعاد المتعدّدة للهيمنة والاستغلال اللذين تمارسهما الدولة والمجتمع ضدّ النساء الفلسطينيّات. توقّف عمل "جفرا" وَ "الفنار" بعد سنوات قليلة. أمّا "السوار" وَ "كيان" وَ "نساء ضدّ العنف"، وبعض القائمات عليها، إضافة إلى ناشطات وناشطين في أطر أخرى ومستقلّين، فكان لهم جميعًا الدور المركزيّ والمحرِّك لإقامة لجان عمل وائتلافات تعالج قضايا النساء بمنظور جماعيّ. 2. وضع قضايا المرأة من منظور نسويّ على جدول أعمال الجمعيّات العامّة - انعكس من خلال ثلاثة نماذج رئيسيّة، وهي: أ) ائتلافات: ائتلاف البديل لمحاربة جريمة "شرف العائلة" (1994)؛ ب) لجان عمل مع أُطُر حقوقيّة: لجنة العمل للمساواة في قضايا الأحوال الشخصيّة (1995)، ولجنة العمل على مكانة المرأة الفلسطينيّة في إسرائيل (1996-1997)؛ ج) إقامة مشاريع للمرأة داخل جمعيّات حقوقيّة: مشروع حقوق المرأة (المؤسّسة العربيّة لحقوق الإنسان-1997)، ومشروع النساء والقانون (عدالة). أ) ائتلافات: ائتلاف البديل لمحاربة جريمة "شرف العائلة" (1994)- يُمكن اعتباره بدايةَ العمل الجماعيّ المنظّم على قضايا تتعلّق بالنساء، لا بين النساء وأطرهنّ النسويّة فقط، وإنّما ضمن أطر أخرى، ولا سيّما تلك الأطر الحقوقيّة. وضع هذا الائتلاف نُصْب عينيه هدفًا يتمثّل في: وضع حدّ لجريمة قتل النساء الفلسطينيّات على خلفيّة ما سُمّي حتّى ذاك الحين "شرف العائلة"، ومحاربة الصمت تجاهها، ومحاصرة المجرمين ونبذهم ومَن يشدّ على أياديهم؛ تغيير المفاهيم والمواقف السائدة حول مفهوم "شرف العائلة"؛ بلورة وعي جديد يرافقه سلوك اجتماعيّ تقدّميّ قائم على إنسانيّة متنوّرة؛ التأثير على الجهاز القضائيّ والسلطة التشريعيّة لتغيير القوانين التي تحطّ من مكانة المرأة وإلغاء أيّة فجوة قانونيّة لصالح المجرمين. وقد شكّل هذا عامِلَ ضغط على مؤسَّسات الحكومة، وكشَفَ عن إهمال بعض هذه المؤسّسات (كالشرطة) في معالجتها الموضوع، في العديد من الحالات. في عام 2000، تحوّل "البديل" (لصعوبات في العمل الائتلافيّ) إلى مشروع ضمن إحدى الجمعيّات القيّمة عليه "السوار". سبق هذا الجهد ضد جريمة قتل النساء هذه نشاطٌ قامت به مجموعة من الرجال والنساء عام 1989، بمحاربة الظاهرة والصامتين عليها والمدافعين عن القَتَلة، تجلّى هذا النشاط في عريضة وُزّعت على الجمهور –"عريضة ضدّ الدفاع عن قَتَلة النساء بحجّة "الشرف" (1990-1989)"، كان لها وقْعُها الخاصّ في إثارة الرأي العامّ والإعلام حول وجود الظاهرة، ووجوب معالجتها من منطلق أخلاقيّ ومسؤوليّة جماعيّة. رفضت العريضة الوصاية التي يقوم بها بعض الأشخاص مستغلّين مناصبهم التمثيليّة لطرح أفكارهم الرجعيّة. قامت هذه المجموعة بعدّة نشاطات جماهيريّة إضافيّة خاصّة. وقد أسّست ومهّدت لإقامة اللجنة من أجل مجتمع معافى (1994)، وشملت بعضَ الجمعيّات النسويّة التي أقيمت في هذه المرحلة، إضافة إلى مجموعات أخرى وناشطين وناشطات مستقلّين. تحوّلت اللجنة لاحقًا إلى ائتلاف "البديل"، الذي جاء تتويجًا لمرحلة من التعاون في مواجهة الموضوع، والاقتناع بضرورة توحيد كلّ الطاقات المُمكنة في إطار مشترك. ب) لجان عمل مع أطر حقوقيّة: 1. لجنة العمل للمساواة في قضايا الأحوال الشخصيّة (1995). شارك في عضويّتها جمعيّات نسويّة وحقوقيّة ومهْنيّون ومهْنيّات وناشطون، يعملون في مجال حقوق الإنسان عمومًا، وحقوق النساء خصوصًا. تشمل هذه اللجنة في عضويّتها أُطُرًا حقوقيّة ونسويّة إسرائيليّة، بينما تغيب عنها مؤسّسات حقوقيّة عربيّة أخرى، وبعض الجمعيّات النسويّة الأخرى المعروفة والناشطة في الحقل. تعمل اللجنة على دفع قيم المساواة بين الجنسين قُدُمًا في ما يتعلّق بقوانين الأحوال الشخصيّة ودفع حقوق المتقاضين أمام المحاكم الشرعيّة ومحاكم شؤون العائلة في الوسط العربيّ، مستخدمة الوسائل القضائيّة والاجتماعيّة على حدّ سواء. كذلك تعمل على محاربة ظاهرة تعدّد الزوجات، وتشير إلى تقصير أجهزة الدولة في تطبيق القانون الجنائيّ القائم، والذي قد يحدّ من الظاهرة أو يمنعها. تحارب اللجنة كذلك ظاهرة الزواج المبكّر، وتعمل على تنظيم حملة لتعديل قانون سنّ الزواج. كذلك تشارك اللجنة في تقديم تقرير المنظّمات غير الحكوميّة إلى اللجنة المعنيّة بالقضاء على التمييز ضدّ المرأة في الأمم المتّحدة. 2. لجنة العمل على مكانة المرأة الفلسطينيّة في إسرائيل (1996-1997). وهي عبارة عن شبكة قطريّة تضمّ ممثّلي أكبر الأطر النسويّة الناشطة في الحقل، وجمعيّاتٍ حقوقيّةً، وأفرادًا ناشطين في مجال حقوق الإنسان. أُسّست هذه اللجنة في موازاة معرفة بعض الأعضاء قيام إسرائيل بتسليم تقريرها الأوّليّ للجنةِ مناهَضةِ جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة (سيداو) التابعة للأمم المتّحدة، والذي كان من المقرَّر أن تناقشه اللجنة المذكورة في كانون الثاني عام 1997. وبعد الاطّلاع على هذا التقرير الحكوميّ، قرّرت لجنة العمل حول مكانة المرأة الفلسطينيّة في إسرائيل القيام بإعداد تقرير موازٍ غير حكوميّ بديل للردّ على هذا التقرير الذي تجاهَلَ مكانة وأوضاع النساء الفلسطينيّات في إسرائيل والتمييز ضدّهنّ، وتفضح سياسات الدولة التمييزيّة ضدّ المرأة الفلسطينيّة في جميع المجالات. ج) مشاريع للمرأة داخل جمعيّات حقوقيّة: 1. مشروع حقوق المرأة (1997) داخل المؤسّسة العربيّة لحقوق الإنسان. أهدافه: التثقيف بشأن حقوق المرأة من منظور حقوق الإنسان ومراقبة انتهاك حقوق المرأة. شمل العمل: دورات استكمال لمعلّمين ولنساء حول مواضيع عدّة في هذا المجال؛ إصدارَ كَرّاسات ونشرات حول حقوق المرأة العاملة، وحول انتهاكات حقوق المرأة الفلسطينيّة، وحول تمثيل النساء في لجان أولياء الأمور، وحول العنف ضدّ النساء والزواج المبكّر؛ إجراءَ بحث حول النساء العاملات في القطاع الخاصّ في الناصرة. يضاف إلى هذا العديدُ من الندوات وحلقات النقاش، وتدريب كوادر طلبة جامعيّين ليتطوّعوا في مجال حقوق الإنسان، بالتركيز على حقوق المرأة. إضافة إلى تمثيل المؤسّسة بائتلاف "البديل" وَ "لجنة الأحوال الشخصيّة"، قام المشروع كذلك بإصدار نشرات للجمهور. وقد دُمِج المشروع (2006) ضمن مشروع التربية القائم في الجمعيّة، لتستفيد منه كلّ المجموعات. 2. مشروع النساء والقانون في مركز عدالة (1999 - 2000). جاء هذا المشروع بمشاركة المؤسّسة العربيّة لحقوق الإنسان. ابتغى إحداثَ تغييرات إيجابيّة في المحاكم الدينيّة العربيّة. وعمل على دراسة الخطاب الدينيّ على نحوٍ أوفى وفحص إمكانيّات استعماله من أجل إحداث التغييرات الإيجابيّة المطلوبة. شمل المشروع سلسلة من ورشات العمل لمجموعات نسائيّة جرى العمل خلالها على قضايا ترتبط بمواضيع قوانين العائلة، وشمل كذلك تدريبَ القيّمات على المشروع وناشطات أخريات في قضايا تتعلّق بخطابِ الفقه الدينيّ وقوانينِ العائلة والمرأة، وتقديمَ تقرير داخليّ حول وضع النساء في المحاكم الشرعيّة في البلاد، ونشْرَ سلسلة من المقالات حول الموضوع. وقد جاءت فكرة إقامة جمعيّة "نساء وآفاق" لاحقًا بتأثير من هذا المشروع -وهو ما يدلّ على أهمّـيّة تبادل الخبرات والأفكار والربط والتشبيك بين الجمعيّات. يدلّ عمل هذه الائتلافات واللجان على وجود تنوُّعٍ ومهْنيّةٍ وقدراتٍ عالية في التنظيم والمَأْسَسَة وفي إستراتيجيّات العمل المتّبَعة، التي لا تكتفي بعلاج الموضوع داخل المجتمع، بل تضع المسؤوليّة على الدولة ومؤسّساتها، وتعمل على فضحها وفضح سياساتها أمام المجتمع الدوليّ وهيئاته المختلفة. إلى جانب ذلك، هناك إشكاليّات ضيق دائرة العمل التعاونيّ في بعض هذه اللجان، وعدم الإجماع على المواقف حول بعض القضايا "الحسّاسة". سنوات الألفين- تأثّرت الجمعيّات النسائيّة والنسويّة ومشاريع المرأة داخل الجمعيّات، كغيرها من الجمعيّات الأهليّة الفلسطينيّة، بالمتغيّرات الحاصلة على الساحة العالميّة التي تركت أثرها على سياسات صناديق التمويل، وكذلك على تعامل الجمعيّات مع المموّلين ومع ذاتها. أهمّ مميّزات العمل النسويّ والنسائيّ في هذا العَقْد: • إقامة ائتلافات واتّحادات جديدة: معًا - اتّحاد الجمعيّات النسائيّة العربيّة في النقب (2000). سُجّل التنظيم كجمعيّة رسميّة مقرّها في بئر السبع. يضمّ في عضويّته ممثّلات عن التنظيمات النسائيّة العربيّة في النقب. جاءت المبادرة إلى إقامته من "عضوات الجمعيّات العربيّة النسائيّة البارزة في الحقل في النقب. فلسطينيّات ضدّ الاحتلال (2000). ضمّت مجموعة العمل ناشطات نسويّات وسياسيّات مستقلاّت وممثّلات عن جمعيّات نسائيّة ونسويّة وعن أحزاب. قامت بعد انتفاضة الأقصى، وجاءت كردّ فعل على العنف السلطويّ تجاه المواطنين العرب ومن منطلق حاجة النساء الناشطات إلى أن يعبّرن عن آرائهنّ وأن يقُمن بخطوات نضاليّة في مواجهة عنف السلطة، ومن منطلق نسويّ يُبرز دور المرأة وصوتها. نجحت المجموعة في إقامة بعض التظاهرات على مفارق رئيسة وداخل مدن كبرى (كحيفا-على سبيل المثال)، إلاّ أنّها لم تستمرّ في عملها، وذلك نتيجة خلافات سياسيّة حول المواقف وطرق العمل وعدم الاتّفاق على الشعارات الرئيسة، إضافة إلى محاولات هيمنة حزبيّة عليها من طرف بعض المشارِكات، وهو ما أدّى إلى تفكّكها بعد فترة وجيزة. وقد كانت تجربتها تجربة فريدة لكونها محاولة أولى للعمل النسائيّ المشترَك الجماعيّ على قضايا وطنيّة لا نسائيّة فقط، وحاولت الإدماج جماعيًّا ونسويًّا بين الموقف النسائيّ- النسويّ والموقف السياسيّ. مجلس النساء العربيّات (2001). أعلن تشكيله بوصفه اتّحادًا نسائيًّا قُطريًّا، في نهاية المؤتمر التمهيديّ الذي عُقد قي مدينة الناصرة بمشاركة قرابة 130 امرأة. جرى الإجماع في نهايته على "أن لا مكان لنساء مع انتماء لأحزاب صهيونيّة في هذا الإطار"، وفي ما عدا ذلك، بقيت كلّ القضايا والهُويّات الأخرى معلّقة /مفتوحة. لقد اختار المجلس عمليًّا أن يبحث عن العامل المشترَك للنساء ليُتيح المجال للتعدّديّة، لكن هذا أفقده الخصوصيّة ووضوح الهُويّة. كما أنّه لم يتّخذ موقفًا واضحًا ولم يصرّح بموقفه من قضيّة حقّ المرأة في تصرّفاتها وجسدها، أو من قضيّة الأحوال الشخصيّة التي كانت قد أثيرت على جدول أعمال الأطر النسويّة والحقوقيّة. توقّف المجلس بعد خلافات كثيرة بين أعضائه، وعدم الإجماع على الهُويّة وتَوجُّهها، حيث انطوت على تناقضات سياسيّة في المواقف. ائتلاف الجمعيّات من أجل تمثيل النساء وقضاياهنّ في لجنة المتابعة (2005). يضمّ الائتلاف عددًا من الجمعيّات النسويّة والحقوقيّة وذات الأَجِنْدات السياسيّة. بغية العمل على موضوع النساء في مواقع صنع القرار، بادرت جمعيّة "نساء ضدّ العنف" إلى تقديم عريضة للجنة المتابعة العليا للجماهير العربيّة في إسرائيل، حملت عنوان "لا لتغييب النساء"، وقّعت عليها عدّة جمعيّات، بعضها ذاتُ عضويّةٍ في الائتلاف. يعمل الائتلاف على متابعة قضيّة تمثيل نساء في لجنة المتابعة. اتّحاد لجان المرأة الفلسطينيّة العاملة (2008). بادرت إلى إقامته مجموعة من العاملات والعاطلات عن العمل والناشطات في جمعيّة "صوت العامل" النقابيّة في الناصرة، التي تعمل في مجال الدفاع القانونيّ عن حقوق العمّال العرب. يشكّل هذا الاتّحادُ نقطةَ انطلاق من أجل تنظيم النساء العاملات الفلسطينيّات والدفاع عن حقوقهنّ النقابيّة والوطنيّة، وبخاصّة في وقت تُداس فيه حقوق النساء أمام استغلال المشغِّلين البشع، وأمام إغلاق مصانع النسيج في القرى والبلدات العربيّة ونقلها إلى البلدان المجاورة. يشدّد الاتّحاد على أهمّـيّة أخْذ النساء العاملات دورًا في الكفاح والانخراط في قضايا شعبهنّ، والنضال لتحصيل الحقوق الجماعيّة. • ظهور أطر نسائيّة أخرى ذات أَجِنْدات سياسيّة حزبيّة: اتّحاد المرأة التقدّميّ (2004). أقيم إلى جانب حزب التجمّع الوطنيّ الديمقراطيّ. أقامته ناشطات وعضوات حزبيّات في هذا الحزب. لم يبغِ أن يتحوّل إلى جمعيّة، ولم يقُم بخطوات في هذا الاتّجاه. تبنّى نموذج العمل السياسيّ، بمعنى إقامة مراكز وفروع، واهتمّ بأن يتحوّل إلى إطار جماهيريّ واسع. من أهدافه: دعم وتمكين النساء العربيّات؛ بناء دَوْر فاعل للنساء كشريكات متساويات في الحياة السياسيّة الداخليّة؛ رفع مكانة المرأة الاجتماعيّة والاقتصاديّة للنساء؛ التأثير على خطاب التيار الوطنيّ، من أجل رفع قضايا النساء والقضايا الاجتماعيّة إلى مركز خطابه، ومن أجل بناء برامج عمل في هذا المضمار؛ التواصل والتفاعل مع الحركات النسويّة في العالم العربيّ وتطوير التعاون مع الحركات النسويّة اليهوديّة. قام بعدّة نشاطات، وبادر إلى جمع تواقيع على عريضة رافضة للخدمة المدنيّة جاءت بعنوان "أمّهات ونساء ضدّ الخدمة الوطنيّة". • توسيع آخَر وبلورة في عمل الجمعيّات القائمة، وفي أساليب العمل وزيادة رقعة انتشارها. تحوّلت العديد من الجمعيّات الخدماتيّة التخصّصيّة في قضايا العنف ضدّ النساء، التي أقيمت في العَقْد السابق، إلى طرح القضايا من منظور جماعيّ. في هذا الأمر برز تيّاران واضحان في عمل الجمعيّات النسائيّة والنسويّة، كما هو الأمر في الجمعيّات العامّة. يتبنّى أحدهما خطاب حقوق المواطَنة ويشدّد على المساواة في الميزانيّات، ويشدّد الآخر على الخطاب القوميّ الوطنيّ والحقوق الجماعيّة للفلسطينيّين. برز لدى الجمعيّات استعمالُ أساليب المرافَعة والتشبيك وولوج مجال الإعلام. • ظهور جمعيّات ومشاريع نسويّة جديدة وظهور تعدّديّة نسبيّة في الخطاب النسويّ: جمعيّة نساء وآفاق (2002). قامت كجمعيّة نسائيّة تطرح فكرًا نسويًّا دينيًّا. أوجدت تمايزًا جديدًا بين الجمعيّات النسويّة، وخلقت تعدّدية فكريّة نسويّة بارزة بين تيّار نسويّ عَلماني يعمل خارج نطاق الدين، بل ويحارب مفاهيمَه كمؤسّسة تحمل فكرًا ذكوريًّا، وبين نطاق آخر كالجمعيّة المذكورة، يعتمد الدينَ والنصوصَ الدينيّةَ مرجعيّةً أساسيّة له. المنتدى العربيّ لجنسانيّة الفرد والأسرة في حيفا. يشكّل المنتدى مرجعيّة مهْنيّة وفكريّة محلّـيّة في قضايا الجنسانيّة عمومًا. من أهدافه: رفع الوعي الجنسانيّ في المجتمع عمومًا، وفي قطاع الناشئة والشبيبة على وجه الخصوص؛ بناء أُطُر استشاريّة للفئات العمْريّة المختلفة في مجال الجنسانيّة؛ خلق إطار علميّ ومهْنيّ لتطوير وتعزيز القدرات المهْنيّة للعاملين في مجال الصحّة الإنجابيّة والجنسانيّة، على مستوى المجتمع الفلسطينيّ والعالم العربيّ؛ تعزيز مكانة المرأة في المجتمع عَبْر تحدّي المعتقدات الخاطئة والمفاهيم السائدة التي تكرّس دونيّتها، وبالتالي تخلق أجواءً مواتية لانتقاص حقوقها الإنسانيّة والجنسيّة. مشروع أصوات- نساء فلسطينيّات مثليّات الجنس (2002). مشروع مستقلّ داخل تنظيم "كيان" النسويّ. بدأ من خلال مجموعة حوار عبر البريد الإلكترونيّ. تُمثّل المجموعةُ المكانَ الآمن والوحيد من نوعه للنساء المثليّات الفلسطينيّات. منذ العام 2003، تحوَّلَ إلى مشروع مستقلّ ضمن تنظيم "كيان"، يهدف إلى إنشاء ثقافة ومُناخ يتيحان لهنّ التعبير عن أنفسهنّ، ومناقشة قضايا ذات صلة وتحديد هُويّاتهنّ. يقوم بتنظيم دورات تَمْكين ومبادرات أخرى للتغيّر المجتمعيّ. برنامج الدراسات النسويّة الفلسطينيّة في مركز مدى الكرمل: جاء تتويجًا لمشروعَيْن مهمَّيْن نظّمهما المركز، وهما: مشروع نساء باحثات (2003)، وسمينار الجنوسة ومكانة المرأة في المجتمع الفلسطينيّ (2005). • ظهور جمعيّات نسائيّة محلّـيّة جديدة، منها: الجنى - مركز للثقافة والتنمية الاجتماعيّة (2001) في قرية نحف. هذه الجمعيّة تعمل ببرامجها على رفع مكانة المرأة الفلسطينيّة كهدف وكوسيلة لحياة ولمجتمع أفضل. بدأت مؤخّرًا بالتوجّه إلى العمل مناطقيًّا. تالا - نساء في الطليعة (2006). تعمل على تدعيم وتمكين المرأة العربيّة عمومًا، والطيباويّة على وجه الخصوص، في مجالات عديدة، منها إيصال المرأة إلى مواقع اتّخاذ القرار، وتنمية قدرات شابّة -ولا سيّما النسائيّة منها. البير - (2006) من أهدافها: تطوير القدرات الخاصّة النسائيّة وتطويعها لخدمة المجتمع؛ توسيع دائرة العمل والتأثير النسائيّ على النسيج الاجتماعيّ؛ خلق حيّز عامّ اجتماعيّ للّقاء وعَقْد حوار بين الأفراد، والجماعات، والثقافات. يستدلّ من مراجعة أوراق هذه الجمعيّات، أنّ قضايا المرأة محلّـيًّا متنوّعة، كما أنّ هذه الجمعيّات تواجه في عملها الكثير من التحدّيات في قضيّة توضيح هُوِيّتيها وعضويّة المشاركين فيهما، وفتح باب النشاط والاشتراك في إداراتهما، حيث تضمّ "الجنى" وَ "تالا" في عضويّتهما وإدارتهما رجالاً، بينما تضمّ "البير" في إدارتها ومؤسّساتها ناشطة إسرائيليّة. قضايا تشغل الجمعيّات سياسات التمويل وأثرها على الجمعيّات وجدول أعمالها: جرّاء سيطرة الحكومة الإسرائيليّة على معظم الموارد الاقتصاديّة في البلاد والتحكّم بالإنتاج وبالعمل، بحثت الجمعيّات الأهليّة الفلسطينيّة عن التمويل الخارجيّ غير الحكوميّ لدعم نشاطاتها، وقد وجدته -مع بداية الثمانينيّات- لدى مؤسّسات أوروبيّة (معظمها كنسيّة)، ممّا أدّى إلى ارتفاع ملحوظ في عدد الجمعيّات. تأثّرت الجمعيّات النسائيّة والنسويّة ومشاريع المرأة داخل الجمعيّات، كغيرها من الجمعيّات الأهليّة الفلسطينيّة، بالمتغيّرات الحاصلة على الساحة العالميّة والمتغيّرات المحلّـيّة، والتي تركت أثرها على سياسات صناديق التمويل وأَجِنْداتها، وكذلك على تعامل الجمعيّات مع المموّلين ومع ذاتها. كان للمتغيّرات السياسيّة في الساحة العالميّة والمحلّـيّة (فشل اتّفاقيّات أوسلو؛ انتفاضة أيلول 2000 في الضفّة؛ انتفاضة الأقصى عام 2000؛ أحداث أيلول 2001) آثارُها على سياسات التمويل، وبالتالي على الجمعيّات كافّة، ومن بينها الجمعيّات النسائيّة. من أبرز هذه الآثار حصول انحسار في المصادر الأوروبيّة، قابله ازدياد مطّرد في اهتمام وتمويل المصادر اليهوديّة الأمريكيّة التي اشترطت دعمها بالرغبة في التأثير على عمليّة السلام، فأخذت تدعم وتشجّع مشاريع التعايش والمشاريع اليهوديّة العربيّة المشترَكة. أحيانًا، كان دمج الموضوع النسويّ في مواضيع أخرى -كموضوع التعايش- وسيلةً لرفع احتمالات التمويل. كذلك غيرّت بعض مصادر التمويل المحلّـيّة الحكوميّة في توجُّهها إلى الجمعيّات بعد أحداث تشرين الأوّل عام 2000، وذلك بالاتّجاه التضييقيّ والمشترِط لبرامج التعايش. بعد أحداث أيلول 2001، على وجه الخصوص، قامت بعض مصادر التمويل الأمريكيّة بإعادة فحص هُويّات الجمعيّات النسائيّة والنسويّة والتدقيق في انتماءاتها وحتّى أسمائها؛ وقامت كذلك بالتدخّل في اتّجاه فرض رقابة خارجيّة دوليّة على صرف الأموال وعلى مصادرها من قبل الدولة، وفرض أَجِنْدات المموِّلين السياسيّة على الجمعيّات (كقيام أحد الصناديق الأمريكيّة-الإسرائيليّة، بعد مؤتمر ديربن، بمطالبة الجمعيّات التي يموّلها أن تقوم هذه بسحب توقيعها من المذكّرة التي تعرّف دولة إسرائيل كدولة عنصريّة. أمام محدوديّة مصادر التمويل، وعندما تكون هذه الصناديق مصدرَ تمويل أساسيًّا للجمعيّة (إن لم يكن الوحيدَ)، تواجه الجمعيّة وضعًا مُحْرِجًا، خلاصتُهُ أنّ الاستغناء عن هذا الصندوق يمكن أن يكون عاملاً مهدِّدًا لاستمراريّة عملها. وقد رفضت العديدُ من الجمعيّات -لا سيّما تلك المنتمية إلى الصفّ الوطنيّ- هذه الاشتراطات، وثمّة منها مَن رفضت التوجُّه أصلاً إلى مصادر تمويل كهذه، وبخاصّة الأمريكيّة من بينها، وبحثت عن مصادر بديلة، ووضعت نُصْب أعينها التمويلَ الذاتيَّ. لكن رغم هذا الوعي، لم تنجح هذه الجمعيّات حتّى اليوم في إيجاد مصادر تمويل محلّـيّة، وذلك من جرّاء ضعف البنية الاقتصاديّة الفلسطينيّة وتبعيّتها للدولة، وأمام التقييدات المفروضة من قبل الدولة في هذا المضمار. على وجه العموم، يمكن القول إنّ الجمعيّات ما زالت مقيّدة ومصادر تمويلها محدودة (وعلى وجه التحديد تلك التي لا توافق على التنازلات المطلوبة). علاقة الجمعيّات بالدولة اليهوديّة ومؤسّساتها: الجمعيّات الفلسطينيّة، وبضمنها النسائيّة، علاقتها بالدولة اليهوديّة ليست علاقات تكامليّة، بل إنّ بعضها واقع في صراع دائم وتوتّر مع الدولة. جاء عمل بعض الجمعيّات النسويّة ليسدّ فراغًا في تقديم الخدمات للنساء في مجالات عدّة، وذلك بسبب تقصير الدولة في تقديمها (وَفقًا لسياسات تمييز مستمرّة ومخطّطة). يأتي عملها كذلك ليفضح هذه السياسات من خلال رفع التقارير البديلة إلى المحافل الدوليّة -كتقرير السيدو. يبرز تقصير الدولة ومؤسّساتها في تعاملها مع قضايا العنف الموجَّه ضدّ النساء العربيّات، كتعامل الشرطة في قضايا القتل على خلفيّة ما يسمّى "شرف العائلة" (كما أشارت بعض التقارير المعتمَدة إلى ذلك)، وتغاضيها عن تزويج القاصرات، وعدم مبادرتها إلى إنشاء مؤسّسات حماية وعلاج للنساء الفلسطينيّات، أو خطوط طوارئ بالعربيّة، إلاّ بعد أن قامت المؤسّسات والجمعيّات النسويّة الفلسطينيّة بفعل ذلك، وهو ما يؤكّد ارتباط سياسات الدولة بالبُنى الاجتماعيّة التقليديّة ودعمها لها. يبرز التقصير في مجالات أخرى، كتقديم الخدمات الصحّـيّة للنساء والأطفال في القرى غير المعترف بها، وتوفير أماكن عمل داخل المدن والقرى العربيّة، وغيرها. في هذه الحالة، تتحوّل الدولة إلى جزء من الجهاز القامع للنساء العربيّات والذي يرسّخ دونيّتهنّ، رغم أنّ تصريحاتها حول دورها مخالِفة تمامًا للواقع. ويعكس التعاملُ مع جهاز الشرطة إحدى أكبر الإشكاليّات في علاقة الجمعيّات النسائيّة بالدولة؛ فالشرطة هي العنوان لتلقّى الشكاوى، كما في حالات العنف ضدّ النساء، من جهة، بينما تكون جزءًا من الجهاز الذي يقمع تظاهراتنا ويقوم بالاعتقالات السياسيّة أيضًا ضدّ نساء ناشطات، من الجهة الأخرى. هذه الإشكاليّة برزت بروزًا واضحًا بعد أحداث سياسيّة، لا في تعامل المؤسّسات فحسب، بل كذلك في وعي النساء الفلسطينيّات. فكما يبيّن التقرير الذي قدّمته بعض الجمعيّات إلى "سيدو"، برز هبوط كبير في نسبة المشتكيات العربيّات إلى الشرطة بعد انتفاضة الأقصى عام 2000 . تتدخّل أجهزة الدولة -كمسجّل الجمعيّات- تدخّلاً سياسيًّا في عمل الجمعيّات، وبضمنها الجمعيّات النسائيّة، كرفضه تسجيل إحدى الجمعيّات تحت تسمية فلسطينيّة، أو محاولاته إثارة الخلاف بين جمعيّتين نسويّتين، ويحاول "الشاباك" التأثير على هُويّة الجمعيّات، ومحاولات إحباطها. تعي القائمات على الجمعيّات النسويّة محاولات مؤسّسات الدولة المختلفة التأثير عليها، مستغِلّةً ارتباطها التمويليّ ببعضها، لتغيير سياساتها وأجنداتها أو حتّى التأثير من خلالها على الرأي العامّ. تعمل هذه الجمعيّات على حفظ التوازن في تعاملها مع الدولة ومؤسّساتها.
كما يتبيّن، سيرورة عمل وتطوّر الجمعيّات الفلسطينيّة النسائيّة والنسويّة هي سيرورة طويلة وثريّة وملأى بالنجاحات. هنا وهناك، ما زالت بعض القضايا والمواضيع بحاجة إلى دراسة وفحص أعمق، أو إلى إعادة النظر فيها. وهناك قضايا ومشاريع ما زالت خلافيّة، ولا تحظى بالإجماع أحيانًا في داخل الإطار الفكريّ الواحد، وبعضها تنبع ضرورة وجودها من هذا الموقع الخاصّ، والمقصود أنّها تطرح البديل والخاصّ والمختلف وتطالب بقبوله والاعتراف بوجوده وبحقّه في الوجود. وتثير أسئلةً وعلاماتِ استفهام حول ممارسات ومفاهيم ومعتقدات سائدة مسيئة، وتطالب بتغييرها وبتحمّل المسؤوليّة عنها. جنان عبدو جنان عبده هي ناشطة وباحثة فلسطينية مهتمّة بالتأريخ الفلسطيني وبخاصة التأريخ الشفويّ النسائي، وبقضايا المرأة والعمل الجماهيريّ السياسي والتربويّ. لها إسهامات كتابيّة وبحثيّة في هذه المجالات، وسيصدر لها قريبًا كتاب جديد بعنوان: "الجمعيّات النسائيّة والنسويّة في فلسطين 48". تعتمد المعلومات في هذا المقال على تجربتي المشاركة في إقامة بعض الأطر المذكورة هنا، وعلى بحثين ميدانيّين مقرونَيْن ببُعد تاريخيّ قمت بهما غطّيا محاور عديدة في هذا الحقل. الأوّل أُجْرِيَ في الأعوام 2004-2006، لمعهد دراسات المرأة في جامعة بير زيت، وتضمّن 25 مقابلة أُجْرِيَتْ مع قائمات على الجمعيّات، نُشِر ملخَّصُهُ في دوريّة دراسات المرأة، الصادرة عن المعهد عام 2007، بعنوان "خصائص وسِمَات العمل النسويّ والنسائيّ داخل الأراضي المحتلّة عام 1948" (العدد 4،17-54)؛ والبحث الآخر أجريته لبرنامج دراسات المرأة في مركز مدى الكرمل، في الأعوام 2006-2008، وتضمّن مقابلات ومحادثات وتعبئة استمارات مع القائمات على غالبيّة الجمعيّات. نُشرت المعلومات في كتاب صدر عام 2009 بعنوان: "الجمعيّات النسائيّة والنسويّة في فلسطين 48". للتوسّع عن الجمعيّات المذكورة في البحث وعملها، في الإمكان مراجعة مواقعها الإلكترونيّة ونشراتها، و/أو موقع اتّجاه- اتّحاد الجمعيّات: www.ittijah.org - نشرت في مجلة جدل الالكترونية، ع 4، تشرين ثاني 2009. اصدار: مركز مدى الكرمل للابحاث، حيفا


جنان عبده، (الجمعيّات النسائيّة والنسويّة في فلسطين 48 في مقاومة الإخضاع) نساء سورية