Translation

Exchange Rates

يونيو 14, 2022


דולר ארה"ב 3.446 0.17%
אירו 3.594 -0.13%
דינר ירדני 4.860 0.17%
ליש"ט 4.172 -0.51%
פרנק שוויצרי 3.466 0.12%
100 ין יפני 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

نوادر البشر / بقلم: صبري محمد جبارين

هيئة التحرير, 26/10/2012

شعور ضياع نشعر به أحيانا كثيرة، ويتملكنا التيه في اعوجاجات وسراديب الدنيا... ننظر حولنا ونطيل النظر فيغشانا الضباب والحلكة فينثر حولنا غطاء من الهم والقلق... ونحس ألبابنا تقبض في كل حين مائة الف قبضة... فتضيق صدورنا وتكبت أنفاسنا وكأننا نستسلم لتهديد لا نعيه ولا نعلمه!!

تسير عقولنا في مسارات لم يكن لها اي مكان او حسبان في مخيلاتنا... فنطيل النظر والسهو والحيرة...وعندما يقدّر لنا أن نطلق بعض أنفاس الصعداء النادرة عندها وكأنما نحيا من جديد، تُرد إلينا أرواحنا وتعود بعدما كانت قد فارقت أجسادنا.

يأتوننا من هم حولنا ويتساءلون عما يعكرنا ويعكر صفونا فتكثر حينها أنماط وقوالب الإجابات المعروفة... فنرد ب"عادي" أو "لا شيء" أو "الحمد لله" وغيرها...وكم من إجابة "لا شيء" وتملؤنا وتملأ قلوبنا كل الأشياء وجميع أنواع الأشياء... وكم من إجابة "عادي" وما بداخلنا أبدا ليس بعادي ولا طبيعي... وكم من إجابة "الحمد لله" وما بداخلنا يصرخ حمدا على ما نعاني وما يؤلمنا ويمزق دواخلنا...

نحب الوحدة وتجنب الخلق، لأنهم لا يفقهون ولا يسمعون تمزقات الأفئدة وأسقامها التي باتت تحطم وتعصر أفئدتنا... يحاولون أن يُنسونا فيَنسونا... يحاولون أن يخففوا عنا فيخففوا فينا... يحاولون أن يُبعدوا الآلام عنا فيُبعدونا.

كم يحاولون أن يقفوا بجانبنا لكن في الحقيقة هم يقفون جانبا بالنسبة لنا...

غصات تقتلنا ومعاناة تعذبنا وآلام نقاسيها وأقدار تهمشنا وتماثيل الناس أصبحت تحاسبنا، وبراكين الأرض صارت تحرّقنا، فينابيع الأرض ما عادت تروينا، وتراتيل وتسابيح الكون ما عادت تهدئنا وتحمينا...

خلعوا علينا بردة من صفات غير حميدة... وهم ذاتهم مالكو تلك الصفات... أكسبونا عادات قبيحة وهم مبتكروها... حملونا أوزارا نحن لم نك مقترفيها... كابدوا لنكابد ولا يهنأ عيشنا... وصنعوا المعجزات لنعجز فيسيطرون. كم هم مبدعون ومبتدعون...

وما يعزينا في هذا الكون سوى وجود أناس نحاكيهم دون أن تنطق ألسنتنا... نكلمهم دون أن نستعمل أفواهنا... يسمعون أنات الصدور وصرخات القلوب وتمزقات دواخلنا... دون أن نتكلم.

هم أولئك لعمرك الصدّيقون، الذين لو تكالبت عليك البشرية أجمع لظلوا هم الأسود حولك، ولنصروك ولو على حساب أنفسهم وأوقاتهم. أولاء لعمرك المقربون، الذين إذا تألمت كانوا لك الدواء، وإذا أوذيت كانوا لك الفداء، وإذا عرّيت كانوا لك الكساء، وإذا اختنقت كانوا لك الهواء.

هم حقا الصدّيقون والمقربون...إن لهم مكانا ومكانة في قلوبنا تتجاوز عنان السماء، وإن لهم عندنا مودة لو نُثرت لكست وجه الأرض محبة وألفة ومودة.إنهم سبب بقائنا على قيد الحياة، لأنهم هم... هم من يجعلون ويزرعون الحياة والتفاؤل فينا. هم نبض الحياة فينا...لولاهم لثقلت علينا... هم المخففون، وهم دعائمنا...إنهم قريبون منا، أفلا نتساءل من هم؟ أفلا نتمسك بهم أكثر فأكثر؟أيها الإنسان عليك بالبحث عنهم وعن أمثالهم، فلولاهم كم كانت ستصبح الحياة صعبة لنا وفينا..!!