Translation

Exchange Rates

يونيو 14, 2022


דולר ארה"ב 3.446 0.17%
אירו 3.594 -0.13%
דינר ירדני 4.860 0.17%
ליש"ט 4.172 -0.51%
פרנק שוויצרי 3.466 0.12%
100 ין יפני 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

سعيد حورانية .. وصالونه الادبي في شارع بولشايا بوتشتوفايا

هيئة التحرير, 3/1/2010

يبرز الكاتب سعيد حورانية(1927 – 1994) بين رواد القصة الواقعية السورية في الخمسينيات من القرن العشرين في كونه قد تجاوز الاساليب الادبية التقريرية القديمة وقدم الى القراء نماذج فنية وجمالية اصيلة من المجتمع السوري وبالاخص هموم بسطاء الناس. وقد صدرت له كتب متميزة منها " في الناس المسرة"(1954) و" سلاما يافارصوفيا" (مقالات في 1957) و" صياح الديكة " (1957) و" شتاء قاس آخر" (1962) و" سنتان وتحترق الغابة " (1964 ) ، ولكن بعد دخوله السجن بسبب نشاطه السياسي في عهد الشيشكلي وخروجه منه توقف نشاطه الابداعي وكان مجيئه الى روسيا للعمل في صحيفة " انباء موسكو " في اواسط الستينيات مرحلة أخرى في نشاطه الادبي. فقد انغمر منذ الايام الاولى لوصوله الى موسكو في الحياة الثقافية للمدينة ، والتف حوله لفيف من المثقفين العرب العاملين والدارسين في العاصمة الروسية . وسرعان ما تحولت شقته في شارع بولشايا بوتشتوفايا الى صالون ادبي يجتمع فيه مساء كل يوم عدد كبير من الرواد منهم الشاعر محمود درويش والروائي غائب طعمة فرمان والمخرج المسرحي فواز الساجر والشاعر السوداني جيلي عبدالرحمن والناقد السينمائي سعيد مراد والرسام عبدالمنان شما ولفيف من المستعربين والمثقفين العرب والروس. وكان الجدل يحتدم – اذ كان سعيد من هواة النقاش والجدل -حول وضع الادب الروسي وما ينشر من اعمال جديدة كانت تحدث بسببها ضجة لأن الدوائر الحزبية السوفيتية لم ترحب بها مثل رواية الكسندر سولجينتسين " يوم من حياة ايفان دينيسيتش" عن الحياة في معسكرات الاعتقال الستالينية و"السفينة البيضاء" لجنكيز ايتماتوف. وقد اصر سعيد حورانية على ترجمة مثل هذه الاعمال الى العربية فورا بل وكتب مقدمة "السفينة البيضاء" التي نشرت في بيروت عندئذ. كما كان غالبا ما يرتاد المسارح في المدينة واهتم بصورة خاصة بالمسارح الطليعية وعروضها مثل مسارح" تاغانكا" و" سوفريمينيك"و"فاختانغوف" ولاسيما عروض المخرجين الطليعيين مثل لوبيموف وايفروس. كما كان يتابع الافلام الروسية الجديدة ووضع السينما السوفيتية في تلك الفترة.واراد سعيد حورانية معرفة كل شئ عن تاركوفسكي بعد مشاهدة فيلميه " اندريه روبليوف "و" المرآة". وغالبا ما كنت تجده في المعارض الفنية التي تقام في متحف بوشكين للفنون او غاليري تريتياكوف. وقد افاد سعيد حورانية صحيفة " انباء موسكو " التي كان يعمل فيها فائدة كبيرة بأنتقاء المواد الادبية الجيدة وجذب الكتاب الموهوبين لنشر مقالاتهم فيها. وكان سعيد غالبا ما يتهرب من الحديث مع الاصدقاء في موسكو عن موضوع العودة الى التأليف ومواصلة دربه في كتابة القصص والروايات. لكن رصيده في الادب السوري الحديث لا ينكر مثل رصيد ابناء جيله عبدالسلام العجيلي وفؤاد الشايب وحنا مينة وزكريا تامر. ولابد من الاشارة الى ان سعيد حورانية قد تأثر في عمله الادبي كثيرا بأعمال عمالقة الادب الروسي . وكان غالبا ما يستشهد في احاديثه بروايات دوستويفسكي الذي احب مطالعته خلال وجوده بموسكو. كما لم يخف اعجابه بثلاثية مكسيم غوركي وبقصص انطون تشيخوف المترعة بمشاهد مؤلمة وساخرة في آن واحد. ان الشخوص المعذبة والمسحوقة في روائع الادب الروسي تجد لها صدى ايضا في قصص سعيد حورانية الاقرب الى حياة بسطاء الناس وهمومهم في المجتمع السوري. وليس من قبيل الصدف ان نال سعيد جائزة مجلة "النقاد" في عام 1949عن قصته " الصندوق النحاسي". وانذاك لم يصدق احد بأن كاتبها ما زال شابا غير متضلع بفنون الادب. لكنه حين اقتحم الميدان القصصي اثبت جدارته في تقديم مادة قصصية من نوع جديد في الادب السوري. وفيما بعد لمع نجمه حين ساهم في اقامة رابطة الكتاب العرب لكن مشاركته في الاحداث السياسية ارغمته على اللجوء الى لبنان حيث عمل مدرسا للغة العربية في مدرسة الفرر. لكن وشاية احد الزملاء ادت الى القبض عليه في غرفته حيث عثر الشرطة على كتب ومخطوطات فيها 52 قصة ومخطوطة رواية " بنادق تحت الغش" تم احراقها جميعا من قبل الشرطة. ثم زج به في السجن. ووصف سعيد ذلك فيما بعد بقوله:" كان هذا افظع شئ حدث في حياتي على الاطلاق .. تصوروا ان شرطيا صغيرا يمكن ان يمحو لك جهد سنوات". ولا تتوفر معلومات ما عن وجوده في السجن اذ كان يفضل عدم الحديث عنه .

بعد عودة سعيد حورانية من موسكو الى دمشق عمل في وزارة الثقافة السورية كمستشار حتى وفاته في 4 يونيو/حزيران عام 1994 بسبب اصابته بسرطان الرئة. وكانت قد اجريت له قبل هذا عملية استئصال الرئة لكن تدهور وضعه الصحي باستمرار وعانى من الالام قبل الوفاة.

وفي عام 2004 اصدرت وزارة الثقافة في ذكرى وفاته العاشرة اعماله القصصية الكاملة . وكتب محمد كامل الخطيب في مقدمة المجموعة يقول " ان سعيد حورانية ادخل في اسلوبه القصصي على صعيد الشكل تقنية قريبة من التكنيك السينمائي فأستخدم ببراعة ما يسمى بالمونتاج المتوازي حيث يتوازى حدثان مترابطان يقدمان حدثا واحدا للحدثين يستخلص دلالة القصة ككل كما استخدم احيانا بشكل واع وناضج عملية الترميز".

من سلسلة مقالات " مبدعون عرب في روسيا