Translation

Exchange Rates

يونيو 14, 2022


דולר ארה"ב 3.446 0.17%
אירו 3.594 -0.13%
דינר ירדני 4.860 0.17%
ליש"ט 4.172 -0.51%
פרנק שוויצרי 3.466 0.12%
100 ין יפני 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

العمل التطوعي.. هل يتعارض الدعم المالي مع المبادئ؟

هيئة التحرير, 29/3/2010

يعدُّ الدعم المالي ركيزة مهمة في عمل الجمعيات الأهلية في سورية. ذلك أنَّ دعم الجهات الحكومية ممثَّلة في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لهذه الجمعيات، لا يشكِّل بالنسبة إليها الكثير، على اعتبار أنَّ المبالغ التي تحصل عليها الجمعيات قليلة جداً، إن لم تكن معدومة. في ما لو علمنا أنَّ عملها يقوم على دعم قضايا مهمة على المستويين الإنساني والاجتماعي. وهنا، لابدَّ من أن نطرح سؤالاً مهماً: هل يمكن فعلاً الاستمرار في العمل التطوعي في قضايا على هذا المستوى من الأهمية دون أيِّ شكل من أشكال الدعم المادي؟ بعد خمس سنوات من العمل التطوعي، ورفض أشكال التمويل كافة, والإعلانات التجارية، أعلن مرصد "نساء سورية" عن أزمة مالية شديدة يعاني منها. أجبرته على فتح باب الإعلانات داعياً إياها (إعلانات داعمة) إلى أن تكون مشروطة، وألا يتعارض مضمونها مع توجهات المرصد. فما الذي يمكن للدعم المالي أن يغيِّره في مستوى العمل؟.. الإعلامي بسام القاضي، مدير مرصد "نساء سورية"، أشار إلى أنَّ العمل التطوعي يقوم أساساً على العمل لمصلحة قضية معينة دون أيِّ مقابل مادي. هذا كان وسيبقى أساساً لا حياد عنه في عمل المرصد. وأضاف القاضي: "ما حدث اليوم أنَّ تكاليف العمل، بدءاً من أجور المكتب وتكاليف الموقع, وحتى التكاليف اللا متناهية للتواصل مع ضحايا العنف، باتت أكبر بكثير من إمكاناتنا الفردية. وهذا ما دفعنا إلى التخلِّي عن أحد مبادئ عملنا الأساس، المتمثِّل في رفض نشر الإعلانات مدفوعة الأجر". إعلانات مشروطة على الرغم من أنَّ المرصد فتح باب الإعلانات التجارية، لكنه في الوقت عينه وضع شروطاً على هذه الإعلانات، وأهمها ألا تتعارض مع القضايا التي تبنَّاها المرصد خلال السنوات الخمس.. يقول القاضي: "الإعلانات التي أصبحت اليوم ممكنة للمرصد، مشروطة بألا تتعارض مع التزاماته؛ بمعنى ألا يتضمَّن الإعلان أيَّ استخدام مسيء إلى المرأة أو الطفل, أو أي رسالة تمييزية تدعم العنف. وبالطبع ألا يتضمَّن أيَّ رسالة دينية أو سياسية".. خطوة إسعافية ما جعل إدارة المرصد تقوم على فكرة قبول الإعلانات التجارية أو الداعمة، إن صحَّ التعبير، ليس إلا خطوة إسعافية- على حدِّ قول القاضي- مضيفاً: "الأزمة المالية للمرصد باتت مستفحلة. وما نأمله من الإعلانات هذه، هو أن تغطِّي تكاليف العمل الأساس. بينما لن يتلقَّى أيٌّ من العاملين أو العاملات في المرصد أيَّ مبالغ لقاء عملهم، بل سيبقى كلُّ ذلك تطوعياً كما كان".. جمعيات مرخصة دون دعم توجد الكثير من الجمعيات المرخصة أصولاً، ولكن دون أن تتلقَّى أيَّ دعم حكومي، إلا في حدود ضيقة للغاية، ومن هذه الجمعيات، جمعيات تقدِّم مساعدات لحالات إنسانية تستحقُّ الدعم في المجتمع، كالمعوقين. مي أبو غزالة، رئيس جمعية "سما" لمساعدة المرأة المعوقة وأمهات الأطفال المعوقين، أشارت إلى أنَّ جمعية "سما" هي جمعية تنموية وليس خيرية. وبالتالي فإنَّ الجمعية لا تقدِّم المساعدات المادية، لأنَّ المبالغ التي تحصل عليها من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ضئيلة، ذلك أنَّ المساعدات لا تتجاوز قيمة الـ25 ألف ل.س في السنة الواحدة. وأضافت أبو غزالة: "نحصل على تمويل الجمعية من خلال الاشتراكات والتبرعات التي تأتينا في شهر رمضان. ومن اشتراكات المنتسبين, وفي هذا العام لم نحصل على دعم الوزارة حتى الآن. وما يدعو إلى الغرابة أنَّ الجمعيات الغنية مالياً يزيدون لها التمويل أضعاف المبالغ التي يعطونها إلى الجمعيات الفقيرة".. أشكال أخرى للتمويل تعتمد بعض الجمعيات على إقامة الورشات والمحال التجارية كطريقة للحصول على تمويل وتغطية تكاليف عملها. فجمعية رعاية المساجين وأسرهم في حلب تقدِّم خدمات إلى المساجين داخل سجن حلب المركزي من خلال ورشات العمل، غير أنَّ الجمعية تقدِّم مساعدات إلى 250 أسرة، بحيث تتراوح حجم المساعدات بحسب الوضع المالي للأسرة وعدد الأولاد. علي الصايغ، رئيس جمعية رعاية المساجين وأسرهم في حلب، قال: "نقدِّم المواد إلى السجناء بسعر التكلفة، وعندما تُنجز الأعمال تنعكس هذه الخدمات على السجن وعلى أسر المساجين، لأنَّ التمويل الحكومي ليس إلا نظرياً وغير محسوس بشكل كبير، وبالتالي نحن أردنا أن نقيم ورشات ومحال تساعد ما يقارب 270 سجيناً ممن يأخذون رواتب شهرية لقاء عملهم، بالإضافة إلى تقديم إعانات مادية لأسرهم تصل شهرياً إلى ما يقارب 8000 آلاف ل.س، وأحياناً نحصل على التمويل من خلال تبرعات الصناعيين والتجار، ومن خلال حفلات تقام لأبناء المساجين الموجودين في مركز خاص يعتني بهم، وعددهم 75 طفلاً".. مما لا شكَّ فيه، أنَّ العمل الأهلي في سورية يحتاج إلى الكثير الكثير. لاسيما أنَّ الدعم المادي هو الداعم الأساس لمتابعة العمل في قضايا تتَّسم بالحساسية، و- من أسف- أن يكون توجُّه وزارة الشؤون والعمل مقتصراً على مساعدة الجمعيات التي استطاعت أن تحصِّن نفسها مالياً, دون الجمعيات التي لاتزال حتى اليوم تبحث عن طرق للتمويل من أجل النهوض بالمجتمع وتقديم خدمات إنسانية.


عتاب حسن، (العمل التطوعي.. هل يتعارض الدعم المالي مع المبادئ؟) عن جريدة "بلدنا"