Translation

Exchange Rates

يونيو 14, 2022


דולר ארה"ב 3.446 0.17%
אירו 3.594 -0.13%
דינר ירדני 4.860 0.17%
ליש"ט 4.172 -0.51%
פרנק שוויצרי 3.466 0.12%
100 ין יפני 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

أنوثة مهدورة على قنوات الرقص الفضائية

هيئة التحرير, 16/6/2010

أنوثة مهدورة على قنوات الرقص الفضائية
جواد ديوب
2010-06-11
تستفزني مشاهدة (قنوات الرقص الفضائية) والتي لا يشغلها أبداً الارتقاء لتكون قنوات اختصاصية في الرقص المعبّر أو لتتشبه بمدارس عربية عريقة في فن تصميم الدبكة كمدارس الرحابنة وكركلا، ولتستفيد مثلاً من مدارس الرقص المعاصر ومن برامج رقص هي الأولى من نوعها وتميزها في العالم مثل برنامج الرقص البريطاني الأشهر والأكثر جماهيرية من بين مثيلاته "strictly come dancing" أي "تعال لنرقص بدقة". فأنا من المستمتعين بفن الرقص الذي يرتقي بالجسد، يتوغل في أعماقه، يحرره ويطلق معانيه الغامضة ويضفي عليه لمسة السحر الشعرية. لكن ما أشاهده من حال أولئك النسوة في (الفضائيات الراقصة) تلك، هي حالة الضياع بين حالتين كلتاهما أسوأ من الأخرى. الضياع في حالة سأدعوها "حالة وسيطة"، فلا هي حالةٌ شعريةٌ،كان يتغنى بها الشعراء والأدباء ويركض خلفها الناس العاديين على حد سواء، باعتبار المرأة طاقة ملهمة تنضح بأنوثة تحرر طاقات الكائن/ الرجل، وليست هي حالة النساء البسيطات الأقرب إلى الجمال الطبيعي الذي لم تمسّه "حداثة" الفيديو كليب والموضة والتلفزيون عموماً، هي إذاً حالة تعميم الأنوثة/المرأة باعتبارها سلعة للمتعة، غرضاً جنسياً بدون قيمة إنسانية وبالتالي بلا أية قيمة جمالية. وحتى عندما انتفضت "الحركات النسوية" والنساء للدفاع عن ذواتهن المهددة في عالم "ذكوري ظالم"، حصدن الخسارة مرتين: مرةً حين اندفعن بقوة نحو "مساواة" مع الرجل في أقسى صورها، ومرةً حين اندفعن بالاتجاه المعاكس أو لنقل إلى "الوراء" نحو خدورهن معتقدات- وربما في اعتقادهن شيء من الأحقية ومن الصواب- أن الرجوع إلى تقاليد أمهاتهن وجداتهن هو الذي يحميهن من شرك الرجل ويدعّم موقفهن الآمن تجاه الحياة الشائكة، ولكنهن أوغلن في هذا التقليد النسوي إلى درجة السخف والتبسيط الساذج لمعنى أنوثتهن الحقيقي. بالتأكيد ليس المقصود ب "تحقيق المرأة لذاتها" هو تلك "المساواة" مع الرجل، التي تحولت إلى أغبى أشكال المساواة، بحسب القولِ الصائبِ للشاعر أنسي الحاج (1 جريدة الأخبار اللبنانية السبت 9 كانون الثاني 2010): المطالبة بالمساواة مع الرجل في "أبشع استرخاءاته، حيث يُلقى بالهاجسِ الجمالي جانياً، ويمسي الاسترجال مرادفاً للتحرر."، وليس المقصود بالتحرر تلك الحالة الاحتقارية من الذل والمهانة التي تضع المرأة نفسها فيها كما في البرنامج التلفزيوني "العروس المثالية" الذي ذكرته الشاعرة جمانة حداد (2 جريدة النهار الاثنين 11 كانون الثاني 2010 /العدد 23926 ) باعتباره "سيركاً استعراضياً، مضحكاً، مبكياً، ومؤلماً في الحالتين" حيث تتحول الصبايا إلى معروضات تقيَّم حسب درجة شطارتهن أمام الحموات وقد تمتد لتختبر درجة كفاءتهن الأنثوية! فحين تصرخ الشاعرة جمانة حداد بالسؤال الغاضب النابع بالتأكيد من "تعاطف إنساني مبدئي" مع أنوثة مهدورة على مذابح الشرف فتقول: "كيف ترضى أولئك الصبايا بهذا الذل( طبعاً ذل القبول بعرض أنفسهن على الشاشات)... مهما تكن ظروفهن؟"، ربما تكون قد نسيت، تحت ضغط الغضب حين يشاهد هذا الاستعراض الفاحش الذي يعمي العقل والروح، ربما نسيت أن الدافع الحقيقي وراء "ارتكاب" أولئك النساء/الصبايا تلك الخطايا، هو العقلية التي شوهتهن بدايةً وقتلت في أرواحهن أي نازع نحو الفهم والوعي وإدراك ذواتهن الفردية، بل هي نفس العقلية التي ربتهنّ على أن يكنّ منصاعات، يائسات، لا يملكن سوى إرضاء الرجل قبل حتى مجرد التفكير بأنفسهن، بما يجعل من تلك الحركة الطائشة واللا إنسانية في اندفاعاتها النزقة، مهرَباً حقيقياً، قصديّاً وواعياً نحو إثبات قيمة فرديتهن،حتى لو امتهنّ أجسادهن علانيةً. الخطر الحقيقي هو: ذاك الاستعراض الفاحش المعمم بقوة بعض القنوات الفضائية والمنطلق من تلك العقلية، في كثير من البرامج التلفزيونية والفيديو كليب، بل وفي فضائيات كاملة بحد ذاتها تبث على مدار الوقت، هذا التعميم الملحّ والمستمر بقوة المال وسلطان المال، لهذه "الحالة الوسيطة" التي ذكرتها بما يجعل منها للأسف هي الحالة التي ترغب وتتوق إليها الكثيرات كردة فعل على "عالم ذكوري ظالم". ما أقوله ليس تبريراً ودفاعاً عن أولئك الصبايا، ولكنه انتقادٌ ضد صانعي إعلام يصرّ على تعميم المهانة للطرفين من نساء ورجال، وضد إعلام أدخل "الكازينوهات" إلى كل البيوت وفي كل الأوقات. فالرجل أيضاً بدأ يتحول إلى كائن مقتنع أكثر فأكثر بأن كل امرأة/ فتاة يراها، هي بشكل أو بآخر "معروضة" أو حالة استعراضية ليتفرّج وينتقي ما لذّ وطاب له بدون أن يكون للمرأة أي حق أو حرية في الاعتراض أو حتى التعبير عن استيائها من هذه الجلافة وهذا النمط من التفكير. في أفلام أيام زمان تعود الجمهور على مشاهدة الراقصات بثياب مصممة خصيصاً للرقص منها ما كان من تصميم كبار مصممي ومصممات أزياء الفيلم أو المسرحية أنفسهم، ولكن اليوم وعلى قنوات الرقص الفضائية تلك، المتاحة للكبار والصغار وكل الأجيال دون استثناء، يصبح المخيف أكثر هو أننا بتنا نشاهد مجموعات كبيرة من الصبايا يرقصن ويستعرضن حركات الغمز واللمز بلباسهن اليومي والعادي. هذه الطريقة المفتعلة والذكية إلى حد الخبث – أي الرقص باللباس اليوميّ والعادي- أدت لاقتناع الكثير من الرجال، بل والكثير من النساء للأسف، أن كل صبية تلبس بنطال جينز ولها تسريحة شعر طويلة هي إحدى بنات تلك القنوات أو أنها تتشبه بهن، بل دفعت أحدهم وإحداهن للتعليق باستهزاء على إحدى الصبايا المارات في بجوار محل ألبسة - وهذا ما سمعته شخصياً أكثر من مرة- بجملة من قبيل: "ليك ليك طالعة متل الصبايا اللي بيرقصوا بقناة كذا" أو جملة كالتي قالتها إحدى الفتيات الصغيرات لأمّها التي تريد منعها من لبس بنطال جينز: "ماما شو فيها، ليكي الآنسة بالمدرسة بتلبس متل اللي عم يرقصوا بالتلفزيون، بس والله كتير مليحة." في تلك التعليقات العجب الأكبر، إذ تتحول "بعض" النساء لشاتماتٍ ولاعناتٍ لبنات جنسهن رغم كل الظلم المشترك بينهن وكل تلك المهانة التي لم تترك لهن متنفس لا في بيوتهن ولا في حياتهن، آخذين بالثأر ممن يعانين معهن نفس القهر، وكأنها ردة فعل الناجي من الموت فلا يهتمّ سوى لنفسه، معتقداً أن السراب ماء يجب القتال لأجله.


جواد ديوب، (أنوثة مهدورة على قنوات الرقص الفضائية) Javados2004@yahoo.comهذا الإميل محمي من السرقة عبر برامج السبام، تحتاج إلى دعم جافا سكريبت لتستطيع رؤيته خاص: مرصد نساء سورية