Translation

Exchange Rates

يونيو 14, 2022


דולר ארה"ב 3.446 0.17%
אירו 3.594 -0.13%
דינר ירדני 4.860 0.17%
ליש"ט 4.172 -0.51%
פרנק שוויצרי 3.466 0.12%
100 ין יפני 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

الحضارة الأوروبية فاسدة ولا تصلح لقيادة العالم

هيئة التحرير, 14/4/2011

منذ أربعة إلى خمسة قرون لم تكن هناك أوروبا التي نعرفها اليوم ، لم تكن هناك دول قومية ولا نهضة علمية ولا حضارة ، بل كانت أوروبا عبارة عن مجموعة من الأمراء والإقطاعيات ، غارقة في الصراع والحرب والقتال ثم حدثت عملية نهضة بدأت في أكثر من بلد وامتدت لتشمل أوروبا ثم أمريكا وهو ما يسمى بعصر النهضة ، وهو ذلك العصر الذي تم فيه بعث الثقافة والتراث والقيم الإغريقية القديمة والتراث السياسي اليوناني والروماني ، وشيئـًا فشيئـًا سادت الثقافة الإغريقية كل شيء في أوروبا واختلطت بالثقافة السكسونية والجرمانية وشكلت ما يسمى بالحضارة الأوروبية ، وهي حضارة تعكس القيم الثقافية والسياسية التي تقوم على الوثنية وإن كانت قد حملت قشرة مسيحية خارجية إلا أن جوهرها وثني . ومع الكشوف الجغرافية التي بدأت في بلاط الملوك وخاصة الأسبان والبرتغاليين ومع اكتشاف الأمريكتين ، بدأ عصر الاستعمار ونهب تراث الشعوب الأخرى واسترقاق أهلها بلا رحمة ولا هوادة ، واستخدمت أوروبا تلك الثروات المنهوبة والأيدي العاملة التي جلبتها كرقيق في دفع عملية اقتصادية هائلة تمخضت عن ظهور الرأسمالية ثم الثورة الصناعية ، وذلك لتستخدم هذه الآلية الجديدة السياسية والعلمية " الرأسمالية والثورة الصناعية " في المزيد من النهب والاسترقاق ، وكانت المحصلة النهائية هي الرخاء والرفاهية المادية لجزء من العالم " عدد من الدول الأوروبية " على حساب 80 % من سكان العالم " عالم الجنوب عمومًا " ، وحتى سكان الشمال لم يحظوا جميعًا بالرفاهية بل قطاع صغير منهم على حساب الأغلبية . إذن فالسمة الثانية بعد الوثنية التي تميز الحضارة الغربية هي سمة النهب ، وبالطبع هذا النهب صاحبه القهر والعنف للشعوب المغلوبة على أمرها وصاحب ذلك بالضرورة محاولات فلسفية وفكرية كالحديث عن رسالة الرجل الأبيض وتفوقه وتميزه لتبرير خضوع الشعوب الأخرى لهذا الرجل وتبرير استرقاق العبيد وخاصة السود ومنها نشأت التفرقة العنصرية التي ما تزال موجودة حتى الآن في كل أوروبا وأمريكا من خلال الممارسات غير الرسمية ، وصاحب الرأسمالية بالطبع عملية البحث عن الربح بأي ثمن والتطاحن فيما بين الرأسماليين لتحقيق أقصى ربح ممكن ، وهكذا أخذت الحضارة الغربية سمتي المنفعة اللاأخلاقية والتطاحن . وهكذا فإن السمات العامة للحضارة الغربية هي الوثنية ، المنفعة اللاأخلاقية ، القهر ، العنف ، النهب ، التطاحن ، العنصرية . والحضارة الغربية ، أو الحضارة الأوروبية ، تضم بالطبع أوروبا وأمريكا على اعتبار أن أمريكا جزء لا يتجزأ من السياق الحضاري الأوروبي ، بل هي أسوأ أجزائها وأبشع تطوراتها وذلك أنها نشأت أساسًا على يد حثالة الأوروبيين من المهاجرين والمغامرين والأفاكين ، أي أن أمريكا تحمل السمات الأساسية للحضارة الغربية وهي: النهب ، الوثنية ، العنف ، العنصرية ، المنفعة اللا أخلاقية ، بل وفي أسوأ صورها وممارستها وانتماء أمريكا للحضارة الغربية أمر لا يختلف عليه اثنان بحكم الأصل والممارسة وريتشارد نيكسون يقول في هذا الصدد: " وطن مشترك عبر المحيط الأطلنطي " .. ويضيف: " علينا أن نبني وطنا مشترك عبر الأطلنطي من كاليفورنيا حتى كمشاتة " . وإذا ما نظرنا إلى الإفرازات الفلسفية والسياسية والاجتماعية نجد أن الحضارة الأوربية قد أفرزت الرأسمالية ، الشيوعية ، الاشتراكية ، الديموقراطية ، النازية ، الفاشية ، الصهيونية ، وهي إفرازات كلها بشعة لأن الرحم الذي خرجت منه رحم قذر وبلا ضمير ، فالرأسمالية مثلاً مسئولة عن جزء كبير من النهب والقهر الذي عًانت منه معظم شعوب العالم ، والشيوعية مثلاً ارتكبت المذابح في البلاد التي سيطرت عليها وارتكبت جرائم الغزو بحق الآخرين مثل غزو أفغانستان ، المجر ، تشيكوسلوفاكيا ، والفاشية والنازية تسببتا في حروب طاحنة راح ضحيتها عشرات الملايين من البشر ، أما الاشتراكية الديمقراطية فهي المسئولة عن العدوان الثلاثي على مصر مثلاً سنة 1956 حيث كان يحكم البلاد المعتدية أحزاب اشتراكية: حزب العمال البريطاني ، الحزب الاشتراكي الفرنسي ، وحزب العمل الإسرائيلي ، والجزائر مثلاً لم تعان في فترات احتلالها أكبر وأفظع الممارسات إلا عندما كان الحزب الاشتراكي يحكم فرنسا ، وإسرائيل مثلاً تتلقى أكبر الدعم من الحكومات الديموقراطية الاشتراكية في أوروبا ، أما الصهيونية فجريمتها في فلسطين معروفة . وهكذا فإن كل ما أفرزته الحضارة الغربية كان وبالا على البشرية مما يدل على أنها حضارة فاسدة في أساسها ، بل إن إفرازات الحضارة الغربية لم تتورع عن إلحاق الأذى بأبناء الحضارة الغربية الرأسمالية أنفسهم في الحرب العالمية الأولى مثلاً والفاشية والنازية في الحرب العالمية الثانية التي مات فيها 62 مليونــًا من البشر . والسجل الأسود للحضارة الغربية يضم إبادة 100 مليون من الهنود الحمر ومثلهم من الأفارقة الذين ماتوا من جراء القتل أو الحرق أو إرهاق العمل والاسترقاق أو من جراء المعاملة السيئة في المراكب التي كانت تنقل الرقيق من أفريقيا إلى أوروبا وأمريكا ، وفي الجزائر مثلاً قام الاستعمار الفرنسي بقتل وتهجير مليونين من السكان " كانت الجزائر وقتها 4 ملايين .. أي أنهم قتلوا نصف السكان في عملية الاحتلال ثم راحوا يقتلون مئات الألوف كل عدة سنوات مع كل انتفاضة " . ولنستمع إلى شهادة الرئيس الجزائري الأسبق في هذا الصدد ، يقول بن بيلا: " إن الصورة ما بين قتل الهنود الحمر وإبادة الزنوج والعرب إلى جرائم هتلر وموسوليني وستالين مرورا على كرومر ونابليون واللنبي وبيجو إلى يومنا هذا ، هناك خيط وأحد متسلسل بمنطق وأحد ، حلقة مغلقة ، ثم القنابل الذرية والحروب العالمية التي انتهت باستخدام القنبلة الذرية ضد اليابان ، والتي بلغ عدد القتلى في تلك الحروب 62 مليونــًا من البشر ، ثم أفران الغاز وجرائم ستالين المروعة وصولاً إلى ما فعلوه في بيروت وفلسطين . أنها الحضارة الغربية ، حضارة القتل والذبح والتدمير والحروب والقنابل الذرية والإبادة والجوع وإبادة الغابات وإفساد البيئة " . ويضيف بن بيلا: " تمخضت تلك الحضارة عن إبادة أجناس كاملة مثل الهنود الحمر ، وعن استرقاق الزنوج ، وعن ظهور طفل خبيث هو الاستعمار الذي هيمن ولم تقف حدود هيمنته إلا عند آخر حدود الأرض وما تزال هذه الهيمنة قائمة ومستمرة إلى يومنا هذا وإن كانت الأساليب قد تبدلت وتغيرت وتمخضت تلك الحضارة المريضة عن حروب داخلية وقمع بشعين ، وعن حروب عالمية 1914 ، 1939 وذهب في الأخيرة وحدها ستون مليونــًا من البشر ، وأدت تلك الحضارة إلى ظهور نماذج مثل هتلر وستالين وموسوليني وأدت إلى إعدام الزراعة في كثير من بلدان العالم ، خصوصًا النامية وأدت إلى المجاعة التي يموت بسببها خمسون مليونــًا من البشر سنويـًا من ضمنهم خمسة عشر مليون طفل ، ومأساة الجوع هذه تتضخم بسرعة هائلة بسبب القضاء على الزراعة ، وقد بقيت الولايات المتحدة وحدها القادرة على تصدير الغذاء ، وهذه لن تبيع الغذاء لك إلا إذا كنت شخصًا مرضيـًا عنه ، وهناك 17 مليون هكتار يتم القضاء عليها سنويـًا وهي عنصر التوازن البيئي الأول ، 40 % من الغابة الاستوائية انتهى ، وفي ألمانيا ذاتها ، الغابة السوداء الشهيرة ستنتهي خلال عشر سنوات ، كما انتهت بالفعل غابات أخرى في ألمانيا وسويسرا وغيرها ، وهناك زحف الصحراء ، وهناك مأساة التلوث البيئي التي تتكشف أخطارها كل يوم ، هناك 41 دولة مفلسة لا تستطيع حتى أن تدفع فوائد ديونها وهي شعوب تعيش شبه متسولة أشبه ما تكون بوضع البعير في الماء بالكاد يبقى رأسها فوق الماء لتتنفس ولا تموت بسرعة ، وهذا الوضع ليس مرشحًا للنقصان بل العكس ، البنك الدولي نفسه يقول إن الـ 41 دولة يمكن أن تصبح مائة دولة ، إن ثلاثة أرباع البشرية اليوم لا يعيش بينما الربع يحظى بكل شيء ، ويستهلك كيفما يشاء . والأخطر أن هذه النسبة تزداد تضخما فتصبح 3/ 4 ، 4/ 5 ، 5 / 6 وهكذا ، وهناك الاغتراب بسبب تقسيم مجحف وغير طبيعي للعمل إلى أجزاء صغيرة ، إن فرنسا مثلاً فيها تسعة ملايين كلب ، 8 ملايين قطة تستهلك 4 مليارات دولار في حين أن ميزانية بعض الدول مثلاً 400 مليون دولار أي أن كلاب وقطط فرنسا تأكل عشر مرات أكثر مما يأكل شعب بكامله، إن النظام الذي تمخض عن هذه الحضارات ينظم الأزمات متعمدًا ويخلقها ويوزعها على الدول الفقيرة والمتخلفة ، وهي حلقات مترابطة من إفلاس الدول إلى المجاعة إلى أزمة البيئة ، إلى التصحر ، أنها أزمة حضارة كاملة . إن الذين يقدمون لنا أمريكا اليوم كقائدة للنظام العالم ي الجديد ، ويبشرون بقيمة الحرية على أنها قيمة أمريكية كبرى ، هؤلاء ينسون أن تلك الحرية المزعومة قد قامت على ذبح الهنود الحمر ، واسترقاق السود ، وإنه باسم تلك الحرية تم دعم إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني ، وأن أمريكا هذه التي يروجون لها ويطلبون منا أن نقبل بقيادتها غزت الكثير من الشعوب ، وأسقطت طائرات مدنية ، وتمارس ازدواجًا مروعًا في المعايير فيما يخص العرب والمسلمين . وهؤلاء الذين يتحدثون عن قيم الحرية والإخاء والمساواة التي فجرتها الثورة الفرنسية يتناسون أن أبناء تلك الثورة الفرنسية هم الذين ذبحوا الشعب الجزائري ونهبوا ثرواته ، بل وهؤلاء أنفسهم دعاة الحرية والإخاء والمساواة رفضوا إعطاء الجنسية الفرنسية للجزائريين عندما ضموا الجزائر لفرنسا ، أي أنهم رفضوا تطبيق مبدأ المساواة المزعوم . وفي الحقيقة فإن الذين يتحدثون عن الحضارة الغربية باعتبارها حضارة تقدمية أو صالحة يقعون في الخطأ ، ذلك أنهم ينظرون إلى المسألة في شقها الأوروبي أي بالنظر إلى التاريخ الأوروبي وحده ، وكأن أوروبا هي كل العالم ، أي يذكرون أوروبا وينسون باقي العالم ، ولو كانوا منهجيين لدرسوا الحضارة الأوروبية بمنظور ومن خلال ممارستها في العالم كله .. ولو فعلوا ذلك لاكتشفوا أنها أبادت شعوبا واسترقت أخرى ونهبت الجميع ومارست التفرقة العنصرية وزعمت سيادة البيض على غيرهم .. ولو وضعوا هذه الأمور في معًاييرهم لكانت الحضارة الغربية حضارة همجية ومتوحشة ورجعية . وحتى في شقها الأوروبي أو بالنظر إلى التاريخ الأوروبي ، فإن تلك الحضارة تمخضت عن الفاشية والشيوعية والنازية وفجرت حربين راح ضحيتهما عشرات الملايين من البشر من أهل أوروبا أساسًا ، إذن فهي حضارة الصراع حتى مع بعضها البعض ، وكذلك فإنها أفسدت البيئة وأخلت بالتوازن البيولوجي في الكون ، وتسببت في الإيدز والمخدرات ، وفي أسلحة الدمار الشامل ، أي أنها خطر على الآخرين .. خطر على نفسها .. خطر على الأرض كلها ومستقبل الحياة البشرية فيها ، فكيف تكون هذه حضارة مرشحة لقيادة العالم