Translation

Exchange Rates

يونيو 14, 2022


דולר ארה"ב 3.446 0.17%
אירו 3.594 -0.13%
דינר ירדני 4.860 0.17%
ליש"ט 4.172 -0.51%
פרנק שוויצרי 3.466 0.12%
100 ין יפני 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

كوارث الفريق الاقتصادي المقال شعبيا

هيئة التحرير, 21/5/2011

تسويق الأداء الاقتصادي للحكومة ( قرار رفع أسعار المشتقات النفطية) كوارث الفريق الاقتصادي المقا ل شعبيا عبد الرحمن تيشوري تمهيد: من أهم وظائف الحكومات على الصعيد الداخلي مهما اختلف النظام السياسي الذي تتبعه, هي الوظيفة الاقتصادية والاجتماعية, وحتى تنجح الحكومة في وظيفتها الاقتصادية على وجه الخصوص لا يكفي أن يتم اتخاذ القرارات الصحيحة واختيار التوقيت المناسب, فهما شرطان لازمان لكن غير كافيان, خاصة في عالم اليوم المعولم والمنفتح إعلامياً, لقد أصبح لزاماً على الحكومات أن تعتمد آليات مدروسة لتسويق قراراتها لدى الفئة المستهدفة حتى تنجح تلك القرارات وتتقلص حدود الرفض والممانعة إلى أدنى حد, وعلى الأخص القرارات التي توصف بغير الشعبية ومنها قرار رفع أسعار المشتقات النفطية أو بتعبير صريح قرار رفع الدعم, فالتسويق الناجح لأي سياسة أو قرار حكومي هو أمر بالغ الأهمية والتعقيد وخصوصاً في البلدان التي تمتاز بتخلفها المركب و المزمن. من المعروف أن ما يسمّى بالدعم موجود في كل دول العالم وتمارسه كل الحكومات بشكل أو بآخر, فقد يتم دعم سلعة استهلاكية ما أو خدمة ما, أو قد يتم دعم إحدى القطاعات الاقتصادية أو الاجتماعية أو إحدى السلع الاستراتيجية التي تؤمن قطعاً أجنبياً. في جميع الحالات هناك فئة مستهدفة في هذا الدعم و هناك غاية له, لذا يتوجب على الحكومة عندما ترى أن هذا الدعم يصل إلى غير مستحقيه أو يبتعد عن غايته, أن تقوم بإعادة توزيعه بما يضمن إصلاح الخلل ووصوله إلى الفئة المستهدفة فقط قدر الإمكان, ومن هذا المنطلق فلا بد من إعادة النظر بالدعم الذي تقوم به الحكومة السورية على المشتقات النفطية من خلال رفع أسعارها, لأن القسم الأكبر منه يذهب إلى غير مستحقيه داخل القطر وخارجه, لكن يجب اتخاذ القرار بطريقة صحيحة بعد التسويق الجيد له. طريقة اتخاذ القرار: تختلف وجهات النظر حول الطريقة التي يجب اتباعها في اتخاذ القرار, حيث يرى البعض أن التمهيد لهذا القرار لفترة طويلة سيؤثر سلباً على أسعار العديد من المواد, فكل تصريح أو تلميح من إحدى الجهات الرسمية عن رفع أسعار المازوت سيؤدي إلى ارتفاع في أسعار بعض المواد, كما أن التمهيد لهكذا قرار سيسمح للبعض بشراء وتخزين كميات كبيرة منه, ويعبر هذا الفريق عن وجهة نظره بالقول "لا يجب على الحكومة أن تكون شفافة في كل الأمور وخاصة في مثل هكذا قرارات", لكن من جهة أخرى هناك وجهة نظر تقول يجب على الحكومة أن تمهد لهكذا قرار حتى تتحسس ردود فعل الشارع, حيث أنه لا يمكن تصور الصدمة التي يحدثها هكذا قرار على المواطنين العاديين إن لم يتم التمهيد له حتى يستعدوا له نفسياً بالحد الأدنى. لكن يمكن القول بشكل عام إن التمهيد لهكذا قرار ضروري في حال كان رفع أسعار المشتقات سيتم بنسبة كبيرة تتعدى 100% بشرط أن لا يتم ذكر أو الإشارة إلى النسبة التي سيتم رفع الأسعار وفقها, بالرغم من أن الفترة التمهيدية سيكون لها آثار سلبية مؤكدة من ناحية ارتفاع أسعار بعض المواد أو استغلال البعض لهذه الفترة والإثراء على حساب البعض الآخر, إلا أن الآثار النفسية التي يحدثها أي قرار من هذا النوع إن لم يتم التمهيد له تكون أشد وطأة من الآثار المادية الحسية بالنسبة للمواطنين, بشرط أن لا تكون الفترة التمهيدية طويلة حتى لا تحول الاستعداد النفسي للمواطنين إلى ضغط وتوتر بانتظار صدور القرار. مع العلم أن التمهيد لهكذا قرار قد يتم من خلال التصريح العلني أو التلميح الضمني, أو قد يتم من خلال إجراءات تمهيدية تقوم بها الحكومة على الأرض لتلافي الآثار السلبية المتوقعة نتيجة القرار, حيث تكون تلك الإجراءات بمثابة مؤشر أو دالة على حصول ارتفاع في أسعار المشتقات النفطية في القريب العاجل. أما إذا كانت نسبة رفع أسعار المشتقات غير كبيرة فيمكن أن يتم اتخاذ القرار من دون تمهيد ومن دون شفافية لكن بالتوقيت المناسب, وفي هذا النوع يمكن رفع الأسعار بالتدريج على فترات حتى الوصول إلى السعر المستهدف. الآثار المترتبة على صدور القرار: إن دراسة وتحديد الآثار السلبية المترتبة على صدور أي قرار اقتصادي للعمل على تلافيها قبل اتخاذ القرار, يعتبر من أهم الأمور المساعدة على تسويق هذا القرار, فبخصوص قرار رفع أسعار المشتقات النفطية, من المؤكد أن هذا القرار سوف يطال بآثاره السلبية مختلف شرائح المواطنين, حيث أن المشتقات النفطية تدخل في جميع المشاريع تقريباً, وبالتالي فإن رفع سعرها سوف يؤدي إلى: 1. ازدياد أجور النقل بشكل كبير, للمواطنين وللمواد الأخرى المنقولة, والتي تؤثر بدورها على جميع تكاليف المعيشة من تعليم وصحة وغيرهما. 2. ارتفاع أسعار جميع المواد الغذائية كونها بشكل أو بآخر تعتمد في مرحلة أو أكثر من مراحل إنتاجها ونقلها على المازوت. 3. ارتفاع كبير في أسعار مواد البناء التي تعتمد في إنتاجها و نقلها على المازوت بشكل رئيسي, مما يزيد من أزمة السكن الموجودة أصلاً. 4. عدم قدرة العديد من الأسر على دفع تكاليف التدفئة. إن الآثار السلبية على المواطنين المترتبة على هكذا قرار تتعدى النقاط السابقة, لكن يمكن اعتبار ما تمت الإشارة له هو أبرزها وأكثرها إيلاماً للمواطنين. آلية تسويق القرار الحكومي بنجاح: حتى تستطيع الحكومة تسويق قرارها لدى شريحة المواطنين العاديين وجعلهم يتقبلونه, عليها أن تثبت بالأدلة الحسية والإجراءات الملموسة, من خلال تقديم برنامج متكامل للإصلاح من حيث الأهداف والأساليب والمدد الزمنية, أن هذا القرار ليس ارتجالياً أو اعتباطياً وإنما قد تمت دراسته بعناية واهتمام, كما قد تم تحديد كافة الآثار السلبية المترتبة عليه مع وضع السيناريوهات اللازمة لمعالجة هذه الآثار موضع التنفيذ قبل اتخاذ القرار, فالتصدي لقرار بحجم وأهمية تصحيح الدعم أو بتعبير أصح رفع الدعم عن حوامل الطاقة يحتاج لاتخاذ الاستعدادات المناسبة والكافية لتحضير الأرضية المناسبة له وربما إنشاء برنامج خاص يسمح بالتصدي لحزمة المشاكل الناجمة عنه, حيث أنه من أهم محددات نجاح الأداء الاقتصادي للحكومة هو التسويق الجيد لقراراتها قبل اتخاذها, وفيما يخص قرار رفع أسعار المشتقات النفطية يمكن للحكومة أن تعتمد المراحل التالية للنجاح في تسويق قرارها لدى المواطنين: 1) مرحلة إعلامية: تقوم الحكومة في هذه المرحلة بالاستعانة بوسائل الإعلام والإعلاميين ذوي الثقة, من أجل شرح الوضع المالي للحكومة والتكلفة الباهظة للدعم الذي تقوم به الحكومة مع ارتفاع أسعار النفط عالمياً وانخفاض الإنتاج المحلي, والهدر والاستهلاك غير العقلاني من المشقات النفطية نظراً لانخفاض أسعارها محلياً وما يرافق ذلك من تهريب لهذه المواد إلى دول الجوار والتكلفة الكبيرة التي تتكبدها الحكومة لمنع التهريب وملاحقة المهربين واكتشاف الأساليب الجديدة والمتجددة التي يتبعونها, كما تجب الإشارة خلال هذه المرحلة الإعلامية إلى أن المستفيد الأكبر من هذا الدعم في الداخل والخارج هم من غير مستحقيه, حيث يستفيد من هذا الدعم كل من يعيش على أراضي الجمهورية العربية السورية من سوريين وغيرهم, كما أن الأغنياء يستفيدون من هذه الدعم أكثر مما يستفيد محدودي الدخل بأضعاف مضاعفة, ولا بد من البحث عن طريقة أكثر عدالة لإيصال الدعم إلى مستحقيه الفعليين, والطلب إلى جميع المواطنين إبداء آرائهم ومقترحاتهم حول الطريقة المثلى لإيصال الدعم إليهم من دون أن يشاركهم فيه من لا يستحقه. يجب أن تكون اللغة الإعلامية والوسيلة المستخدمة بسيطة وقادرة على الوصول إلى جميع المواطنين بمختلف مستوياتهم الثقافية والاجتماعية بشكل يمكن فهمها, كما يمكن الاستعانة بالوجوه الفنية البارزة المحبوبة لدى المواطنين في هذه المرحلة الإعلامية من خلال برامج بسيطة وممتعة يقدمها فنانون محبوبون ويتمتعون بجماهيرية عالية لدى كافة فئات وشرائح المجتمع, لأن كلمة الفنان قد تكون أسرع في الوصول إلى هدفها وأكبر تأثيراً من كلمة الإعلام. مع ضرورة التأكيد في هذه المرحلة على عدم ذكر أي نية لدى الحكومة لرفع أسعار المشتقات النفطية أو ترويج لأي آلية قد تتبعها الحكومة لإعادة توزيع الدعم, كما يجب على الحكومة التنسيق فيما بينها وخاصة بالنسبة للتصريحات الإعلامية التي تتضمن أرقاماً حتى لا تتناقض مع بعضها البعض, وعدم إعطاء أي معلومة خاطئة حتى لا تفقد مصداقيتها لدى المواطنين, كما يجب أن يبقى الإعلام رديفاً للمراحل اللاحقة. 2) مرحلة إدارية وقانونية (إصلاحية): يجب على الحكومة في هذه المرحلة, التي يمكن أن تكون متزامنة مع المرحلة الأولى, أن تبدأ بإصلاحات ملموسة من خلال مكافحة الفساد بكافة أشكاله من رشوة ومحسوبية وتهرب ضريبي وتهريب وتمييز في تطبيق القانون وغير ذلك من أشكال الفساد المتنوعة, وخاصة داخل الجسم القضائي, على أن يشعر المواطن بهذا الإصلاحات ويلمس لدى الحكومة عزماً صادقاً على الإصلاح بما ينعكس عليه إيجاباً, فيتولد لديه شعور بأن كل ما تقوم به الحكومة من إجراءات يهدف إلى تحسين مستوى معيشته, ويولّد هذا الشعور لديه استعداد للتعاون مع الحكومة حتى تنجح بما تقوم به من إصلاحات, ويصبح أكثر تقبلاً لقراراتها وتفهماً لها حتى لو أثرت سلباً على إحدى نواحي حياته المعيشية في مكان ما, لأن الحكومة سوف تكسب من خلال هذه الإصلاحات رصيداً إيجابياً لدى المواطنين يساعدها في اتخاذ القرارات الصعبة غير الشعبية. ويمكن أن يلعب الإعلام دوراً إيجابياً في هذه المرحلة من خلال تسليط الضوء على الإصلاحات وشرح أهدافها. 3) مرحلة إجرائية: تعتبر هذه المرحلة مهمة جداً, يجب على الحكومة فيها أن تنشئ بنية أو شبكة ماصة للآثار السلبية المتوقعة نتيجة رفع أسعار المشتقات النفطية, يمكن أن نسمي هذه الشبكة شبكة الحماية الاجتماعية, حيث يفترض بالحكومة أن تكون قد أعدت دراسة شاملة لكافة الآثار الناجمة عن رفع أسعار المشتقات النفطية على المواطنين والسبل الكفيلة بمعالجتها, وأهم ما يجب أن تحويه شبكة الحماية الاجتماعية تلك: • تأمين وسائل نقل عامة لائقة وحضارية في كافة المحافظات تعمل داخل المحافظات وفيما بينها بتسعيرة معقولة لا تتغير عند اتخاذ القرار (قرار رفع أسعار المشتقات النفطية), وفي حال صعوبة تحقيق ذلك في الوقت المناسب, يجب على الحكومة أن تعفي أصحاب وسائل النقل من الضريبة المفروضة عليهم (أو جزء منها) من تاريخ اتخاذ القرار حتى تأمين وسائل النقل المناسبة, مقابل عدم رفع تسعيرة النقل بأكثر مما يحتمله المواطن. • إحداث صندوق المعونة الاجتماعية لدعم الأسر الفقيرة وتقديم إعانات البطالة وإعانات ومساعدات لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة. • عدم تخلي الدولة عن دورها في دعم الصحة والتعليم, بل زيادة الاهتمام بهذين القطاعين الحيويين في هذا الوقت بالذات, وتأمين الضمان الصحي لجميع المواطنين. • تفعيل دور المؤسسات الاستهلاكية وصالات الخزن والتسويق التي سيكون لها أثر كبير عند اتخاذ القرار, من خلال التدخل الإيجابي في الأسواق, حتى لا يصبح المواطن تحت رحمة السوق وجشع التجار. إضافة إلى مساعدة جمعيات حماية المستهلك ووضع قانون حماية المستهلك موضع التنفيذ الفعلي والمتابعة. • دعم قطاع الإسكان والجمعيات السكنية بشكل ملموس, من خلال توفير الأراضي اللازمة والمشاركة في تنفيذ بعض المشاريع السكنية الخاصة بمحدودي الدخل, كما يجب الاهتمام بمشاريع التنمية ودعم المشاريع العائلية الصغيرة. 4) مرحلة اتخاذ القرار وتوقيته: يفترض في هذه المرحلة أن تكون الحكومة على استعداد لإعلان القرار بعد الانتهاء من المراحل السابقة, وفي هذه المرحلة يتم تشكيل هيئة لإدارة الأزمات التي يمكن أن تنشأ جراء أمور غير متوقعة, ثم يتم اتخاذ القرار برفع أسعار المشتقات النفطية بالتزامن مع القرارات التالية: • إعلان زيادة على الرواتب والأجور, مدروسة مسبقاً, لتكون متناسبة مع الزيادة في أسعار المشتقات النفطية والمواد الأخرى المتعلقة بها, بما يضمن تضييق الفجوة بين الرواتب والأسعار, أو على الأقل عدم توسع تلك الفجوة نتيجة هذا القرار. • الإعلان عن توزيع قسائم لمادة المازوت خاصة بالتدفئة المنزلية بأسعار مدعومة وبكمية كافية للأسر عند عدم الإسراف أو الهدر, وتحديد الأماكن التي يمكن للأسر الحصول منها على القسائم, على أن تكون منتشرة في كافة المدن والأرياف والحارات بأعداد كافية لإنهاء التوزيع بسرعة ومنع الازدحام. • الإعلان عن استمرار تقديم المازوت بالأسعار المدعومة لكافة الأفران. من الأفضل أن يتم اتخاذ القرار مع اقتراب موسم الشتاء, ففي هذه الحالة يكون لقسائم المازوت أثرها الإيجابي المساعد على تقبل القرار, فمن تعطيه معطفاً في فصل الصيف لن يحصل على الشعور نفسه لو كان في بداية فصل الشتاء, كما أن حركة التنقل والسفر تخف نوعاً ما في فصل الشتاء, وبالتالي لن يشعر المواطن بوطأة ارتفاع أسعار النقل خاصة إذا تمت كما ذكرنا سابقاً, إضافة إلى ذلك فإن حركة البناء تقل في الشتاء عنها في الصيف, وهذا كله من الأمور المساعدة على تقبل المواطنين للقرار. كلمة أخيرة: يمكن القول في النهاية إن ثقة المواطن بالحكومة هي العامل الحاسم في نجاح تسويق وتقبّل قراراتها, خاصة تلك التي تمس الناحية المعيشية والاجتماعية له, وبالتحديد ما يسمى بالقرارات غير الشعبية مثل قرار رفع أسعار المشتقات النفطية, وبما أن هذه الثقة مفقودة في بلدنا, يتوجب على الحكومة بناء جسور الثقة بينها وبين مواطنيها أولاً حتى تستطيع تسويق قراراتها لديهم بسهولة.