Translation

Exchange Rates

يونيو 14, 2022


דולר ארה"ב 3.446 0.17%
אירו 3.594 -0.13%
דינר ירדני 4.860 0.17%
ליש"ט 4.172 -0.51%
פרנק שוויצרי 3.466 0.12%
100 ין יפני 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

ظاهرة الصعوبات التعلميّة وأثرها على الطلاب

هيئة التحرير, 28/4/2011

مقدمة:

ظاهرة الصعوبات التعلميّة كانت ومازالت محور حديث التربويين، على مختلف الأصعدة التربوية والتخصصات، في المؤسسات التربوية المختلفة؛ وقد باتت من القضايا العصرية التي يخصص لها الميزانيات والموارد البشرية والطاقات الفكرية لدى الدول الغربية. تميِّز هذه الظاهرة، الطلاب الذين يظهرون عاديين في العديد من المواقف الاجتماعية والحياتية الاستقلالية، ولكنهم يظهرون كالمعاقين تعليمياً؛ ومع الوقت يحظون بألقاب جارحة وغير عادلة، مقارنة باترابهم الذين قد يكون اداءهم العقلي أقل منهم، ومع ذلك يتقدمونهم في العديد من المجالات العلمية والحياتية. إنّ هؤلاء الأطفال الذين يعانون من الاعاقات المخبأة، يشعرون بعدم الثقة بالذات مما يؤخر أو يحبط تقدمهم بالشكل الطبيعي؛ وبالتالي يتعثرون في المضي قدماً نحو تحقيق الأهداف المتوقعة منهم كسائر رفاقهم من نفس العمر.

سأحاول في هذا المقال تسليط الضوء على هذه الظاهرة من الزوايا التربوية والنفسية، متناولاً تعريف المشكلة وطرق تمييزها والأسباب التي تعود اليها حسب النظريات التربوية والطبية والنفسية الحديثة. اضافة الى ذلك، سأتطرق الى أهم القضايا التي تشغل بال التربويين، والأهل وكذلك المشاعر المركبة والاحباطات لتي يمر بها الأطفال الذين يمرون بتلك الصعوبات. كما سيخصص جزء عملي لطرح الحلول والاقتراحات العلاجية التي تهم التربويين والأهل والأطفال أنفسهم على السواء.

وصف وتعريف لظاهرة الصعوبات التعلميّة:

العسر التعليمي، أو الاعاقات التعلميّة أو الصعوبات التعلميّة، كلها مرادفات مختلفة لنفس الاصطلاح العلمي المترجم عن اللغة الانجليزية (Learning Disabilities) حسب الاصطلاحات الأمريكية. ولكن لتوحيد الإصطلاحات المعربّة ولمنع البلبلة عند القاريء، سوف يتم التطرق الى المصطلح تحت العنوان "الصعوبات التعلميّة" وسوف يتم توضيح ماهية الاصطلاح بالتفصيل من خلال التعريف.

إنّ من أكثر التعريفات شيوعاً هو تعريف الجمعية الأمريكية الوطنية للصعوبات التعلميّة (The National Joint Committee on Learning Disabilities) وينص على أنّ الإعاقات التعلميّة، هو اصطلاح عام لمجموعة غير متجانسة من الاضطرابات الملحوظة في واحدة أو أكثر من العمليات العقلية الأساسية، المتضمنة في فهم اللغة، أو استخدامها سواء كانت شفهية أم كتابية. وهذه الاضطرابات تظهر على شكل عجز عن الاستماع، أو الكلام، أو القراءة، أو الكتابة، أو التهجئة، أو الحساب أو التفكير. هذه الاضطرابات تتضمن الحالات التي كان يطلق عليها اعاقات في الادراك، اصبات دماغية، العسر القرائي، الأفازيا التطورية ..الخ. ويفترض أن يكون الأساس في تلك الاضطرابات ذاتي في الفرد، ويعود الى سوء أداء الجهاز العصبي المركزي (CNS)، وقد يحدث خلال أي مرحلة من مراحل العمر. وتعتبر مشاكل الضبط الذاتي للسلوك العام، والادراك الاجتماعي، والتفاعل الاجتماعي، من الظواهر الشائعة المترافقة للصعوبات التعلميّة ولكنها لا يمكن أن تكون لوحدها السبب لتلك الاعاقات (National Joint Committee.., 1993).

وبالرغم من أنّ الصعوبات التعلميّة قد تترافق مع إعاقات عقلية أو جسدية، أو اضطرابات انفعالية-سلوكية، أو إعاقات أولية في الحواس كالسمع أو البصر، أو أسباب خارجية، مثل حرمان بيئي أو طرق تعليم فاشلة؛ الاّ أنها ليست نتيجة لتلك الاعاقات أو الظروف، بل هي اعاقة قائمة بحد ذاتها (Lerner, 1993; Levine and Reed, 1999).

بشكل عام، تبدو القدرات العقلية لهؤلاء الأطفال متوسطة، أو فوق المتوسط (لدى قسم منهم، أداء عقلي ما دون المتوسط أو حدودي). هؤلاء الأطفال يواجهون صعوبات مختلفة بأدائهم العقلي، وبقدراتهم الحركية، وبالملاءمة الحركية - الإدراكية. لدى العديد منهم اضطرابات مرافقة (على الأغلب، مشاكل سلوكية-انفعالية، نتيجة الفشل المستمر في التعلم؛ وأحيانا إحساس بالعجز، الذي يؤدي بدوره إلى تقييم ذاتي متدني وقلق مستمر).

تثبت الأبحاث والمعلومات التي أجريت ووثقت، فيما يتعلق بذوي الصعوبات التعلميّة، أن الإصابة قد تحدث أثناء فترة الحمل نتيجة للأمراض أو تعرض الحامل للأشعة أو تناول المواد السامة والعقاقير، أو أثناء الولادة نتيجة لولادة قيصيرة، أو عسر في الولادة أدى الى نقص الأكسجين؛ أو بعد الولادة نتيجة لحوادث أو أمراض قد تصيب الجهاز العصبي والدماغ للطفل نفسه. كما ويوجد لدى البعض منهم تاريخ عائلي لصعوبات تعلميّة، حيث يعاني المقربون من الدرجة الأولى من ظواهر شبيهة (Lerner, 1993; Levine and Reed, 1999).

تبدأ الصعوبات التعلميّة منذ الطفولة المبكرة وقد تستمر مدى الحياة. هذه الصعوبات تصيب الذكور والإناث على السواء، وتتواجد في جميع الطبقات الاجتماعية على اختلاف تنوعها، والحضارات على اختلاف تشعبها. أمّا بالنسبة لنسبة انتشار الظاهرة، تفيد الإحصائيات العالمية، أنّ نسبة الأفراد الذين يعانون من الصعوبات التعلميّة، قد تصل إلى 30%، حيث يعتمد ذلك على نوعية وشمولة ادوات وطرق التشخيص، اضافة الى القرارات المتعلقة بمدى شدة أو بساطة الإعاقة. فإذا كانت المعايير المستخدمة متشددة وتصر على اجراء جميع الفحوصات اللازمة (مثل: فحوصات طبية، وعصبية، ونفسية، وأكاديمية، ..الخ) فإنّ ذلك يقلل بشكل ملموس من نسبة المصنفين بتلك الصعوبات. ومن جهة أخرى يمكن لتلك النسبة أن ترتفع عندما يتم اختيار هؤلاء الأطفال دون اللجوء الى معايير متشددة، وعندم يتم دمج ذوي الصعوبات الطفيفة الى القائمة. اضافة الى ذلك فقد تزيد النسبة في المجتمعات النامية عنها في المجتمعات المتقدمة (Lerner, 1993).

أغلب التعريفات الأخرى تشترك بعدة نقاط هامة تتلخص على النحو التالي:

     1.    يفترض أنّ المشكلة متعلقة بالجهاز العصبي المركزي (أي أنّ الأساس بيولوجي). 

     2.    مستوى نمائي غير متساوي: أي أن الفرد يعاني من مشكلة عدم تطور القدرات الذهنية بنفس الوتيرة الطبيعية، وبالتالي قد يحدث لدينا مجموعة غير متجانسة من الاضطرابات. 

     3.    المشكلة ذاتية متعلقة في الفرد وليس في البيئة أو في طرق التعليم. 

     4.    استبعاد وجود اعاقات أخرى كمسبب للصعوبات التعلمية، مثل الاعاقات العقلية واعاقات الحواس. 

                 5.         صعوبات واضحة في القدرة على التعامل مع المهمات التعليمية المدرسية، مثل القدرات اللغوية أو القدرة على القراءة والكتابة، أو الحساب. 

     6.    وجود فجوة كبيرة بين التحصيل المدرسي والقدرات العقلية الكامنة (أي أن يكون مستوى الذكاء ملائماً لجيل 8 سنوات، ويكون أداء الطفل في مستوى عمر 6 سنوات أو الصف الأول). 

     7.    قد تحدث المشكلة في أي مرحلة من العمر وقد تستمر مدى الحياة (Lerner, 1993).

أنواع الصعوبات التعلميّة:

تنقسم الصعوبات التعلميّة الى نوعين أساسيين، وهما: الصعوبات التعلميّة التطورية، والصعوبات التعلميّة الأكاديميّة.

أ- الصعوبات التعلميّة التطورية، مكونة من ستة فروع مرتبطة بأداء الوظائف العليا للدماغ (Super function) وهي: صعوبات في الذاكرة، والادراك، واللغة، والتفكير، والاصغاء والتركيز، والمهارات الادراكية- الحركية. هذه الاعاقات هي الأساس لوظائف الدماغ، في كل ما يتعلق باكتساب الخبرات والتجارب الفكرية والانسانية والاجتماعية والحركية. والطفل الذي يفتقد لأي منه هذه الوظائف الهامة، سيعاني لاحقاً في الأداء المدرسي، وفي اكتسابه للمهارات الأساسية. ومن بين المؤشرات القوية لوجود صعوبات تعلمية في الطفولة المبكرة، الاضطرابات التطورية في قدرة الطفل على النطق واللغة. فهؤلاء الأطفال يستصعبون من السيطرة على سرعة ودقة الكلام أو تمييز الأصوات السليمة للكلام وبناء الجمل. وبعض الأطفال يعانون من اضطرابات في اللغة التعبيرية (Developmental expressive language disorders) حيث يبذلون جهداً كبيراً في التعبير عن أنفسهم وتحديد طلباتهم بلغة محكية واضحة، فنجدهم يتعثرون في الكلام، ولا يستطيعون بناء جمل لأكثر من كلمتين في عمر 4 سنوات (National Institute of Health, 1997).

ب- الصعوبات التعليمية الأكاديمية: هؤلاء الطلاب يتميزون بتأخرهم دراسياً عدة سنوات عن أبناء جيلهم في المهارات الأساسية المتعلقة بالقراءة والكتابة والحساب على النحو التالي:

× اضطرابات تطورية في القراءة، ويطلق عليها بظاهرة العسر القرائي (Dyslexia)، حيث يتميز الطالب بعجزه قدرته على تمييز الرموز المطبوعة، وفهم الكلمات والقواعد، وتمييز الأصوات وعلاقتها بالكلام، وتخزين المعلومات في الذاكرة واستخراجها في الوقت المطلوب. بشكل عام تظهر المشكلة جلية عندما يستصعب الطالب من بناء الرموز والأفكار وربطها بالمعلومات المخزنة بدماغه، فإنه بالتالي لن يستطيع تذكر أو فهم المفاهيم الجديدة (National Institute of Health, 1997).

× اضطرابات تطورية في الكتابة، ويطلق عليها بالاصطلاح عسر الكتابة (Dysgraphia). عملية الكتابة العادية تتطلب من الدماغ القيام بعمليات ذهنية مركبة في آن واحد، ومن هذه الوظائف، استرجاع المفردات من القاموس اللغوي المخزن بالدماغ، وتوظيف القواعد اللغوية، وحركات اليد والأصابع، والتنسيق ما بين اليد والعين، وتوظيف الذاكرة لتنسيق كل تلك العمليات. لذلك، قد تنشأ مشكلة الكتابة من ضعف أو عجز في أي من هذه الوظائف. فعلى سبيل المثال قد يعجز الطالب عن كتابة جملة مفيدة للبدء بالانشاء (National Institute of Health, 1997).

× اضطرابات تطورية في المهارات الحسابية، وتعرف تلك الظاهرة بمصطلح العجز الحسابي (Dyscalculia)، حيث يستصعب الفرد من فهم الاشارات والمفاهيم المجردة، والتفسيرات المنطقية للمفاهيم والرموز الرياضية، ومن صعوبة التفرقة ما بينها. وقد تظهر تلك المشاكل عند الطلاب من خلال البلبلة في اتجاهات الأرقام مثل 7، 8 أو عدم معرفة وضع المنزلة في المكان الصحيح، اضافة الى صعوبة فهم المسائل الكلامية وتحول الأرقام الى كلمات والعكس (National Institute of Health, 1997; Lerner, 1993).

المظاهر العامة لذوي الصعوبات التعلميّة: يتميز ذوو الصعوبات التعلميّة عادة، بمجموعة من السلوكيات التي تتكرر في العديد من المواقف التعليمية والاجتماعية، والتي يمكن للمعلم أو الأهل ملاحظتها بدقة عند مراقبتهم في الواقف المتنوعة والمتكررة. ومن أهم هذه الصفات ما يلي:

  1. اضطرابات في الإصغاء: تعتبر ظاهرة شرود الذهن، والعجز عن الانتباه، والميل للتشتت نحو المثيرات الخارجية، من أكثر الصفات البارزة لهؤلاء الأفراد. إذ أنّهم لا يميّزون بين المثير الرئيس والثانوي. حيث يملّ الطفل من متابعة الانتباه لنفس المثير بعد وقت قصير جداً، وعادة لا يتجاوز أكثر من عدة دقائق. فهؤلاء الأولاد يبذلون القليل من الجهد في متابعة أي أمر، أو انهم يميلون بشكل تلقائي للتوجه نحو مثيرات خارجية ممتعة بسهولة، مثل النظر عبر نافذة الصف، أو مراقبة حركات الأولاد الآخرين. بشكل عام، نجدهم يلاقون صعوبات كبيرة في التركيز بشكل دقيق في المهمات والتخطيط المسبق لكيفية إنهائها، وبسبب ذلك يلاقون صعوبات في تعلم مهارات جديدة (Mayes, Calhoun, & Crowell, 2000).

  2. الحركة الزائدة: تميّز بشكل عام الأطفال الذين يعانون من صعوبات مركبة من ضعف الاصغاء والتركيز، وكثرة النشاط، والاندفاعية، ويطلق على تلك الظاهرة باضطرابات الاصغاء والتركيز والحركة الزائدة (ADHD). وتلك الظاهرة مركبة من مجموعة صعوبات، تتعلق بالقدرة على التركيز، وبالسيطرة على الدوافع وبدرجة النشاط (Barkley, 1997). وعرِّفت حسب الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين (DSM-4: American Psychiatric Association, 1994)، كدرجات تطورية غير ملائمة من عدم الإصغاء، والاندفاعية والحركة الزائدة. عادة، تكون هذه الظاهرة قائمة بحد ذاتها كإعاقة تطورية مرتبطة بأداء الجهاز العصبي، ولكنها كثيراً ما تترافق مع الصعوبات التعلمية. وليس بالضرورة أن كل من لديه تلك الظاهرة يعاني من صعوبات تعلمية ظاهرة (Barkley, 1997).

  3. الاندفاعية والتهور: قسم من هؤلاء الأطفال يتميزون بالتسرع في اجاباتهم، وردود فعلهم، وسلوكياتهم العامة. مثلاً، قد يميل الطفل الى اللعب بالنار، أو القفز الى الشارع دون التفكير في العواقب المترتبة على ذلك. وقد يتسرع في الاجابة على أسئلة المعلم الشفوية، أو الكتابية قبل الاستماع الى السؤال أو قراءته. كما وأن البعض منهم يخطئون بالاجابة على أسئلة قد عرفوها من قبل، أو يرتجلون في اعطاء الحلول السريعة لمشاكلهم، بشكل قد يوقعهم بالخطأ، وكل هذا بسبب الاندفاعية والتهور (Levine and Reed, 1999; Lerner, 1993).

  4. صعوبات لغوية مختلفة: لدى البعض منهم صعوبات في النطق، أو في الصوت ومخارج الاصوات، أو في فهم اللغة المحكية. حيث تعتبر الدسلكسيا (صعوبات شديدة في القراءة)، وظاهرة الديسغرافيا (صعوبات شديدة في الكتابة)، من مؤشرات الاعاقات اللغوية. كما ويعد التأخر اللغوي عند الأطفال من ظواهر الصعوبات اللغوية، حيث يتأخر استخدام الطفل للكلمة الأولى لغاية عمر الثالثة بالتقريب، علماً بأن العمر الطبيعي لبداية الكلام هو في عمر السنة الأولى.

  5. صعوبات في التعبير اللفظي (الشفوي): يتحدث الطفل بجمل غير مفهومة، أو مبنية بطريقة خاطئة وغير سليمة من ناحية التركيب القواعدي. هؤلاء الأطفال يستصعبون كثيراً في التعبير اللغوي الشفوي. إذ نجدهم يتعثرون في اختيار الكلمات المناسبة، ويكررون الكثير من الكلمات، ويستخدمون جملاً متقطعة، وأحياناً دون معنى؛ عندما يطلب منهم التحدث عن تجربة معينة، أو استرجاع أحداث قصة قد سمعوها سابقا. وقد تطول قصتهم دون إعطاء الإجابة المطلوبة أو الوافية. ان العديد منهم يعانون من ظاهرة يطلق عليها بعجز التسمية (Dysnomia)، أي صعوبة في استخراج الكلمات أو إعطاء الأسماء أو الاصطلاحات الصحيحة للمعاني المطلوبة. فالأمر الذي يحصل لنا عدة مرات في اليوم الواحد، عندما نعجز عن تذكر بعض الأسماء أو الأحداث، نلاحظه يحدث عشرات، بل مئات المرات لذوي الصعوبات التعلميّة.

  6. صعوبات في الذاكرة: يوجد لدى كل فرد ثلاثة أقسام رئيسة للذاكرة، وهي الذاكرة القصيرة، والذاكرة العاملة، والذاكرة البعيدة. حيث تتفاعل تلك الأجزاء مع بعضها البعض لتخزين واستخراج المعلومات والمثيرات الخارجية عند الحاجة اليها. الأطفال الذين يعانون من صعوبات تعلميّة، عادة، يفقدون القدرة على توظيف تلك الأقسام أو بعضها بالشكل المطلوب، وبالتالي يفقدون الكثير من المعلومات؛ مما يدفع المعلم الى تكرار التعليمات والعمل على تنويع طرق عرضها (Levine and Reed, 1999; Lerner, 1993).

  7. صعوبات في التفكير: هؤلاء الأطفال يواجهون مشكلة في توظيف الاستراتيجيات الملائمة لحل المشاكل التعليمية المختلفة. فقد يقومون بتوظيف استراتيجيات بدائية وضعيفة لحل مسائل الحساب وفهم المقروء، وكذلك عند الحديث والتعبير الكتابي. ويعود جزء كبير من تلك الصعوبات الى افتقار عمليات التنظيم. لكي يتمكن الانسان من اكتساب العديد من الخبرات والتجارب، فهو بحاجة الى القيام بعملية تنظيم تلك الخبرات بطريقة ناجحة، تضمن له الحصول عليها واستخدامها عند الحاجة. ولكن الأولاد الذين يعانون من الصعوبات التعلمية وفي العديد من المواقف يستصعبون بشكل ملحوظ في تلك المهمة. إذ يستغرقهم الكثير من الوقت للبدء بحل الواجبات وإخراج الكراسات من الحقيبة، والقيام بحل مسائل حسابية متواصلة، أو ترتيب جملهم أثناء الحديث أو الكتابة (Lerner, 1993).

  8. صعوبات في فهم التعليمات: التعليمات التي تعطى لفظياً ولمرة واحدة من قبل المعلم تشكل عقبة أمام هؤلاء الطلاب، بسبب مشاكل التركيز والذاكرة. لذلك نجدهم يسألون المعلم تكراراً عن المهمات أو الأسئلة التي يوجهها للطلاب. كما وأنّ البعض منهم لا يفهمون التعليمات المطلوبة منهم كتابياً، لذا يلجؤون الى سؤال المعلم أو تنفيذ التعليمات حسب فهمهم الجزئي، أو حتى التوقف عن التنفيذ حتى يتوجه اليهم المعلم ويرشدهم فردياً (Levine and Reed, 1999).

  9. صعوبات في الإدراك العام واضطراب المفاهيم: يعني صعوبات في ادراك المفاهيم الأساسية مثل: الشكل والاتجاهات والزمان والمكان، والمفاهيم المتجانسة والمتقاربة والأشكال الهندسية الأساسية وأيام الأسبوع..الخ (Levine and Reed, 1999).

  10. صعوبات في التآزر الحسي – الحركي (Visual- Motor Coordination): عندما يبدأ الطفل برسم الأحرف أو الأشكال التي يراها بالشكل المناسب أمامه، ولكنه يفسرها بشكل عكسي، فإن ذلك يؤدي إلى كتابة غير صحيحة مثل كلمات معكوسة، أو كتابة من اليسار لليمين أو نقل أشكال بطريقة عكسية. هذا التمرين أشبه بالنظر إلى المرآة ومحاولة تقليد شكل أو القيام بنقل صورة تراها العين بالشكل المقلوب. فالعين توجه اليد نحو الشيء الذي تراه بينما يأمرها العقل بغير ذلك ويوجه اليد للاتجاه المغاير. هذه الظاهرة تميز الأطفال الذين يستصعبون في عمليات الخط والكتابة، وتنفيذ المهارات المركبة التي تتطلب تلاؤم عين-يد، مثل القص والتلوين والرسم، والمهارات الحركية والرياضية، وضعف القدرة على توظيف الأصابع أثناء متابعة العين بالشكل المطلوب (Mayes, Calhoun, & Crowell, 2000).

  11. صعوبات في العضلات الدقيقة: مسكة القلم تكون غير دقيقة وقد تكون ضعيفة، أو أنهم لا يستطيعون تنفيذ تمارين بسيطة تتطلب معالجة الأصابع.

  12. ضعف في التوازن الحركي العام: صعوبات كتلك تؤثر على مشية الطفل وحركاته في الفراغ، وتضر بقدراته في الوقوف أو المشي على خشبة التوازن، والركض بالاتجاهات الصحيحة في الملعب.

  13. اضطرابات عصبية- مركبة: مشاكل متعلقة بأداء الجهاز العصبي المركزي. وقد تظهر بعض هذه الاضطرابات في اداء الحركات العضلية الدقيقة، مثل الرسم والكتابة (Mayes, Calhoun, & Crowell, 2000).

  14. صعوبات تعلمية خاصة في القراءة، الكتابة، والحساب: تظهر تلك الصعوبات بشكل خاص في المدرسة الابتدائية، وقد ينجح الأطفال الأكثر قدرة على الذكاء والاتصال والمحادثة، في تخطي المرحلة الدنيا بنجاح نسبي، دون لفت نظر المعلمين حديثي الخبرة أو غير المتعمقين في تلك الظاهرة؛ ولكنهم سرعان ما يبدؤون بالتراجع عندما تكبر المهمات وتبدأ المسائل الكلامية في الحساب تأخذ حيزاً من المنهاج. وهنا يمكن للمعلمين غير المتمرسين ملاحظة ذلك بسهولة (Mayes, Calhoun, & Crowell, 2000).

  15. البطء الشديد في إتمام المهمات: تظهر تلك المشكلة في معظم المهمات التعليمية التي تتطلب تركيزاً متواصلاً وجهداً عضلياً وذهنياً في نفس الوقت، مثل الكتابة، وتنفيذ الواجبات البيتية.

  16. عدم ثبات السلوك: أحياناً يكون الطالب مستمتعاً ومتواصلاً في أداء المهمة، أو في التجاوب والتفاعل مع الآخرين؛ وأحياناً لا يستجيب للمتطلبات بنفس الطريقة التي ظهر بها سلوكه سابقاً (Bryan, 1997).

  17. عدم المجازفة وتجنب أداء المهام خوفا من الفشل: هذا النوع من الأطفال لا يجازف ولا يخاطر في الإجابة على أسئلة المعلم المفاجئة والجديدة. فهو يبغض المفاجآت ولا يريد أن يكون في مركز الإنتباه دون معرفة النتيجة لذلك. فمن خلال تجاربه تعلم أنّ المعلم لا يكافئه على أجوبته الصحيحة، وقد يحرجه ويوجه له اللوم أو السخرية إذا أخطأ. لذلك نجده مستمعاً أغلب الوقت أو محجباً عن المشاركة؛ لأنه لا يضمن ردة فعل المعلم أو النتيجة (Lerner, 1993; Bryan, 1997).

  18. صعوبات في تكوين علاقات اجتماعية سليمة: إنّ أي نقص في المهارات الاجتماعية للفرد قد تؤثر على جميع جوانب الحياة، بسبب عدم قدرة الفرد لأن يكون حساساً للآخرين، وأن يدرك كبقية زملائه، قراءة صورة الوضع المحيط به. لذلك نجد هؤلاء الأطفال يخفقون في بناء علاقات اجتماعية سليمة، قد تنبع من صعوباتهم في التعبير وانتقاء السلوك المناسب في الوقت الملائم..الخ (Lerner, 1993; Bryan, 1997). وقد أشارت الدراسات الى أنّ ما نسبته 34% الى 59% من الطلاب الذين يعانون من الصعوبات التعلمية، معرضون للمشاكل الاجتماعية. كما وأن هؤلاء الأفراد الذين لا يتمكنون من تكوين علاقات اجتماعية سليمة، صنِّفوا كمنعزلين، ومكتئبين، وبعضهم يميلون الى الأفكار الانتحارية (Bryan, 1997).

  19. الانسحاب المفرط: مشاكلهم الجمة في عملية التأقلم لمتطلبات المدرسة، تحبطهم بشكل كبير وقد تؤدي الى عدم رغبتهم في الظهور والاندماج مع الآخرين، فيعزفون عن المشاركة في الاجابات عن الأسئلة، أو المشاركة في النشاطات الصفية الداخلية، وأحياناً الخارجية (Lerner, 1993).

جدير بالذكر هنا، أنّ هذه الصفات لا تجتمع، بالضرورة، عند نفس الطفل، بل تشكل أهم المميزات للإضطرابات غير المتجانسة كما تم التطرق اليها بالتعريف. كما وقد تحظى الصفات التي تميز ذوو الصعوبات التعلمية، بتسميات عدة في أعمار مختلة. مثلا،ً قد يعاني الطفل من صعوبات في النطق في الطفولة المبكرة، ويطلق عليها بالتأخر اللغوي؛ بينما يطلق على المشكلة بصعوبات قرائية في المرحلة الابتدائية، وفي المرحلة الثانوية يطلق عليها بالصعوبات الكتابية (Lerner, 1993).

الأسباب التي تعود اليها ظاهرة الصعوبات التعلميّة:

إن معرفة الأسباب التي تعود اليها الصعوبات التعلميّة، تساعد في ازالة الغموض المهيمن على الظاهرة، وتسهل عملية اختيار الطرق المناسبة لمعالجتها. وهذه الأسباب- كما يصنفها الباحثون- تعود الى عدة عوامل، ومنها البيولوجية- العضوية، والعوامل الاجتماعية النفسية، والعوامل العصبية. ويمكن تلخيص أهم النقاط المتعلقة بهذه الأسباب على النحو التالي:

v أولاً: العوامل العضوية البيولوجية، والتي تعود الى تلف في أنسجة خلايا الدماغ، نتيجة لتعرض دماغ الطفل الى الأمراض، مثل التهاب السحايا، أو التسمم، أو الحصبة الألمانية، أو نقص الأكسجين أثناء الولادة. تستخدم تلك المسببات كفرضيات من قبل الأطباء لتفسير الأسباب التي تعود تلك الظاهرة اليها، ومن هنا جاءت التسمية العلمية اصابة دماغية بسيطة (Brain Damage).

v ثانياً: هنالك افتراضات لوجود علاقة جينية وراثية تتعلق بالصعوبات التعلمية، حيث أن لهؤلاء الأطفال قريب عائلي يعاني من نفس الظاهرة، وقد تم تأكيد ذلك من خلال النسبة العالية لانتشار المشكلة في أوساط التوائم، التي أجريت عليها الدراسات (Lerner, 1993; Levine and Reed, 1999 Bryan, 1997;).

v ثالثاً: المواد البيوكيماوية: حيث تشهد الحضارات الصناعية والمتقدمة في الآونة الأخيرة اهتماماً متزايداً في الدور السلبي الذي تلعبه المواد الغذائية الحافظة على اضطرابات النمو، اضافة الى مشاكل عملية التمثيل الغذائي (الخطيب، 1997).

v رابعاً: الأسباب البيئية الطبيعية: ويقصد هنا بالأسباب المتعلقة بالتعرض للمخاطر البيئية الطبيعية، كالتسمم والكحول والاشعاعات الضارة، اضافة الى التعرض للدخان على مختلف أنواعه. وهنا يجدر التنويه الى انّ المشاكل المتعلقة بأنماط التربية البيئية، مثل سوء المعاملة، وانعدام القدرة على لتعليم أو اتخاذ طرق تعليم فاشلة؛ لا تعتبر السبب المؤدي لتلك الصعوبات ولكنها كما تم التنويه في بداية المقال، تساهم بشكل كبير في تراكم وتضخم المشكلة.

v خامساً: الأسباب النمائية: أي تأخر نضج الجهاز العصبي المركزي (CNS)، حيث يؤدي ذلك الى انعدام التناسق في مراحل التطور الذهني العادية لنفس الجيل (الخطيب، 1997).


الحياة الاجتماعية لذوي الصعوبات التعلميّة:

يعاني البعض من الأطفال المعسرين تعليمياً من صعوبات في التأقلم النفسي والاجتماعي، كردة فعل للصعوبات والفشل المتواصل. كما ويعاني العديد منهم من مشاكل ناتجة من الظاهرة نفسها؛ أي أنهم يظهرون في بعض الأحيان مهارات اجتماعية وبين شخصية ضعيفة، على أثر صعوباتهم في فهم رموز الاتصالات الاجتماعية اللغوية اللفظية وغير اللفظية المألوفة بين الناس. مثلاً، عدم القدرة على تمييز تعابير الوجه، وعدم القدرة على التأقلم للمواقف الاجتماعية الجديدة، أو صعوبات في التمييز ما بين الأشياء الأساسية والفرعية، أو صعوبات في تأجيل الرغبات ..الخ.

تشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين يظهرون بعض الأنواع من الصعوبات التعلميّة، يعانون أيضاً من ضائقات اجتماعية تتمثل معظمها برفضهم من قبل زملائهم، ومن انخفاض توقعات الأهل والمعلمين منهم، وتجاهل مقدراتهم في المجالات الأخرى كالرياضة والفنون ..الخ (Bryan, 1997).

طرق تشخيص الصعوبات التعلميّة المتبعة:

تشخيص الظاهرة تبدأ في البيت منذ المراحل المبكرة بعد الولادة، وتستمر الى مراحل الروضة والمدرسة. من خلال مراقبة سلوكيات ومراحل تطور الطفل، وسرعة ردود فعله، ومن خلال توظيفه للمهارات الحركية والحواس، وقدرته على فهم اللغة والرموز الاجتماعية؛ يمكن- حينها- الشك بإمكانية وجود صعوبات تعلميّة مستقبلية. فالطفل الذي يستصعب القيام بتمارين رياضية- حركية بسيطة مثل الوثب، أو الحجل على رجل واحدة، أو المشي على خشبة التوازن، قد يدل هذا على احتمالية وجود الظاهرة. ونفس الاحتمالية قد تنطبق على الطفل الذي لا يتذكر كلمات أنشودة بسيطة في جيله، أو لا يفهم ما يقال له، أو لا يستطيع التعبير عن نفسه بكلمات واضحة، أو لا يميز التشابه والاختلاف بين الصور، وغيرها من السلوكيات المتوقعة من جيله، قد تكون من مؤشرات الصعوبات التعلميّة لاحقاً في المدرسة. كل هذه السلوكيات وغيرها يمكن ملاحظتها من قبل الأهل أو الحاضنات ورياض الأطفال، وعلى ضوء ذلك يمكن التوجه للإستشارة من قبل أخصائيين في الموضوع (Erickson, 1992).

كما وتعتبر دراسة الحالات للمعلم- وكل من له علاقة بالطلاب- كأداة تربوية قوية، من حيث قدرتها على عكس وضع الطالب واظهار أهم نقاط القوة والضعف، ونقل الصورة عن سلوكه وظروفه الاجتماعية في البيت والمدرسة. كما وأنّها تزود المعلم بفرصة دمج المهارات العلمية النابعة من النظرية والمشاهدة، مع القدرات العملية التطبيقية النابعة من التشخيص الديناميكي والتعليم. طريقة ترتيب نقاط الحالة، وبناء تسلسل النقاط العلاجية تعتمد على الفلسفة العلمية- التربوية التي يعتمد عليها المعلم، اضافة الى المهارات التشخيصية والتحليلية التي اكتسبها المشخص (Erickson, 1992).

تعرض اريكسون (Erickson, 1992) في النموذج التالي، وبهدف التوضيح، التسلسل العلمي المتبع لمناقشة حالة، بعد مرور الطالب بجميع خطوات التشخيص، على النحو التالي:

المرحلة الأولى: فعاليات ما قبل التحويل للفحص (Prereferral activities): بعد بداية الفصل الأول من العام الدراسي، يلاحظ المعلم سلوكيات طلابه، من خلال نتائج المسح الصفي الأولي، ومن خلال الملاحظات الأولى ونتائج الإمتحانات والتمارين التي تعطى للطلاب. وبناء على ذلك يتم تصنيف الطلاب الذين بحاجة لفحص أعمق ومعرفة قدراته من زوايا مهنية تخصصية أكثر. في هذه الحالة يتم الاجتماع من خلال مربي/ة الصف مع بقية المعلمين الذين يعملون مع الطالب نفسه، ويتم مناقشة وضع الطالب والاستماع الى وجهات نظر المعلمين الآخرين، وعلى ضوء ذلك يتم الخروج بتوصيات عملية لمساعدته في التغلب على بعض الصعوبات إن أمكن.

اذا باءت محاولات المعلمين بالفشل، يتم عندها تحويل الطالب- خلال مدة أيام قليلة- إلى مراحل الفحص في التربية الخاصة (Erickson, 1992).

المرحلة الثانية: عملية التحويل والتخطيط الأولي (Referral and initial planing): تبدأ هذه المرحلة بدعوة الاهل للحضور الى المدرسة بهدف مناقشة حالة ابنهم. حيث يتم ابلاغ الأهل بالتطورات والصعوبات المتعلقة بأداء وطريقة العمل مع الطالب داخل الصف (العادي). في الوقت نفسه، يقوم المعلم بتعبئة نماذج التحويل المتعلقة بالتربية الخاصة لفحص قدرات الطالب، وفق الخطوات المتبعة في المدرسة. التخطيط الأولي للطاقم متعدد التخصصات يشتمل على النقاط التالية: مشاهدة داخل الصف، ومراجعة التاريخ الصحي والفحوصات السمعية والبصرية، اجتماع مع الطالب نفسه وفحص التاريخ التطوري والتعليمي، اضافة الى قراءة أ, تنفيذ التقارير والفحوصات النفسية، وأخيراً فحص مستوى الأداء الأكاديمي الحالي للطالب (Erickson, 1992).

المرحلة الثالثة: التقييم متعدد التخصصات (Multidisciplinary evaluation): وتشتمل على الخطوات التالية:

  1. مشاهدة الطالب في الصف ومراقبة سلوكياته في المواقف العادية وتحت الظروف المتغيرة (Allison, Harris, Bernstein, & Wabor, 2000).

  2. مراجعة المعلومات الصحية والتأكد من سلامة الحواس (فحص بصر وسمع) وكذلك تنفيذ تشخيصات عصبية وطبية لفحص سلامة الحواس والجهاز العصبي المركزي.

  3. اجتماع مع الطالب

  4. الخلفية التطورية والتعليمية: اجراء تشخيصات أكاديمية لفحص المهارات التعليمية التي من المتوقع أن يكون الطالب متمكناً منها، وتشمل مهارات القراءة والكتابة والمفاهيم الحسابية اضافة الى الذاكرة البصرية والسمعية، والادراك السمعي والبصري ..الخ (Mayes, Calhoun, & Crowell, 2000).

  5. التقارير النفسية ومعايير القدرات والاستعدادات التعلميّة: اجراء فحوصات نفسية لتحديد مستوى الذكاء ولإظهار القدرات النفسية والمهارات الادراكية المختلفة الملائمة لجيل الطالب (Erickson, 1992).

  6. مستوى الأداء التعليمي الحالي ويشمل مهارات الفهم اللغوي الشفوي (مهارات الفهم والاستقبال)، وقدرات الطالب على التعبير اللغوي الشفوي (مهارات التعبير)، والقراءة وفهم المقروء، اضافة الى اللغة المكتوبة (مهارات التعبير الكتابي)، وأخيراً المهارات الحسابية والمفاهيم المجردة (Allison, Harris, Bernstein, & Wabor, 2000; Mayes, Calhoun, & Crowell, 2000 ).

التوجهات العلاجية المتوفرة لمتابعة ذوي الصعوبات التعلميّة:

تشير الأبحاث الى أن أكثر من 90% من المعسرين تعليمياً يتعلمون معظم الوقت في صفوف التربية العادية (National Joint Committee.., 1993). ولكن ومن أجل انجاح تجربة دمجهم في الأطر العادية على التربويين والمسؤولين مراعاة العوامل التالية:

     ×    حاجات هؤلاء الطلاب التعليمية والاجتماعية والانفعالية والتي على أساسها يتم تقديم البرامج التربوية- التعليمية المناسبة. 

     ×    ملاءمة الصفوف التعليمية العادية بحيث تكون مرنة الى الحد الكافي لضمان تقديم على المساعدات التربوية لهؤلاء الطلاب. 

     ×    اجراء التعديلات اللازمة، وتوفير المواد والاستراتيجيات التعليمية التخصصية لتلائم احتياجاتهم الفردية. 

     ×    بسبب تغير احتياجات هؤلاء الطلاب التعليمية النفسية والاجتماعية مع مرور الوقت، يجب اجراء تشخيصات وتقييمات مختلفة لفحص مدى ملاءمة الخدمات التي تقدم اليهم، واجراء التعديلات اللازمة بناء على هذه التغيرات. 

     ×    يعتبر التقبل الاجتماعي لهؤلاء الطلاب -من أهم العوامل التي تعمل على دعم ثقتهم بذاتهم وتقديرهم لقدراته؛ لذلك على المدرسة والهيئة التدريسية أن تكون حسّاسة لتلك النقطة وتعمل تقبلهم في الاطار التربوي على اكمل وجه. 

     ×    من أجل ضمان انجاح عملية دمج الطلاب المعسرين تعليمياً، على ادارة المدرسة بشكل خاص ملقاة مسؤولية اضفاء جو ايجابي لتقبلهم من قبل الجميع (National Joint Committee.., 1993).

إضافة الى النقاط العلاجية الهامة التي تم ذكرها أنفاً، فإن هؤلاء الأطفال الذين يعانون من صعوبات تعلميّة خاصة، يحتاجون إلى طرق علاجية متنوعة تراعي صعوباتهم التطورية المتعلقة بالإصغاء والتركيز والذاكرة والإدراك والتفكير، والتي تشكل لهم عقبات جمة في التقدم على الصعيد الأكاديمي في مراحل اكتساب مهارات القراءة والكتابة والحساب فيالمدرسة لاحقاً. وقد تشمل هذه الطرق العلاجية الخاصة ما يلي:

× تخصيص بعض الوقت للتعلم في صف تخصصي منفرد، ويطلق على هذا الصف بصف المصادر المتخصص للصعوبات التعلميّة (Specialized LD Resource Room). في هذه الطريقة يمكن مساعدتهم على التركيز بالمهمات من خلال العمل ضمن برنامج فردي مع المعلم أو مع مجموعة مصغرة.

× استخدام نموذج التعليم التعاوني (Collaborative Teaching): حيث تتعاون معلمة التربية الخاصة مع معلمة التربية العادية، وتقومان المعلمتان بالتواجد في لصف العادي، حيث تهتم المعلمة العادية بتوصيل المفاهيم لمجموع الطلاب العاديين، بينما تقوم معلمة التربية الخاصة أو معلمة الصعوبات التعلميّة بالتركيز على الأطفال ذوي الصعوبات التعلميّة، ضمن مجموعة مصغرة (Lokerson, 1992).

× نموذج الاستشارة (Consultation): في هذه الحالة تقوم معلمة التربية الخاصة بتوجيه الإرشاد والنصائح للمعلمة العادية، حول كيفية العمل مع الفئات الخاصة وبالتحديد ذوي الصعوبات التلعميّة. وقد تشمل الخدمات الاستشارية التي تقدمها معلمة التربية الخاصة، تزويد المعلمة العادية بالمراجع والوسائل التعليمية المناسبة، وتقديم الدعم والأفكار بشأن أفضل الطرق للتغلب على مشاكل الإصغاء، وطرق توظيف استراتيجيات خاصة في عملية توصيل المعلومات وضبط السلوك (Lokerson, 1992).

تلخيص

تتواجد ظاهرة الصعوبات التعلميّة بشكل طبيعي لدى جميع المجتمعات على اختلاف قدراتها الاقتصادية وتوزيعها الجغرافي، و تنتشر بين الذكور والاناث على جميع الفئات العمرية والقدرات العقلية، وقد تتجاوز نسبتهم 10%. وتشير الأبحاث إلى أنّ الظاهرة تحدث أثناء الحمل والولادة أو في فترة الطفولة المبكرة نتيجة لأسباب أولية عديدة، من بينها فقدان الأكسجين أو التعرض لأمراض عديدة، تؤثر بالأساس على أداء الدماغ والجهاز العصبي المركزي. يتميز الطلاب الذين يعانون من تلك الظاهرة بعجز قدراتهم عن الإصغاء والتركيز، وصعوباتهم في المهارات الأساسية المتعلقة بالقدرات الحركية والذاكرة والادراك وتوظيف اللغة. هذه المؤشرات التي تميزهم، تتطلب القيام بخطوات واجراءات تربوية علاجية، تشمل تعديلات عدة تركز على طرائق التدريس والتعامل مع احتياجاتهم النفسية والاجتماعية.

أخيراً، يتمتع الغالبية العظمى من هؤلاء الأطفال بقدرات عقلية متوسطة أو فوق المتوسطة، لدرجة يصل بها البعض منهم الى قمة الابداع والاختراعات؛ حيث يمكنهم القيام بالكثير من المهارات التي يعجز عنها الفرد العادي أو المتفوقون تعليمياً في المدرسة. لذا فإن العناية التربوية السليمة بهم تساهم في ابراز قدراتهم الحقيقة الدفينة، وتضعهم في مراتبهم الطبيعية في المجتمع.